أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الاثنين، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي قام بزيارة عمل خاطفة إلى المملكة، بعد زيارة مماثلة إلى لبنان مباحثات، تناولت سُبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، إضافة إلى مجمل التطورات الإقليمية والدولية.
ووجه الملك عبدالله الثاني أمام ضيفه البريطاني تحذيرا شديد اللهجة لإسرائيل، قائلاً: أتطلع إلى محادثاتنا، واسمحوا لي، بحضوركم، أن أطرح قضية أخيرة، حيث ينتابنا في الأردن القلق والغضب الكبيرين بسبب التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة في القدس، خصوصا في المسجد الاقصى.
وأشار العاهل الأردني إلى أن المملكة كانت تلقت تلقينا تطمينات من اسرائيل بأن هذا لن يحدث، ولكن لسوء الحظ، فإن هذه هي نفس التطمينات التي سمعناها في الماضي.
وحذر الملك عبدالله الثاني قائلا لكاميرون: أود القول، بحضوركم، بأنه إن استمرت هذه الأمور، وإن استمرت الاستفزازات في القدس، واعتبارا من اليوم، فإن ذلك سيؤثر على العلاقة بين الأردن وإسرائيل، ولن يكون أمام الأردن خيار، إلا أن يتخذ الإجراءات التي يراها مناسبة.
العلاقات الثنائية
وإلى ذلك، أكد الملك عبدالله الثاني وكاميرون خلال جلسة مباحثات ثنائية تبعها أخرى موسعة عقدت في قصر الحسينية بحضور كبار المسؤولين في البلدين، متانة العلاقات الثنائية التاريخية وعمقها في مختلف المجالات، والإعتزاز بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه.
كما تم التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور المستمر حيال مختلف القضايا والتطورات الملحة في الشرق الأوسط والعالم، وبما يخدم مصالح الشعبين.
وتناول العاهل الأردني ورئيس الحكومة البريطانية أخر المستجدات الراهنة، خصوصا جهود مكافحة الإرهاب والتطرف والتصدي لعصاباته، وذلك بتنسيق وشراكة بين جميع الأطراف الفاعلة والمعنية إقليميا ودوليا.
كما جرى استعراض تطورات الأزمة السورية، والأوضاع في عدد من دول المنطقة وسبل التعامل معها، ومساعي إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين استنادا إلى حل الدولتين.
ترحيب&
وكان العاهل الهاشمي رحب بتصريحات للصحافيين بزيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى المملكة، وقال: "اسمح لي أن أرحب بك من جديد في الأردن، كصديق عزيز لي ولهذا البلد، فالعلاقة بين الأردن وبريطانيا عريقة وتاريخية، وخلال السنوات الماضية حصل تقارب أكبر بيننا، حيث عملنا جنبا إلى جنب للتعامل، ليس فقط مع التحديات الإقليمية التي واجهتنا، بل مع التحديات العالمية أيضا، والتي برزت كمشكلة كبرى لنا، إذ توجب علينا أن نحارب الإرهاب الدولي، ونحن في العالم الإسلامي نطلق على هؤلاء الإرهابيين الخوارج، أي الخارجين على الإسلام، وكما ناقشنا سابقا، فإن هذه حرب دولية تخوضها جميع الأديان معا".
عمل مشترك للقوات
وأضاف الملك عبدالله الثاني أن القوات الأردنية والبريطانية تعملان جنبا إلى جنب في العديد من المناطق، وسوف نستمر في هذا التعاون، وأتطلع لمناقشة هذه المسألة معكم اليوم، وعلى نفس القدر من الأهمية، سوف نبحث مسألة اللاجئين، ونحن نقدر الدور الذي لعبته حكومتكم وبلدكم في هذا المجال، ونقدر أيضا الدور الذي تلعبه أوروبا والتي فتحت حدودها وقلوبها لاستقبال اللاجئين، الذين رأينا صور مآسيهم الصادمة وهم يسعون للوصول إلى أوروبا.
