نصر المجالي: قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا تريد مكافحة الإرهاب بشكل مشترك مع بقية العالم، واتهم الغرب من جديد بأنه يفاقم الأزمات الدولية التي ساهم فيها.
&
وقال بوتين في مقابلة مع صحيفة (بيلد) الألمانية تناولت قضايا شتى، "نواجه تهديدات مشتركة، ومازلنا نريد انضمام جميع الدول في كل من أوروبا والعالم إلى جهودنا لمكافحة هذه التهديدات، ومازلنا نناضل من أجل هذا".
&
ونوّه الرئيس الروسي إلى أنه "لا يشير إلى الإرهاب فحسب، وإنما أيضًا إلى الجريمة وتهريب البشر وحماية البيئة وتحديات كثيرة أخرى مشتركة".
&
وقال: "ومع ذلك فهذا لا يعني أنه يجب علينا الموافقة على كل شيء يقرره الآخرون في هذه الأمور أو أمور أخرى".
&
سلوك الناتو
&
وأعلن بوتين أن روسيا حذرت الناتو من خطأ سلوكه تجاه ليبيا والعراق، لكنها لم تلقَ آذانًا صاغية، بل اتهمت بمعاداة الغرب.
&
وقال: "عارضنا بشدة ما جرى في العراق وليبيا وبعض البلدان الأخرى، وقلنا لا يجوز فعل.. لاينبغي عليكم التدخل.. يجب عدم ارتكاب أخطاء، لكنّ أحدًا لم يصغِ إلينا! بل اعتبروا أننا نتخذ موقفًا معاديًا للغرب"، وتساءل الرئيس بوتين "كيف تعتقدون الآن حين أصبح لديكم مليون لاجئ، هل كان موقفنا معاديًا للغرب؟".
&
الدرع الصاروخية
&
وذكّر بوتين بمنظومة الدرع الصاروخية التي تنشر في أوروبا بذريعة مواجهة الخطر النووي الإيراني، وبحديث باراك أوباما العام 2009 حول عدم ضرورة الدرع الصاروخية في حال زال الخطر النووي الإيراني.
&
وقال بوتين: "الاتفاقية مع إيران وقعت، وتبحث الآن مسائل رفع العقوبات، وكل شيء يخضع لرقابة منظمة الطاقة الدولية، وبدأ نقل اليورانيوم إلى روسيا، لكن الدرع الصاروخية يستمر بناؤها"، وفق اتفاقات وقعها الأميركيون مع تركيا ورومانيا وبولندا وإسبانيا.
&
لا تغيير
&
ونفى الرئيس الروسي حصول تغيير بعد العام 2007 في سياسة "بوتين الشاب" الذي تضامن مع الأميركيين وتحدث عن ضرورة منع المواجهة في أوروبا، مؤكدًا أنه مازال يشعر نفسه شابًا "كنت صديقًا لغيرهارد شرويدر، ومازلت صديقه، لم يتغيّر شيء".
&
وقال: " كنت أول من اتصل بالرئيس الأميركي بوش وأعربت له عن التضامن في الـ11 من سبتمبر/أيلول، كنّا مستعدين لعمل كل شيء لنحارب الإرهاب معًا، وعندما حصلت الهجمات في باريس أيضًا تحدثت ثم التقيت مع الرئيس الفرنسي".
&
غزو العراق
&
وعبّر بوتين عن رأيه بأنه لو استمع قادة العالم له ولجاك شيراك وغيرهارد شرويدر، وكانوا ثلاثتهم معارضين لغزو العراق، فلربما لم تحصل هجمات باريس الإرهابية.
&
وأضاف بوتين "أن على دول العالم أن توحد جهودها في محاربة الإرهاب والجريمة وتجارة البشر، وحماية البيئة والتهديدات المشتركة الأخرى، لكن هذا لا يعني أن نتفق مع الجميع في هذه المسألة أو تلك، وإذا لم يعجب موقف روسيا أحدًا ما فليس من المحبذ إعلاننا أعداء، والأفضل أن يجري البحث عن حلول مشتركة."
&
توسّع الناتو
&
واعتبر بوتين أنه بسبب توسع الناتو شرقًا لا تزال العلاقات التي يعود طابعها إلى حقبة "الحرب الباردة"، قائمة في السياسة العالمية حتى الآن.
