&
في عملية جراحية، وصفت بأنها الأولى من نوعها في العالم، تم زرع عين الكترونية (بيونية) لرجل بريطاني فقد نظره بسبب تنكس البقعة، وأعانته في استعادة ضوء عينيه. وفي مطلع يوليو الجاري، حقق النمساويون انجازاً مماثلاً مع مريضة تعاني من عدم النظر بسبب تنكس الشبكية ما حول البقعة (التنكس الصباغي).&
&

&
يعاني نحو 4,5 ملايين ألماني من تنكس البقعة الناجم عن تقدم السن أو بسبب أمراض التهاب المفاصل والسكري، وهي من أشهر أمراض العين على الاطلاق. ولايقل عدد الذين يبلغون مرحلة فقدان النظر بسبب تنكس البقعة عن مليون في ألمانيا، وعن 30 مليوناً على مستوى العالم.
&
الأمل في استعادة ضوء العين، توفره تقنيات جديدة تمزج الأنسجة البشرية والالكترونية (التقنية البيونية)، والمحتمل انها استمدت من التقنية الفضائية، إلى داخل الجهاز الأكثر حساسية في جسم الإنسان (العين). أجريت هذه العملية لأول مرة للبريطاني راي فلين (80 سنة) الذي يعاني من تنكس البقعة المتعلق بتقدم السن في مانشستر رويال آي هوسبيتال.&
وواقع الحال ان عملية زرع العين البيونية في عين فلين تمت في مطلع يونيو الماضي إلا أن تشغيلها تم في مطلع يوليو الجاري. وتمكن الرجل الثمانيني، لأول مرة منذ عقدين، من تمييز الخطوط الخارجية من ملامح الأشخاص الذين يواجههم. وهذا يعني أيضاً انه يستطيع تمييز الأبواب ومعالم الشوارع والبيوت، ومن ثم التمتع بناظرية، وبنوع من الحرية الشخصية في التنقل من دون مساعدة.
أجرى العملية البروفيسور باولو ستانغا المحاضر في جامعة مانشستر بجراحة العيون وأمراض الشبكية، ودامت العملية الجراحية نحو أربع ساعات. وعبر ستانغا عن أهمية ما حققه بالقول إن النوع الجاف من تنكس البقعة هو الأكثر شيوعاً بين كبار السن في الغرب، وكان يعتبر عصياً على العلاج حتى الآن. ويعاني أكثر من نصف مليون إنسان، في بريطانيا وحدها، من هذا النوع من فقدان النظر. ووصف البروفيسور قدرة راي فلين على الرؤية" باللافتة للنظر"، لأنه يستطيع تحديد الملامح الخارجية للأشخاص والأشياء.
&
ارغوس2
تحمل العين البيونية اسم ارغوس 2 وهي من إنتاج شركة"سيكوند سايت"(الرؤية الثانية) الاميركية، وخصصت أساساً لمعالجة حالات التهاب الشبكية الصباغي، وتعمل بواسطة كاميرا منمنمة تحتوي على عدة عدسات ووحدة معالجة فيديوية تعمل بدورها بواسطة مرسل(أريل) مثبت في العين المريضة. وهكذا تلتقط العدسات أقل ضوء منعكس عن الأشياء والأشخاص وترسله إلى وحدة العلاج الفيديوية التي تحولها إلى المرسل المثبت في العين. يتولى المرسل لاسلكياً ايصال الايعازات الضوئية إلى المتبقي الحي من خلايا الشبكية، وتنتج عن العملية سلسلة من الأشكال المنطبقة التي تلتقطها العين.
وكان فلين دائم الشكوى من اضطراره إلى الجلوس قريباً جداً من التلفزيون لمشاهدته، ومن اضطراره إلى التوقف عن الذهاب لرؤية فريقه مانشستر يونايتد يلعب كرة القدم، لأنه لا يمكنه أن يعرف حقيقة ما يحدث في الملعب. و قال فلين لموقع بي بي سي يوم الجراحة إنه احتفظ برؤيته الطرفية، لكن الرؤية المركزية قد اختفت. أضاف: "أنا غير قادر على كتابة أرقام بطاقتي عند الدفع في المتجر أو في البنك، ورغم أنني كنت بستانيًا حاذقًا، لا أستطيع اليوم التفريق بين الأعشاب الضارة والزهور". وكل هذا تغيّر بعد عملية دامت أربع ساعات فقط بعد 20 سنة من انعدام النظر.