عبء اللاجئين
وتابع مخاطبا كاميرون: وكما تعلم، فإن الأردن يتعامل منذ فترة مع عبء اللاجئين السوريين، والذين يشكلون خمس عدد سكاننا، أي عشرين بالمئه، خمسة عشر بالمئة منهم فقط يقطنون في مخيمات اللاجئين، التي زرتم إحداها اليوم.
وأعرب الملك عبدالله الثاني عن امتنان الأردن للدور الذي لعبته حكومتكم في دعمه وهو يتعامل مع مسألة اللاجئين، أعتقد أن الدور الذي لعبه الأردن قد خفف العبء عن كاهل أوروبا، ونأمل أن يستطيع المجتمع الدولي معالجة هذه الأزمة الإنسانية الرهيبة.
وأكد العاهل الأردني: أعلم أن بريطانيا كانت دائما داعمة للأردن ولمساعي إيجاد حل للمشكلة السورية، وهو موضوع سوف تكون هناك فرصة لمناقشته اليوم أيضا.
وخلص الملك الى القول: أكرر ترحيبي بكم في بلدنا، فأنتم صديق كبير للأردن، ونشكركم والشعب البريطاني على هذه العلاقة الرائعة بين البلدين، وأتطلع إلى مباحثاتنا اليوم".
تصريحات كاميرون
من جهته، أعرب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، خلال التصريحات أمام وسائل الإعلام، عن شكره للملك عبدالله الثاني على حفاوة الاستقبال، وسعادته بزيارة الأردن.
وقال كاميرون: أشكركم جلالة الملك على هذا الترحيب، إنه لشرف كبير لي أن أعود إلى الأردن والتقي بجلالتكم، ومن خلالكم، أود شكر الشعب الأردني على كرمكم باستضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، لقد رأيت هذا الأمر بأم عيني في بلدكم اليوم.
وأضاف: كما قلتم، فإن بريطانيا والأردن تتمتعان بعلاقات قوية جدا، وأعتقد أنها ازدادت قوة في السنوات الأخيرة، ونحن عازمون على البناء عليها.
سوريا
وتابع كاميرون: أبدأ بالمسألة السورية، وأشير في هذا المجال إلى أن بريطانيا هي ثاني أكبر مساهم للتخفيف من أزمة اللاجئين السوريين بعد الولايات المتحدة، ونحن فخورون بذلك، وسوف نستمر في القيام بهذا الأمر.
وقال: نأمل من الدول الأخرى فعل المزيد لأنه من المهم جدا أن نساعد بقاء هؤلاء الناس قريبين من بيوتهم، وأن نوفر لهم الملبس والمأكل والمسكن هناك، بحيث لا يضطرون إلى القيام بتلك الرحلة الخطيرة عبر البحار، والتي نجم عنها خسائر مرعبة في الأرواح.
ونوه رئيس الحكومة البريطانية الى ان بلاده ستستضيف 20 ألف لاجئ سوري مباشرة من مخيمات اللجوء في الأردن وأماكن أخرى في المنطقة، وتأمين إقامتهم في بلدنا.
وأعرب كاميرون عن اتفاقه مع العاهل الأردني تماما حول ضرورة الاستمرار في مواجهة تهديد الإرهاب العالمي، والذي يتمثل في داعش في سوريا، والتهديد الذي يمثله الإرهاب للمنطقة كلها، وفي العراق بالطبع.
السلام الفلسطيني الإسرائيلي
وقال: آمل أن نستطيع اليوم، كما ذكرتم، مناقشة الوضع بالنسبة لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لقد اجتمعت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو حول هذه القضية الاسبوع الماضي، وأخبرني أنه مستعد للقاء الرئيس الفلسطيني دون شروط مسبقة، ونحن عازمون على القيام بكل ما في وسعنا لتشجيع هذا الأمر.
وختم كاميرون مؤكدا: سوف نستمر في العمل معكم فيما يتعلق بالأمور الدفاعية، وأنا فخور بالتعاون الحاصل بين قواتنا المسلحة وجيشكم، والتعاون الاقتصادي القائم بيننا، والذي نسعى من خلاله لتقوية الاقتصاد الأردني. سوف نناقش كل هذه القضايا، والعلاقات التي تجمعنا هذا اليوم، أشكركم".
التعليقات