بدأت تظهر للعيان في بعض مناطق بغداد موضة "البنطال النازل" الغريبة على المجتمع العراقي، الذي سرعان ما راح يستنكرها، فيما دعا ناشطون مدنيون الاهالي للانتباه الى ما يرتديه ابناؤهم المراهقون .
&
عبد الجبار العتابي من بغداد: استغرب عراقيون ما باتوا يرونه في بعض الاماكن العامة والخاصة من ارتداء بعض المراهقين لما يسمى "البنطال النازل"، والذي يظهر جزء من ملابسهم الداخلية ويكون ملفتا للنظر بشكل غريب، فيما اعرب العديد من الاشخاص انهم لم يصدقوا اعينهم حينما شاهدوا هذه المظاهر عند بعض الشباب، واعتقدوا الامر عاديا ان ينزل البنطال لعدم شد الحزام جيدا، ولكن تكرار المشاهدة اكد لهم انها موضة.
&
إلى ذلك، ألقى البعض اللوم على الاهل الذين لم ينتبهوا لابنائهم، فيما القى البعض الآخر اللوم على المجتمع وعلى الوضع العام الذي يحاول فيه هؤلاء المراهقين ان يجدوا انفسهم او يؤكدوا حضورهم فيعملون بمبدأ "خالف تعرف" للفت نظر الناس اليهم وهو يستمتعون بهذا ويتباهون به، فيما طالب البعض بحملة توعية لمنع انتشار مثل هذه الظواهر.
&
السجن والشذوذ
&
وفي هذا الإطار، تقول ايمان رسول الكوفي‏، باحثة اجتماعية ومحللة نفسية‏: "منذ فترة وانا ارى تكرر صورة على الفيسبوك &لشباب يرتدون البنطال النازل، وكذلك من خلال نقد غير بناء موجه الى اطفال مراهقين يعتبرون ما يرتدوه موضة او موديل دون معرفة اصل هذا الموديل ومن يرتديه".
&
واضافت: "هذه الطريقة في ارتداء البنطال بدأت في السجون الامريكية، وهي اشارة الى شذوذ من يرتديه بهذا الشكل انه شاذ، وهنا افضل ان اشرح اكثر، لكنني اريد فقط ان تصل الفكرة للشباب على ان اصلها طريقة رخيصة وكانت ولادتها في السجون لاغراء الشواذ"، وتابعت: "هل من المعقول ان يقلد شاب عراقي السجين الشاذ، يا للأسف".&
&
واوضح نجم سهيل ايضا فكرة البنطال النازل، فقال: "هذه موضة ظهرت قبل عشر سنوات وسموها (طيحني/ اسقطني) ، وكانت نسبة عالية من الشباب يلبسونها والمفروض ان الملابس الداخلية تظهر للعيان لانخفاض البنطال، الذي يكاد يسقط على الارض.
&
الى ذلك قال الصحافي سلام جبار عطية: "كنت ضيفا لدى سماحة السيد جواد الحسني حينما حضرت مجموعة من الشباب وتقدم احدهم في سؤال شرعي للسيد جواد، قال الشاب: سيدنا هل واجب علينا ان نزرر الزرار الاخير للقميص, ام لا ؟ فأجابه السيد جواد: عمّو إنت أي مواليد؟ فقال الشاب: سيدنا نحن كلنا من مواليد التسعينيات، فردّ عليه السيد جواد: عمو انتم فقط ارفعوا بناطيلكم الى فوق، وهذا يعتبر لكم الجهاد الاكبر".&
&
متطرف ومقرف!
&
من جهته، اوضح عبد الكريم علي، موظف، انه قرأ ان هذا اللبس ممنوع في عدة ولايات اميركية، وقال: "لا اعرف هل اعطف على هؤلاء ام ارثي لحالهم، وهم يفعلون هذا الشيء الغريب ولا اعتقدهم واعين له، ولا اخفي ان الوضع السيء للبلد هو الذي ادى بهم الى هذا التطرف".
