دمشق: اكد الرئيس السوري بشار الاسد الاحد ان الجيش قادر على الانتصار في النزاع الذي يخوضه منذ اكثر من اربع سنوات، على الرغم من النقص في الامكانيات البشرية لديه.

كما جدد الاسد في كلمة القاها امام رؤساء واعضاء المنظمات الشعبية والمهنية في قصر الشعب وبثها التلفزيون السوري مباشرة، التأكيد على ان اي مسار سياسي لا يضمن "محاربة الارهاب" لحل الازمة المستمرة للسنة الخامسة "لا فرصة له ليرى النور".

وبالرغم من تاكيد الاسد ان "كل شيء متوافر" في الجيش، الا انه اقر بوجود "نقص في الطاقة البشرية"، مشيرا في الوقت نفسه الى ان نسبة الالتحاق في الجيش ازدادت خلال الشهرين الماضيين. لكنه أوضح ان "العقبة التي تقف في وجه القوات ليست مرتبطة بالتخطيط، ولكن لدينا مشكلة بالتعب"، مضيفا "من الطبيعي ان يتعب الجيش، ولكن التعب شيء والهزيمة شي اخر".

واعتبر الاسد انه "ليس من جيش في العالم يقاتل لاربع سنوات ونيف اكثر من مئة دولة على ارض، ولا يتعب، لكن تعب الجيش لا يعني ابدا ان الانهزام مفردة في قاموسه". واكد وسط عاصفة من التصفيق "امتلاك الارادة والثقة بالانتصار" مضيفا "لا يوجد انهيار وسنصمد وسنحقق الانتصار".

وتشهد القوات النظامية التي تقاتل منذ اكثر من اربع سنوات فصائل معارضة وجهادية عدة على جبهات عديدة على امتداد الاراضي السورية نقصا في عديد افرادها واطلقت في بداية تموز/يوليو حملة اعلانية لحث المواطنين على الالتحاق بالجيش. وقال الاسد "يوجد التحاق وازداد الالتحاق بالاشهر الماضية... لا بد من ان نقوم بخطوات محددة لنصل الى فكرة الاستكمال لتصل الى مستوى هذه المهام العاجلة".

واصدر الاسد السبت عفوا عن المنشقين من الجيش السوري من الذين لم& يشاركوا في العمليات العسكرية، الا انه لم يشمل الفارين الذين انتقلوا الى صفوف "العدو" او الذين ارتكبوا عصيانا او غيرها من الجرائم. واشار الاسد خلال كلمته الى ان العفو "يهدف الى تشجيع المتخلفين على الالتحاق بالجيش".

وعزا الاسد انسحاب قواته من بعض المناطق خلال الاشهر الماضية الى ان "الدول الداعمة للإرهابيين، كثفت دعمها لهم أخيرا، بشرياً وعسكرياً ولوجستياً واستخباراتياً، وفي بعض الأماكن تدخلت بشكل مباشر كما حصل في إدلب من قبل الأتراك لدعمهم.. كل ذلك أدى في الفترة السابقة لأن يتمكن الإرهابيون من السيطرة على بعض المناطق".

واوضح ان "قواتنا المسلحة – وأي قوات مسلحة في العالم – لا يمكن لها أن تتواجد في كل بقعة على امتداد الوطن".

وقال "عندما نريد ان نركز القوات في منطقة مهمة نقوم بعملية حشد للعتاد والمقاتلين لكن هذا الشيء يكون على حساب اماكن اخرى (...) احيانا قد نضطر في بعض الظروف على ان نتخلى عن مناطق من اجل نقل تلك القوات الى المنطقة التي نريد ان نتمسك بها". وحقق مقاتلو المعارضة تقدما في عدد من المناطق التي يسيطر عليها النظام في الاشهر الماضية وخاصة في ادلب (شمال غرب) وفي جنوب البلاد.

واشار الى ان "مسار الأعمال القتالية يتحرك صعوداً وهبوطاً، وهذا هو الوضع الطبيعي في الحروب عامة، وفي الحرب التي نخوضها اليوم بشكل خاص". وقال انه في "بعض المناطق حمل أهلها السلاح مع الجيش وهذا كان له تأثير في حسم المعارك بسرعة وبأقل الخسائر (...) الحرب ليست حرب القوات المسلحة فقط بل حرب كل الوطن". كما اشار الاسد الى الدعم "الاقتصادي والعسكري والسياسي" الذي قدمته حليفته التقليدية ايران "فساهمت في تعزيز صمود شعبنا ومناعته".