&
التنكس البقعي
والتنكس البقعي المتعلق بتقدم السن (Age - related Macular Degeneration - AMD) أكثر أنواع فقدان النظر بسبب تقدم السن (بعد سن الخمسين) شيوعاً في العالم الغربي. وتقدر السلطات الصحية في الولايات المتحدة &إصابة نحو 8 ملايين اميركي بهذا النوع من العمى مع حلول العام 2020. وفضلاً عن عامل السن، وهو العامل الأساسي، هناك علاقة للمرض بالتاريخ الوراثي للعائلة، كما تعتبر أمراض السكري والتهاب المفاصل، من الأمراض التي ترفع مخاطر الإصابة بالمرض.&
والبقعة (Macula) هي المنطقة المسؤولة عن الرؤية المركزية في شبكية العين، ومسؤولة عن دقة الرؤية عند تنفيذ العديد من المهمات البصرية التي تمتد بين القراءة وقيادة السيارات وتحديد ملامح الوجوه. وهناك في البقعة مركز يسمى النقرة (Fovea).
ويعرف الطب نوعين من التنكس البقعي المتعلق بالسن، أولهما هو النوع الوعائي (أو الجاف) ، وثانيهما هو النوع الرطب. وتشير العديد من المصادر الطبية إلى أن النوع الرطب يشكل 10% - 20% من مجموع الإصابات. وهي الحالة الأكثر خطراً لأنها تؤدي إلى فقدان النظر في 90% من حالات التنكس البقعي المتعلق بالسن. يتميز النوع الجاف بظهور براريق شفافة (Drusen) صفراء في منطقة البقعة المتواجدة في أسفل العين.&
&
تيليسكوب مصغر&
نجح الباحثون الألمان من معهد ماكس بلانك، بالتعاون مع الباحثين الأميركيين من جامعة واشنطن، باستخدام مجهر بيولوجي خاص، في رصد كيفية عمل شبكية العين وكيفية تطويرها للصور. وأتاحت التجربة للعلماء لأول مرة النظر بعمق الى آلية عمل الشبكية وكيفية إعدادها للصور والألوان وإرسال الايعازات الى الدماغ. وعلى غرار هذا المجهر البيولوجي تم تطوير أول تيليسكوب منمنم لعلاج حالات تنكس البقعة واعتلال الشكبية.
بعدها نجح العلماء الاميركيون في نقل تقنية سبر غور الفضاء بواسطة التيليسكوبات الضخمة إلى ميدان الطب، ولكن بشكل معكوس. إذ طور العلماء تيليسكوباً مصغراً يمكن زرعه في عيون المكفوفين ليكبر الصور الضوئية التي تقع بالقرب من بقعة الشبكية ( الماكيولا).
وذكر العالم هنري هدسون، الذي عمل على تطوير وتجربة الجهاز على المرضى لصالح شركة "سيكوند سايت"، أن "الميني تيليسكوب &ملائم تماماً للمكفوفين بسبب تنكس البقعة. ويقوم التيليسكوب، الذي يزرع محل عدسة العين، بتكبير الضوء الساقط بالقرب من بقعة الشبكية ومنح المرضى فرصة أكبر لرؤية الأجسام.&
وتم تجريب التيليسكوب المنمنم على اكثر من 200 مكفوف في الولايات المتحدة في إطار المرحلة التجريبية التي دامت سنتين. وثبت أن الاستفادة من التيليسكوب لتحسين فرص النظر لا تتم إلا بعد عملية تمرين طويلة. إذ ينبغي أن يتعلم الدماغ التوفيق بين الصور المكبرة التي يرسلها التيليسكوب إليه من عين واحدة، هي العين التي زرع الجهاز فيها.
وأكد هدسون أن عملية زرع التيليسكوب المصغر محل عدسة العين لا يعني "الشفاء" &من العمى، وأنه ليس اكثر من طريقة لاستعادة جزء من القدرة على النظر.
