القدس: شددت سلطات اسرائيل الاحد حملتها ضد المتطرفين اليهود، وقامت للمرة الاولى بسلسلة اعتقالات داخل المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، فضلا عن وضعها متطرفين يهوديين قيد الاعتقال الاداري لستة اشهر قابلة للتجديد في اطار التحقيق في حريق ادى الى مقتل رضيع فلسطيني ووالده.

وبعد تعرضها لانتقادات شديدة من قبل المعارضة الاسرائيلية والخارج بدعوى السماح للمستوطنين "بالافلات من العقاب"، ضاعفت حكومة بنيامين نتانياهو منذ حادث الحرق في 31 من تموز/يوليو الماضي دعواتها لتبني الحزم واعتقال المتطرفين اليهود. ويتهم الفلسطينيون مع منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ومعارضين اسرائيليين السلطات الاسرائيلية بعدم التعامل بجدية مع هذا النوع من الهجمات، ما جعل المسؤولين عنها يفلتون غالبا من العقاب.

ولجأت السلطات الاسرائيلية الاحد الى اجراء استثنائي، ووضعت متطرفين يهوديين اثنين قيد الاعتقال الاداري، بدون توجيه اي تهمة لستة اشهر قابلة للتجديد، ما يرفع عدد المعتقلين اداريا من اليهود الى ثلاثة. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع لوكالة فرانس برس "تم وضع مئير اتينغر وافيتار سلونيم اللذين اعتقلا في الايام الاخيرة قيد الاعتقال الاداري لستة اشهر مع امكان التجديد".

واوضح بيان صادر من وزير الدفاع موشيه يعالون انه تم فرض الاعتقال الاداري "ضد الناشطين المتطرفين من اليمين في اطار تورطهم في انشطة منظمة يهودية متطرفة".
ومئير اتينغر هو حفيد الحاخام مئير كاهانا مؤسس حركة كاخ العنصرية المناهضة للعرب الذي اغتيل العام 1990. وكان مئير اتينغر وافيتار سلونيم معتقلين حتى الاحد، وتم وضعهما قيد الاعتقال الاداري بعدها، في حين وضع مردخاي ماير (18 عاما) الاسبوع الماضي قيد الاعتقال الاداري.

والاعتقال الاداري الذي يتم بدون توجيه اتهام او صدور حكم بحق المعتقل، بات ممكنا تطبيقه على يهود اذا كانت الادلة التي تم جمعها ضد المشتبه فيهم غير كافية لتبرير فتح تحقيق قضائي تقليدي او اذا رفض هؤلاء الاجابة عن الاسئلة خلال استجوابهم.

وبحسب القانون الاسرائيلي الموروث من الانتداب البريطاني، تستطيع السلطات العسكرية اعتقال مشتبه فيه لستة اشهر من دون توجيه تهمة اليه بموجب اعتقال اداري قابل للتجديد لفترة غير محددة. كما اعلنت الشرطة الاسرائيلية الاحد انه تم اعتقال عدد من "المشتبه فيهم" خلال عمليات نفذتها قوات من الشرطة في بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة في اطار التحقيق في الحريق.

وقالت الشرطة في بيان ان "وحدة الشرطة الخاصة بمكافحة الجرائم القومية قامت بعمليات تفتيش واعتقال بحق عدد من المشتبه فيهم في بؤر استيطانية عشوائية على خلفية الاحداث التي وقعت في دوما"، القرية التي قضى فيها الطفل الفلسطيني علي دوابشة حرقا. وهذه المرة الاولى التي تنفذ فيها الشرطة الاسرائيلية عملية في المستوطنات كما انها المرة الاولى التي تعلن فيها اعتقالات مرتبطة مباشرة بجريمة دوما.

والبؤر الاستيطانية "العشوائية" هي التي لم تحصل على تصريح رسمي من السلطات العسكرية والمدنية الاسرائيلية لبنائها. ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية سواء اقيمت بموافقة الحكومة الاسرائيلية او لا. وكان الطفل الفلسطيني علي دوابشة (18 شهرا) قتل حرقا في 31 تموز/يوليو عندما القى متطرفون يهود من نافذة منزل عائلته التي تركت مفتوحة بسبب الحر، زجاجة حارقة ما ادى الى اشتعال النيران في المنزل.

وتوفي والد الطفل سعد دوابشة السبت متأثرا بجروحه، وتم تشريح جثمانه لتقديم ادلة جديدة الى المحكمة الجنائية الدولية. وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اكد ان السلطة ستقدم ملف مقتل الطفل دوابشة الى المحكمة الجنائية الدولية.

اما والدة الطفل ريهام (26 عاما) فمصابة بحروق من الدرجة الثالثة في كل جسمها تقريبا وما زالت في حالة حرجة في احد مستشفيات اسرائيل، بينما بدأ الابن الثاني للزوجين احمد دوابشة (اربعة اعوام) يتعافى ببطء. وقالت وسائل اعلام محلية ان الطفل لم يعد يخضع للتنفس الاصطناعي وفتح عينيه وتعرف الى الاشخاص المحيطين به.

وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية يسمونها "دفع الثمن" تقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان. وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادرا ما يتم توقيف الجناة.

ووسط هذه الاجواء المتوترة قتل الجيش الاسرائيلي فلسطينيا هاجم بسكين اسرائيليا واصابه بجروح طفيفة في محطة بنزين في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما افادت السلطات الاسرائيلية. من جهة اخرى، تقدمت الكنائس الكاثوليكية بشكوى امام الشرطة الاسرائيلية ضد ناشط يهودي متطرف دعا الى احراق كنائس، بحسب ما اعلن مسؤول كنسي.

وقال وديع ابو نصار لفرانس برس الاحد "قدم مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية شكوى ضد بنتسي غوبشتاين، قائد مجموعة لاهافا اليهودية المتطرفة، احتجاجا على تصريحاته التي تحرض على احراق الكنائس في اسرائيل".

وقالت البطريركية اللاتينية في القدس في بيان "يشعر المجتمع الكاثوليكي في الارض المقدسة بالخوف وبالخطر"، مطالبة السلطات الاسرائيلية بـ"ضمان الامن والحماية للمواطنين المسيحيين ولأماكن عبادتهم". وفي 18 حزيران/يونيو الماضي، اضرمت النار في كنيسة الخبز والسمك الاثرية الواقعة على ضفاف بحيرة طبريا في شمال القدس مخلفة أضرارا جسيمة. وعثر في المكان على كتابات بالعبرية تنادي بالقضاء على "الوثنيين".