وفتحت ايران خطوط ائتمان بقيمة 4،6 مليارات دولار خصص اغلبها للتزود بالمشتقات النفطية التي تعاني سوريا من نقص حاد فيها مع سيطرة خصومها من الجهاديين والمقاتلين الاكراد والمعارضين تدريجيا على الجزء الاكبر من حقول البترول والغاز ومناجم الفوسفات في البلاد والتي كانت تشكل عائداتها مصدرا مهما لايرادات الخزينة السورية. كما عبّر عن امتنانه لقوات حزب الله اللبناني الذين "قاتلوا معنا وقدموا أقصى ما يستطيعون.. وصولاً الى الشهداء الذين امتزج دمهم مع دم اخوانهم في الجيش والقوات المسلحة".

وللمرة الأولى، اقر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في نيسان/ابريل 2013 بمشاركة عناصر حزبه في القتال الى جانب قوات النظام في سوريا، بعدما كان يبرر تدخله سابقا بحماية المقامات الدينية او الحدود اللبنانية.

واستكمل مقاتلو حزب الله والقوات النظامية في نيسان/ابريل، عملية عسكرية واسعة في منطقة القلمون طردوا خلالها مقاتلي المعارضة منها. الا ان المئات من المقاتلين تحصنوا في مناطق جبلية على الحدود.

لكن حزب الله شن عملية عملية جديدة الشهر الماضي نجح خلالها في ابعادهم عن الحدود، كما شن مع الجيش السوري هجوما عنيفا على مدينة الزبداني التي تعد امتداد لمنطقة القلمون ترافق مع قصف جوي كثيف بالصواريخ والبراميل المتفجرة تمكنوا على اثرها من دخول اجزاء بسيطة من المدينة التي تسيطر عليها المعارضة منذ اواخر 2013.

واعتبر الاسد ان عناصر حزب الله "كان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق انجازات في أكثر من مكان هذا الكلام معروف لانهم يمتلكون الخبرة والتمرس المفيدين لنا في هذا النوع من الحروب". وتشرف الزبداني على الطريق العام بين دمشق وبيروت. وتعتبر استراتيجية لحزب الله اكثر منها لمقاتلي المعارضة المحاصرين منذ اكثر من سنتين فيها. ومن شأن سيطرة الحزب عليها ان تسهل تنقلاته وامداداته بين سوريا ولبنان.

كما جدد الاسد تمسك بلاده "بمكافحة الارهاب" كمدخل للمسار السياسي لحل الازمة. وقال "ليس هناك حل سياسي حقيقي أو مبادرات جادة إن لم تكن مترافقة ومتزامنة مع القضاء على الإرهاب، عندها سيكون الحوار سورياً بامتياز، بعيداً عن الابتزاز و الإملاء". وقال "اي طرح سياسي لا يستند في جوهره الى القضاء على الارهاب لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور".

ونبه الاسد الى مشروع تقسيم البلاد قائلا "بالتوازي مع الحرب العسكرية، كنا نخوض حرباً إعلامية نفسية، تهدف لتسويق وترسيخ فكرة سورية المقسمة إلى كيانات موزعة جغرافيا بين موالاة ومعارضة وكائنات طائفية وعرقية، معززين هذه الفكرة من خلال استخدام مصطلح الحرب الأهلية". ودعا السوريين الى البقاء "متمسكين بمفرداتنا الوطنية الجامعة الموحدة، بعيدا عن كياناتهم الافتراضية وهوياتهم الفرعية التي تريد استبدال سوريا الوطن الواحد بسوريا الأوطان، واستبدال المجتمع المتماسك المتجانس، بمجتمعات منقسمة مريضة طائفية وعرقية".

ادى النزاع السوري الذي بدأ بحركة احتجاجية شعبية سلمية ضد النظام السوري في اذار/مارس 2011 الى مقتل 230 الف شخص ثلثهم تقريبا من القوات النظامية والمقاتلين الموالين لها، بحسب حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
&