&
شريحة الكترونية تعوض عن الشبكية
في فيينا، أعلن معهد رودولف الطبي، عن نجاح الجراحين النمساويين، في اعادة النظر إلى مريضة تعاني من تنكس الشبكية المحيطة بالبقعة ( تنكس الشبكية الصباغي). وزرع الجراحون، في عملية دامت أكثر من ثلاث ساعات، شريحة إلكترونية غاية في الدقة على شبكية العين المريضة، واتاحوا للمريضة هيلدغراد مونشاين (54 سنة) رؤية الملامح الخارجية للأشكال لأول مرة منذ 30 سنة طويلة.
وقال كرسيتوف ميرو، المتحدث باسم اتحاد المستشفيات النمساوية، إن النظام الشبكي الالكتروني المزروع باشر عمله، وان المريضة لم تتعرض إلى أية مضاعفات، وانها استطاعت تمييز الأشكال والملامح بسهولة. علماً ان العملية تمت أيضاً، كما في مانشستر، &قبل اسبوعين من موعد الإعلان عن نجاحها.
وذكرت زوزانة بندر، رئيسة قسم العيون في معهد رودولف، ان نظام "العين البيونية" النمساوي يعمل باستخدام نظارة جرى فيها دمج وحدة تصوير فيديوي ترسل الصور إلى الشريحة الإلكترونية المزروعة على شبكية العين. وتعمل الشريحة الإلكترونية، بواسطة قطبين، على تحفيز الخلايا الحية المتبقية في الشبكية لاستقبال الصور المرسلة إليها من النظارة، ثم تعيد إرسال الصور بشكل ايعاز كهربائي عبر عصب النظر إلى الدماغ. وهكذا تمكنت المريضة من تحديد ملامح الأشكال التي تواجهها.
&
وحددت بندر صلاحية هذه العملية، في الوقت الحالي، بالمرضى الذين اصيبوا بالعمى بسبب تنكس خلايا الشبكية المحيطية. وقالت ان الهدف هو تمكين المصابين بهذا النوع من فقدان النظر من رؤية الاشكال الخارجية للأشياء بهدف تحسين حياتهم. وترى بندر أن الجيل الحالي من الشرائح مصمم لمساعدة المرضى على الرؤية بدقة تزيد عن 0,05، وهي درجة تكفيهم لتمييز الأشياء في محيطهم والتحرك بمفردهم في محيط غريب دون الحاجة لمساعدة أحد. ويعكف خبراء المعهد على تطوير قدرات الشرائح بمساعدة جراحي العيون النمساويين.&
تتألف الرقاقة من شريحة الكترونية من أكثر من 1500 حقل إلكتروني يحتوي كل منها على خليتين ضوئيتين تعوضان عن "مخاريط" و"نبابيت" الشبكية. وزود المصممون الرقاقة بقطب محفز، يمكن تحفيزه من الخارج، وبجهاز يتولى تكبير الإيعازات قبل ارسالها إلى الدماغ.&
&
والنظام في فيينا يسمى"عين ارغوس 2" والعلاقة واضحة بالشركة الاميركية Second Sight التي انتجت هذا النوع من أنظمة النظر لجامعة مانشستر. وعبرت مونشاين عن معرفتها بفترة تمرين طويلة للعين كي تتعود على النظر، وكي يتمرن الدماغ على الرؤية بعين واحدة. واضافت انها تشاهد الآن بالأسود والأبيض فقط، وكانت كفيفة طوال 30 سنة، وهذا يعني ان بوسعها أن تنتظر ثلاثين اسبوعاً من التمرين بصبر.
اختار معهد رودولف 4 مرضى، من أصل 150 مريضاً يعانون من تنكس الشبكية الصباغي، لإجراء نفس العملية في المستقبل. والسبب يتعلق بمدى الخراب الذي أصاب شبكية العين، إذ يمتلك الحظ في الرؤية مجدداً المريض الذي ما زالت الشبكية في عينه تحتفظ بنسبة 30% من الخلايا الحية.
&
&
&