&
واضاف: "سبق لي ان قرأت عن هذا اللبس وانه ممنوع في عدة ولايات اميركية، ففي ولاية مونتانا غرامة 2000$ لمن يلبس هذا النوع من البناطيل، وفي ولاية ميسوري وتكساس ونورث كلوراد الذين يلبسون هذه البناطيل هم الشاذون جنسياً، وفي كل كندا ممنوع لَبْس هذا النوع من البناطيل ويعتبر محل استهزاء من الناس واساس هذا النوع جاء من الفقراء، فيقال ان موضة البنطال النازل، ظهرت تقليدا لحالهم، والسبب كما يقال انه من شدة الجوع، وبالتالي لا يبقى البنطال في مكانه كما هو مفروض".
&
اما عبد الكريم &حسن، طالب جامعي، فقد اكد ان السبب يكمن في الفهم الخاطيء للحرية، وقال: "اعتقد ان القضية لا تتعلق بالحرية الشخصية، ولا بالديمقراطية بأي شكل من الاشكال، لان هناك موضات لا يمكن ان يتقبلها مجتمع مثل المجتمع العراقي كونها نشازا، وانا استغرب جدا لوجود هذه الظاهرة واتساءل من اين اتى بها هؤلاء المراهقون ليقلدوها، لانني لم يسبق لي ان عرفت مثل هذا اللبس ولا اعرف &الجدوى منه، فأنا شخصيا اراه مقرفا ويسيء الى الشخص الذي يلبسه".
&
واضاف: "اعتقد ان العراق صار، بعد عام 2003 خاصة، من اكثر الدول التي اصبحت ارضا خصبة لكل فكر او فعل لا يتوافق مع العقل والواقع وطبيعة المجتمع للفهم الخاطئ للحرية اولا، ولان الشعب انقطع عن العالم لسنوات طويلة وحين فتح عينيه على فضاءات العالم لم يعرف كيف يتصرف ازاء هذا الانبهار الذي اصابه، لكنه للاسف ركض خلف الاشياء السلبية".
&
خروج عن المألوف&
&
بدوره، اكد علي المياحي، صحافي، ان هذا اللبس ينم عن حيرة هؤلاء المراهقين، وقال: "اعتقد ان الخلل في الاهل الذين لا ينتبهون الى ما يرتدي ابناؤهم، او انهم يتركونهم يلبسون ما يعجبهم حتى لو كان غريبا او غير لائق"، وأضاف: "هناك مثل شعبي عراقي يقول (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس) وهؤلاء خالفوا هذه القاعدة الصحيحة، فهم حين يلبسون هذا البنطال النازل وبشكله القبيح فإنما يستهزئون بالناس ولا يقيمون لهم قدرا معينا، وهو ان دل على شيء فإنه يدل على حيرة هؤلاء المراهقين في هذا الزمن الحائر".
&
وتابع: "ليس من طبائع العراقيين هذا القبح في اللبس والمعروف ان العراقي انيق ويهتم كثيرا بملبسه وهندامه واللوم يقع على الاهل لانهم لم يردعوا الابن المراهق، فعدم وجود رادع او وازع اخلاقي يؤدي الى هذا التدهور، واعتقد ان المجتمع اذا ما سمح لهذه الظاهرة الشاذة ان تنتشر فإن ذلك سيسهم في تدميره".&
&
الى ذلك اكد فهد صالح، مدير مدرسة، ان هؤلاء المراهقين يتعرضون لضغوطات، وقال: "انا ارى انه خروج عن المألوف والعمل بمبدأ خالف تعرف، ذلك ان الشباب او المراهقين يتعرضون لضغوطات حياتية كثيرة، لا سيما الامنية منها، والتي تمنعهم من تفجير طاقاتهم الكامنة بالشكل الايجابي، انهم يجدون كل شيء امامهم ضبابيا وقاتما فيشعرون بالفزع".
&
واضاف: "انهم محاصرون واسرى لمجتمع يحاول الانغلاق على نفسه ولا يسمح بالتنفس خارج القيود التي وضعها وليس فيه مجالات كثيرة للترفيه وتمضية اوقات الفراغ، فيضطر الى ان يخرج عن المألوف كأنه يريد ان يقول انه هنا، أي يعمل بالحكمة القائلة (خالف تعرف)"، وتابع: "انا على يقين انهم لا يعجبهم ارتداء بنطال نازل، لكنهم يفعلون ذلك لانهم يشعرون بالغبن، حيث الحاضر مرعب والمستقبل مجهول".
&

&