أرسلت بريطانيا المئات من ضباط أمنها واستخباراتها إلى تونس لمعاونة السلطات التونسية في جلاء ملابسات الهجوم الإرهابي الذي حصل في سوسة.

بيروت: تقول هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) إن التحقيق في هجوم سوسة بتونس واحد من أكبر التحقيقات في مكافحة الإرهاب ببريطانيا منذ عقود.

فقبل أسبوع من الذكرى العاشرة للهجمات التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن في 7 تموز (يوليو) قبل عشر سنوات، أطلقت شرطة العاصمة البريطانية عملية موسعة تهدف إلى الوقوف على ملابسات الحادث في تونس، ودعم الأسر ومساعدة الجانب التونسي في متابعة التحقيقات.

مئات الضباط

فقد جرى تكليف 600 ضابط وموظف في عملية التحقيق، نظرًا لحجم الهجوم وطبيعته الدولية. وفي بريطانيا، التقى نحو 380 شخصًا السائحين البريطانيين في المطارات لجمع الأدلة. ويوم السبت التقت الشرطة المسافرين العائدين على 27 رحلة جوية.

ويحتاج رجال المباحث نسخًا من أي صور أو لقطات فيديو التقطتها كاميرات المسافرين وهواتفهم المحمولة التي لا تسجل الهجوم فحسب، بل من الممكن تسجيلها مشاهد أخرى ربما تساعد في التعرف على الأسباب التي دعت سيف الدين رزقي إلى فتح النيران وتنفيذ الهجوم.

ويرغب رجال المباحث في رسم صورة ممكنة لما حدث، وهم يناشدون جميع من كانوا في سوسة بتونس في وقت حدوث الهجوم للتواصل معهم. وسيجري استجواب الكثير من منظمي العطلات العائدين للإدلاء بشهادتهم. وباستثناء جمع الأدلة الأساسية، يجري نحو 60 مسؤولاً اتصالات مع أقارب الضحايا في شتى أرجاء بريطانيا لشرح كيفية سير عملية التحقيقات، إذا اقتضى الأمر، ومساعدتهم في الحصول على الدعم المهني مثل الاستشارات.

وبحسب بي بي سي، بعد ساعات من حدوث الهجوم، أرسلت شرطة سكوتلانديارد البريطانية 16 مسؤولاً إلى تونس، بينهم كبير مسؤولي مكافحة الإرهاب وخبير في الطب الشرعي إلى جانب موظفي ارتباط مع عوائل الضحايا. ويحظى الفريق بتعزيزات لأداء مهامه.

وتعتبر اللحظات الأولى صعبة ومهمة شاقة، عند حدوث أي كارثة، نظرًا لأن الأسر تنتظر معلومات تتعلق بذويهم. وإذا استطاعت السلطات التونسية تحديد هوية أحد الضحايا، وكان بريطانيًا، ربما يستدعون فريقًا بريطانيًا لتتبع تحاليل الحمض النووي من أقارب الضحايا لمساعدتهم في عملية تحديد الهوية.

لديه أعوان

قال محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، إن السلطات متأكدة من أن للرزقي أعوانًا، قدموا له السلاح وساعدوه في الوصول إلى مسرح الجريمة.

وستحتاج الشرطة البريطانية إلى معرفة المزيد من الاستخبارات المحلية: فما هي المعلومات السابقة عن المسلح؟ وما المعلومات التي تعرفها الأجهزة التونسية عن شبكته؟ وأين وكيف جهز الرزقي لتنفيذ عمليته؟ وهل تساعد هذه المعلومات الاستخبارات في الحيلولة دون وقوع أي هجمات محتملة أخرى داخل البلاد، أو رصدها على الأرجح؟

وبعيدًا عن أولويات التحقيق الراهنة، ستراجع السلطات التونسية بعد تنفيذ هجومين إرهابيين خلال أشهر قدراتها الأمنية في منتجعاتها السياحية، ويساعدهم في ذلك ستة مسؤولين بريطانيين حاليًا. وقال بعض منظمي العطلات إن حرس الأمن ينتشرون بأعداد قليلة للغاية وتميل الشرطة إلى التجمع في الأماكن الرئيسية.

وتوجهت وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي إلى تونس الاثنين لتقديم خبرات وزارتها والدعم للحكومة. ففي أعقاب هجمات 7 تموز (يوليو) في لندن قبل عشر سنوات، بدأ مسؤولون بريطانيون معنيون بالتخطيط لمكافحة الإرهاب عمليات تحليل واستعداد لأي سيناريو، بغية الحد من حدوث أي خطر ينتج عن كارثة أخرى قد يفضي إلى خسائر في الأرواح.

مراجعة أمنية

تقول بي بي سي إن تخطيط مناطق في شوارع لندن والمناطق العامة الرئيسية قد أعيد تخطيطها لمنع حدوث هجمات بسيارات مفخخة. كما نشرت السلطات فرق الشرطة المسلحة واطمأنت لوجود شبكة أمنية واسعة النطاق تغطي المدينة لتقليل الفترة الزمنية اللازمة للوصول إلى حادث مهم، وتقليل احتمالات انطلاق مسلح دون اعتراضه لفترة طويلة.

ويتبع العديد من الدول النهج نفسه، فالأردن على سبيل المثال لديه وجود أمني مستمر وكبير حول مناطق الجذب السياحية الشهيرة، حيث تتمركز الشرطة عند نقاط معينة لضمان توفير الطمأنينة للزائرين في ظل حماية أمنية كبيرة.

وتنشر الحكومة البريطانية نصائح بشأن كيفية حماية المناطق المزدحمة، كما تشكل بصفة دورية اللجان المعنية بالبحث العلمي، فضلاً عن إجراء محاكاة حية لمساعدة أجهزة الطوارئ في تحسين مهاراتها.
لكن العمل يبدأ بمعرفة ما حدث في سوسة بالضبط، على أمل استفادة البلدين من الدروس التي تساعد مدنًا أخرى في شتى أرجاء العالم في عمليات الاستعداد لمواجهة حوادث أسوأ.