بيروت: نفذ تنظيم الدولة الاسلامية جريمة جديدة في حق التراث السوري عبر تدمير عدد من المدافن البرجية في مدينة تدمر الاثرية القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي.

وقال& المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم لوكالة فرانس برس "فجروا عددا من المدافن البرجية بينها ثلاثة تعتبر الاجمل والاكمل. انها خسارة كبيرة وابدية".

واوضح انه تلقى "منذ حوالى عشرة ايام تقارير ميدانية عن تفجير مدافن جمباليك وإلاله بل وكيتوت". واضاف "لم نعلن هذا الخبر حتى نتأكد منه. وحصلنا منتصف ليل امس من منظمة أسور(Syrian Heritage Initiative) التي توثق آثار سوريا وتتخذ من بوسطن في الولايات المتحدة مقرا، على صور فضائية تعود الى الثاني من ايلول/سبتمبر وتظهر هذه المدافن الثلاثة مدمرة".

ونشر موقع أسور الالكتروني صورة عبر الاقمار الصناعية تظهر اختفاء "سبعة مدافن برجية" على الاقل.

واوضح عبد الكريم ان مدافن جمباليك وإله بل وكيتوت هي "الاجمل وتم الحفاظ عليها كاملة"، اما المدافن الاخرى التي دمرت، فهي بين عشرات "غير كاملة وبعضها عبارة عن بقايا آثار".

وقال عبد الكريم ان هذه المدافن "ترمز الى النهضة الاقتصادية في تدمر في القرون الاولى عندما كانت العائلات الغنية تبني مدافن على شكل ابراج كاملة، لا كما في البتراء مثلا حيث المدافن لها واجهة واحدة محفورة في الصخر، بينما مدافن تدمر لها اربعة جوانب".

واضاف ان "مساحة كل برج تصل تقريبا الى حوالى اربعين مترا مربعا".

ويعود مدفن جمباليك الى عام 83 ميلادي، ويتميز باعمدته القورنثية وبقايا المنحوتات الموجودة فيه. ويعود مدفن الاله بل الى العام 103 م.، وهو الاكثر شهرة ومحفوظ بشكل ممتاز. ويتألف من طابق ارضي واربع طبقات فوقه، وغني بالزخارف. اما مدفن كيتوت فهو الاقدم، يعود الى عام 44 م.، معروف بلوحة تمثل وليمة جنائزية تظهر فيها شخصية كيتوت (احد اثرياء تدمر القديمة) مع افراد عائلته.

ورأى شيخموس علي من جمعية حماية الاثار السورية ان ما حصل يشكل "استمرارا لمأساة الدمار التي يشهدها التراث منذ خمس سنوات.

يتم تدمير ذاكرة السوريين تحت انظار العالم والمؤسسات التي تكتفي بنشر بيانات التنديد".

وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على تدمر في محافظة حمص في 21 ايار/مايو.

وكشف قبل ايام عن اقدامه على تفجير معبد بل، وهو كناية عن مبنى مستطيل تحيط به الاعمدة وبني قبل الفي عام. ووصفه عبد الكريم في حينه بانه "أجمل ايقونة في سوريا".

وكان فجر في آب/اغسطس معبد بعلشمين، وفي شهر تموز/يوليو تمثال اسد اثينا الشهير الذي كان موجودا عند مدخل متحف تدمر.

واثارت هذه الممارسات تنديدا من جهات دولية عديدة.

ويتوقع خبراء ان تستمر وتيرة هذا التدمير المنهجي للآثار على ايدي عناصر تنظيم الدولة الاسلامية الذي بات يحتل مساحات واسعة من سوريا. إذ ان عقيدة التنظيم المتشدد ترفض بقاء صروح اثرية عائدة لما قبل الاسلام وتعتبر التماثيل والاضرحة من الاصنام.

ويخشون على الكنوز الاثرية الاخرى التي لا تزال موجودة في تدمير ومنها عشرات المدافن المتبقية ومعبد نابو والمدرج الروماني.

في كانون الاول/ديسمبر 2014، افادت الامم المتحدة عن تعرض حوالى 300 موقع بارز للتدمير او الأذى او النهب منذ بدء النزاع السوري.

ومن المواقع التي مسحتها المنظمة، ستة مدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، وهي المدن القديمة في حلب ودمشق وبصرى، والقرى الاثرية شمالا وقلعة الحصن واثار تدمر التاريخية.

ونجمت اغلبية الاضرار اللاحقة بالمواقع الاثرية في سوريا عن المعارك العنيفة.

ويؤكد شيخموس علي ان "هناك اكثر من 900& نصب وموقع اثري تعرضت لاضرار او دمرت او سويت بالارض بالكامل" في سوريا منذ منتصف آذار/مارس 2011، تاريخ بدء الحرب التي حصدت ايضا اكثر من 240 الف قتيل.

ولم تقتصر جرائم تنظيم الدولة الاسلامية في تدمر على التعدي على الآثار، بل عمد عناصره الى قطع راس مدير الاثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الاسعد (82 عاما).

وكانوا نفذوا مذبحة في المدرج الروماني الاثري عندما اقدم فتيان منهم بعد فترة وجيزة من السيطرة على المدينة على قتل 25 عنصرا من القوات النظامية.