يخاف تجار سوسة التونسية على تجارتهم في الموسم السياحي، الذي انضرب من أوله بحادث فندق ريو امبريال مرحبا.

إيلاف - متابعة: في أحد محلات النحاس التقليدي بالمدينة العتيقة بولاية سوسة (وسط شرق)، يتصفح التاجر علي السلطاني جريدة بحثًا عن تفاصيل الهجوم الذي استهدف الجمعة فندقًا مجاورًا في منطقة القنطاوي السياحية، اسفر عن مقتل 38 شخصًا معظمهم سياح أجانب. قال السلطاني بمرارة: "لم يعد هناك أمل. انها ضربة قاتلة للسياحية".

صدمة كبيرة

يوم الجمعة، تسلل شاب تونسي تظاهر أنه مصطاف إلى شاطئ فندق "ريو امبريال مرحبا" وأخرج رشاش كلاشنيكوف كان يخفيه تحت مظلة وفتح النار على المصطافين، بحسب السلطات التي قالت انه دخل الفندق وواصل اطلاق النار على السياح وأن الشرطة قتلته خارج الفندق عندما همّ بالمغادرة.

ومنفذ الهجوم طالب في جامعة القيروان (وسط شرق) يدعى سيف الدين الرزقي (23 عامًا) ويتحدر من مدينة قعفور من ولاية سليانة (شمال غرب)، بحسب ما اعلن رئيس الحكومة الحبيب الصيد. وخلف الهجوم الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف صدمة كبيرة لدى التونسيين، ومخاوف في ولاية سوسة السياحية من سنوات عجاف للقطاع السياحي الحيوي للمنطقة والبلاد. وعلق السلطاني: "ما زلت لم استوعب بعد ما حصل أمس، إنها كارثة، لا أمل لسنوات عديدة".

لسنا معتادين

صرح تاجر النحاس كمال بن صادق: "فقدت نكهة العمل. منذ امس ننظر نحن التجار إلى بعضنا البعض من دون القدرة على فعل شيء. لسنا معتادين على هذه المجازر".

وفي 18 مارس (آذار) الماضي، تعرض متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس لهجوم دموي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية واسفر عن مقتل 22 شخصًا هم رجل امن تونسي و21 سائحًا اجنبيًا.

ونفذ الهجوم التونسيان ياسين العبيدي (27 عامًا) وجابر الخشناوي (21 عامًا)، اللذان أطلقا النار من رشاشيْ كلاشنيكوف على سياح عند نزولهم من حافلتين أمام متحف باردو ثم طارداهم داخل المتحف، قبل أن تتدخل الشرطة وتقتلهما. وقالت علياء التي تقطن في مدينة سوسة: "انه أمر مؤلم كثيرًا. كنا نضمد جراح باردو وإذا بنا نتلقى ضربة أخرى أقوى".

فوضى الثورة

عبر عديدون عن تفهمهم لعدم امكان عودة السياح إلى تونس لبعض الوقت. وقال التاجر عماد التريكي: "لو كنت مكانهم لما وطأت تونس مجددًا في موسم الصيف، امر طبيعي أن يغادروا بسرعة البلاد بعد هذه الكارثة. هل جاؤوا لقضاء عطلة ام ليموتوا؟".

ورأى التريكي أن ما يحصل في تونس نتيجة لحالة الفوضى في كل القطاعات منذ الثورة التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واضاف بمرارة: "يكفي أن نشاهد سلوك الناس على الطرق، ورجال السياسة في التلفزيونات والموظفين في الادارات لنلاحظ أن لا شيء يعمل في البلاد، لا الأمن ولا الاقتصاد ولا السياسة".

وأكد أن عشرات السياح كانوا يزورون محله يوميًا، "لكن منذ امس الجمعة، المحل كصحراء مقفرة". وقال: "ليس التونسيون من سينقذون الموسم السياحي، والسياح سيعزفون عن المجيء الينا لفترة طويلة".

باقية

صباح السبت، زار عدد قليل من السياح محلات مدينة سوسة العتيقة. وقالت سائحة بريطانية يرافقها زوجها: "بقي لي ثلاثة ايام سأقضيها في تونس، وقد قررت من باب الاحتياط عدم الذهاب إلى البحر، لكني اريد إكمال عطلتي هنا رغم الاتصالات الهاتفية وضغوط عائلتي التي طلبت مني العودة".

وعلى الرغم من هجوم الجمعة، واصل عشرات التونسيين السبت الاصطياف على شاطئ منطقة القنطاوي السياحية. ولم يكن بينهم أي سائح اجنبي. وقال سالم الذي يعمل في فندق قريب من مكان المجزرة "قليل (من السياح الموجودين) بقوا في الفندق ولا يريدون الخروج إلا للذهاب إلى المطار".

ضربة موجعة

ومنذ الجمعة، شرعت شركات سياحية في اجلاء عملائها من تونس مثل البلجيكية "جيت إير" التي اعلنت انها ستجلي بحلول مساء اليوم 2000 شخص إلى بلجيكا. اما شركة السياحة تومسون، فأعلنت ارسال عشر طائرات إلى تونس لاعادة نحو 2500 سائح بريطاني، والغاء جميع الرحلات إلى هذا البلد الاسبوع المقبل.

السياحة احد اعمدة الاقتصاد في تونس، تشغل 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وتساهم بنسبة 7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وتحقق بين 18 و20 في المئة من عائدات تونس السنوية من العملات الاجنبية.

الجمعة، وصف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الهجوم بأنه "ضربة موجعة" لاقتصاد بلاده، فيما اعتبرته وزيرة السياحة سلوى الرقيق "كارثة" على السياحة.