انتقد أكاديميون الحكومة البريطانية لأنها خلقت "جوًا من الخوف" بعدما رفضت المكتبة الوطنية البريطانية قبول أكبر مجموعة في العالم من الوثائق المتعلقة بحركة طالبان، وحفظها لديها، بسبب مخاوف من مقاضاتها بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
إيلاف - متابعة: امضت مجموعة من الباحثين الدوليين أعوامًا في تجميع عدد كبير من الوثائق المتعلقة بحركة طالبان الافغانية، ومن بينها جرائد رسمية واشعار وخرائط وبرامج اذاعية، والعديد من مجلدات القوانين والفتاوى، التي صدرت اثناء حكمهم لافغانستان، وقاموا بتحويل ما بين 2 الى 3 مليون كلمة الى النظام الرقمي، وترجموا كل شيء الى اللغة الانجليزية.
خيبة وصدمة
وكان من المؤمل ان يكون هذا المشروع، الذي اطلق في العام 2012، وشارك فيه اعضاء من المكتبة البريطانية ومجلسها الاستشاري، مصدرًا لا مثيل له للاكاديميين، والمسؤولين الذين يحاولون فهم الحركة والتمرد المستمر في افغانستان.
لكن ورغم الامل بان تقبل تخزين النسخ الرئيسة من المجموعة الرقمية، تراجعت المكتبة في اللحظات الاخيرة، وقالت لمنظمي المشروع انها تخشى ان يكون ذلك مخالفا لقوانين مكافحة الارهاب البريطانية التي تزداد صرامة. وقال الكيس ستريك ان لينشوتين المؤلف والباحث المقيم في برلين الذي ساعد على تنفيذ المشروع، ان قرار المكتبة البريطانية "مفاجئ ومخيب للامال".
واشار الى ان تلك الوثائق "لا تحتوي على وصفات لصنع القنابل او اي شيء من هذا القبيل. انها وثائق يمكنها ان تساعد الناس على فهم التاريخ، سواء كانوا من الافغان الذين يحاولون معرفة تاريخهم الحديث، او غير الافغان الذين يرغبون في فهم هذه الحركة".
قانون فضفاض
اضاف "اي عالم اكاديمي سيدرك انه من المهم قراءة الوثائق الاساسية المتعلقة بتخصصه اذا اراد ان يفهم الجماعات المتشددة، ولكن يسود جو من الخوف بين الاكاديميين الذين يدرسون مثل هذه المواد، لان القانون البريطاني فضفاض للغاية".
وابدت المكتبة البريطانية ترددا في مناقشة قرارها، واحالت اية استفسارات الى الحكومة. واكدت متحدثة ان المحكمة "غير قادرة حاليا على الحصول على نسخة من الارشيف".
وقالت "انه ارشيف رقمي كبير يحتوي على مواد يمكن ان تتعارض مع قانون الارهاب".
واضافت "النصيحة القانونية التي حصلت عليها المكتبة البريطانية والمؤسسات المشابهة لها تنص على عدم اتاحة مثل هذه المواد". ورفضت وزارة الداخلية البريطانية التعليق. وتعتبر قوانين مكافحة الارهاب 2000 و2006 "جمع مواد يمكن ان يستخدمها اي شخص لارتكاب او الاعداد لعمل ارهابي" امرا مخالفا للقانون، وتجرم "نشر المطبوعات الارهابية".
لكن بموجب القوانين يجب على الشرطة ان تثبت كذلك ان مالك هذه المواد يوافق على الآراء الواردة فيها، ويهدف الى استخدامها في اعمال الارهاب. وقال جيمس فيتزجيرالد الاستاذ في جامعة دبلن سيتي ومحرر جورنال "الدراسات الحساسة حول الارهاب"، ان قرار المكتبة رفض ارشيف طالبان "سخيف جدا".
نسف منهجية البحث
وقال ان القرار "يتناقض مع اسس البحث الجيد (...) الفكرة الرئيسة من المكتبة هي ان تحتوي على هذا النوع من المعلومات، وان تخزن التاريخ. لا يمكن ان تجري بحثا جيدا او جديدا من دون توافر المعلومات الاساسية". الا انه القى اللوم على الحكومة البريطانية لخلقها جوا يشعر فيه الاكاديميون بقلق متزايد من الاقتراب من اي شيء يتعلق بالجماعات المتطرفة.
وقال "لا شك انه يوجد مقدار كبير من الخوف يدفع الى اتخاذ هذا القرار الشديد السخافة". واضاف "هذا مؤشر إلى التصلب المتزايد للقوانين البريطانية التي تحاول فرض ما تقول انه القيم البريطانية"، مؤكدا ان الجو ازداد سوءًا منذ اصدار توجيهات جديدة الى الجامعات تدعو المحاضرين الى رصد "اي متطرفين محتملين".
واوضح "لقد بدأنا نرى تاثير ذلك. فبعض المحاضرين لم يعودوا يرغبون في تدريس مواد حول الإرهاب، لانهم لا يريدون ان تحوم حولهم الشبهات". ويقول عدد ممن شاركوا في المشروع انهم تلقوا اهتماما من جامعتي ستانفورد وييل الاميركيتين، اضافة الى المكتبة السويسرية الوطنية لحفظ هذه الوثائق لديها.
تهم باطلة
وكتب بيتر نيومان مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن على تويتر "لان هذه الوثائق رقمية، فمن الحتمي ان تصبح متوافرة". وهذه ليست المرة الاولى التي تثير فيها ابحاث ستريك فان لينشوتين وزميله فيلكس كوهن الجدل.
ففي 2012 نشرا كتاب "اشعار طالبان" من خلال دار هيرست البريطانية للنشر. وانتقد قائد سابق في الجيش البريطاني الكتاب، وقال انه "يوفر الدعاية لجماعة متطرفة عدوة لهذا البلد".
&
التعليقات