رأت غالبية من قراء إيلاف أن اتفاق فيينا النووي مع إيران لن يساهم في حلحلة عقد الشرق الأوسط، بل سيزيدها تعقيدًا، لأنه يطلق يد طهران في المنطقة، كي تعربد على هواها، لكن هذه المرة بضوء أخضر أميركي-غربي.

القاهرة: بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات، توصلت إيران ومجموعة الدول الكبرى التي تعرف ب"5+1" إلى اتفاق يسمح لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، بما يمكنها من الإنضمام إلى النادي النووي.

أغلبية مع التعقيد

أثار الإتفاق قلق الدول العربية، في ظل توسيع إيران نفوذها وتدخلها المباشر في سوريا والعراق ولبنان واليمن، عبر تنظيمات موالية لها، ذات صبغة طائفية شيعية، فضلًا عن تهديدها الأمن القومي لدول الخليج العربي.

ورغم أن أميركا ودول أوروبا ودوائر إعلامية في الدول العربية تحاول الترويج لمزاعم تقول إن الإتفاق لن يضر أحدًا، إلا أن قراء "إيلاف" يتوقعون أن يعقّد الإتفاق النووي مشاكل المنطقة العربية، التي تعاني أزمات طاحنة تهدد بتلاشي دول كاملة من الخريطة.

وأشركت إيلاف قراءها في الجدل الدائر حول هذه القضية، وطرحت عليهم السؤال التالي: الإتفاق النووي الإيراني يعقد مشاكل المنطقة أم يسهم في حلها؟

تفاعل 1246 قارئًا مع الإستفتاء، فرأى 770 قارئًا، بنسبة 62%، أن الإتفاق بين إيران والدول الكبرى يعقّد مشاكل المنطقة، بينما مالت الأقلية إلى التفاؤل متوقعة أن يساهم الإتفاق في حل أزمات المنطقة العربية. وهذا كان رأي 467 قارئًا، بنسبة 38% من إجمالي المشاركين في الإستفتاء.

عربدة بضوء أخضر

تشعر الدول العربية بمخاوف حقيقية من تصاعد النفوذ الإيراني، الذي تسبب بإسقاط أربع دول وشحن أهلها طائفيًا ومذهبيًا، وإغراقها في الحروب الأهلية.

ويرى الساسة والعامة في الدول العربية أن هذا الإتفاق يمثل "ضوءًا أخضر" لإيران لتستمر في "العربدة" على حساب العرب. وقال الدكتور حسن نافعة، الخبير السياسي، لـ"إيلاف" إن الإتفاق يمثل منعطفًا خطيرًا في العلاقات بين دول المنطقة، ويعلي من دور ونفوذ إيران في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الأزمة الحقيقية ليست في تصاعد النفوذ الإيراني والدعم الغربي له، بل في الضعف العربي الواضح.

وأضاف: "الدول العربية تعاني أزمات سياسية واقتصادية ومجتمعية خطيرة تهدد كياناتها، والبيت العربي يحتاج إلى إعادة ترتيب من الداخل، من أجل مواجهة النفوذ الإيراني، وتقديم بديل إقليمي قوي، وهذا الاتفاق لن يساهم في حل مشاكل المنطقة، بل سيصعد من وتيرة الأزمات ويزيدها تعقيدًا، ويدخل المنطقة في سباق تسلح نووي".

بين فكي كماشة نووية

وفقًا للسفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن الاتفاق يفتح المجال واسعًا أمام سباق التسلح النووي في المنطقة العربية. وأضاف لـ"إيلاف": "الإتفاق لن يسهم في تهدئة المنطقة، بل سيزيدها اشتعالًا، لأنه يعد إيران للعب الدور الذي كانت تلعبه في عهد الشاه، شرطي المنطقة، على حساب الدول العربية".

ولفت مرزوق إلى أن هذا الإتفاق يفرض على الدول العربية ضرورة التنسيق المشترك لإيجاد موقف عربي موحد، يضمن أمنها القومي ويحمي شعوبها، لاسيما أنها وقعت بين دولتين نوويتين، وكلاهما معاد للعرب، وهما إسرائيل وإيران.

ويرى الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم أن الإتفاق النووي يزيد من التوتر في المنطقة. وقال لـ"إيلاف" إن طهران حققت مكاسب ضخمة من الإتفاق، أهمها إلغاء العقوبات الإقتصادية والإفراج عن الأموال المصادرة، ما ينعش الإقتصاد الإيراني.

أضاف: "الإتفاق يطلق يد إيران للعبث والعربدة في المنطقة، ويمثل دعمًا قويًا لطهران من جانب أميركا ودول الغرب، وبالمقابل تم تقليل الدعم المقدم لدول الخليج، فالمخاوف العربية لها سند قوي، فلإيران أطماع في المنطقة، فضلًا عن أنها صارت الدولة النووية الثانية بعد إسرائيل، وهذا الوضع الجديد يفرض على الدول العربية السعي إلى صيغة أو إتفاق عربي يمكنها من الإعتماد على نفسها في مواجهة التهديدات الحقيقية التي تحيط لها".

اتفاق انتقامي

قال رئيس حزب المستقبل المهندس ياسر قورة: "بعد سنوات من الصراع الأميركي الإسرائيلي الإيراني، تحول الصراع إلى مصالحة واتفاق مصالح، فالولايات المتحدة تعمل بمبدأ المصلحة أولًا".

وأضاف في تصريح أرسله لـ"إيلاف": "الولايات المتحدة ترغب في ضرب دول الخليج وخصوصًا السعودية والإمارات، فقد تقرر أن تقوم إيران بدور شرطي الخليج لتهديد دول الخليج والسيطرة عليها وإرهابها، بعد أن وقفت ضد أميركا مع مصر ودعمت ثورة 30 يونيو، وأفشلت مخطط تفتيت مصر ثم تفتيت الخليج، وكذلك بعدما خفضت سعر النفط".

وأشار قورة إلى أن واشنطن تضع يدها مع إيران لدعم بشار الأسد في سوريا، "فبعد أن كانت تسعى لعزله وتدميره اختلفت المصلحة الأميركية وقررت الإبقاء على بشار ضد رغبة السعودية اليوم لدعم الشيعة وضرب داعش".

وشدد قورة على ضرورة أن تنتبه السعودية، ودول الخليج الأخرى، إلى ذلك المخطط الهادف لتفتيت دول المنطقة، وأن تلتحم مع مصر وتقف صفًا واحدًا، وألا تنجرف نحو الولايات المتحدة التي تعمل بمنتهى القوة لتدمير دول الخليج ومصر.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما رحب بالاتفاق، ووصفه بـ"التاريخي"، محذرًا في الوقت نفسه إيران من أن "العالم يراقبها ليتأكد من التزامها بالاتفاق".

وأضاف: "إذا لجأت إيران إلى الخداع، فإن العالم سيعرف"، مشيرًا إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد محادثات ماراتونية في مدينة لوزان السويسرية لا يقوم على الثقة، بل على التحقق غير المسبوق.

واعتبر أوباما أن الاتفاق يسد طريق إيران لصنع قنبلة باستخدام اليورانيوم المخصب، وقال: "إيران لن تنتج بلوتونيوم بدرجة تسمح باستخدامه في صنع الأسلحة".

وفي محاولة من أميركا لطمأنة دول الخليج وإسرائيل، أشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى أنه "تشاور مع إسرائيل ودول الخليج وجدد التأكيد على التزام أميركا بضمان أمنهم".