&
وأعاد إلى الأذهان أن السياسي الألماني المخضرم إيغون بار الذي شغل مناصب سياسية عدة، حذر بعد إعادة توحيد شطري ألمانيا، من أنه "إذ لم تتخذ خطوات حاسمة لتجاوز انقسام أوروبا إلى تكتلات متعادية، فقد يؤدي ذلك إلى تطورات غير ملائمة للغاية تحكم على الاتحاد السوفيتي بالعزلة على مستوى العالم".
&
وتساءل الرئيس الروسي: "ماذا حصل في الواقع؟ حصل ما حذر منه السيد بار.. بدأت البنية التحتية التابعة لحلف الناتو تتزايد شرقًا وتتوسع".
&
واستطرد قائلاً: "إننا أخطأنا بدءًا من خطواتنا الأولى، ولم نتمكن من تجاوز انقسام أوروبا. إن جدار برلين انهار منذ 25 عامًا، ولم يتم تجاوز انقسام أوروبا، بل تم دفع الجدران غير المرئية شرقًا".
&
السلطة القيصرية
&
واعتبر بوتين أن توسع حلف الناتو شرقًا يرتبط برغبة الغرب في "ممارسة السلطة القيصرية"، لاسيما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي الذي كان يمثل المركز الثاني للقوة على الساحة الدولية.
&
وتابع قائلاً: "ولم يبدِ أحد أي رغبة في الرجوع إلى القانون الدولي أو ميثاق الأمم المتحدة، وحين أصبحت أحكام القانون الدولي تعرقل هؤلاء، قيل فورًا إنها لم تعد تتوافق مع الوقائع الراهنة".
&
وأضاف بوتين: "هل هناك بند في ميثاق الناتو يقول إنه ملزم بقبول أي جهة ترغب في الانضمام؟ لا وجود لمثل هذا البند"، مشددًا على أنه كان بإمكان قيادة الحلف أن تتصرف تجاه هذه المسألة بصورة مختلفة، لو كانت لديها الإرادة السياسية.
&
وأكد الرئيس الروسي أن بلاده مستعدة للبحث عن حلول وسط بالتعاون مع أوروبا، ولكن شريطة الالتزام الصارم بالقانون الدولي وعدم الاختلاف في تفسيره، قائلاً: "إننا مستعدون (للدفاع عن المصالح القومية) بعيدًا عن المواجهة"، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة احترام مصالح الطرف الآخر والالتزام بقواعد متطابقة.
&
العلاقات مع ألمانيا
&
كما تطرق بوتين إلى العلاقات الروسية الألمانية ، معيدًا إلى الأذهان أن تلك العلاقات وصلت إلى مستوى رفيع جدًا في عام 2005، عندما بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 80 مليار دولار. قائلاً: "لقد وفر عدد هائل من فرص العمل في ألمانيا بفضل التعاون مع روسيا"... "نحاول معًا التصدي للتطورات غير الملائمة في الشرق الأوسط، لاسيما في العراق. وأقدمنا على خطوات جادة في ما يخص توسع التعاون في مجال الطاقة".
&
وأشار إلى أن العام 2015 شهد تراجع التبادل التجاري بين البلدين إلى النصف. وبغض النظر عن ذلك، أعرب بوتين عن أمله في مواصلة تطوير العلاقات الثنائية، وفي تجاوز الصعوبات التي يواجهها حاليًا التعاون بين البلدين، مشيرًا إلى أن الاتصالات السياسية المكثفة بين موسكو وبرلين مستمرة، إضافة إلى تطور الصلات الثقافية بنجاح.
&
خطأ روسيا
&
واعتبر الرئيس بوتين أن روسيا أخطأت حين لم تعلن عن مصالحها القومية منذ ربع قرن، ولو فعلت فلربما كان العالم اليوم أكثر توازنًا.
&
وأعاد الرئيس إلى الأذهان بروز عمليات معقدة داخل روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مثل تراجع الإنتاج الصناعي وانهيار النظام الاجتماعي والانفصالية، والهجمة الواضحة للإرهاب الدولي.
&
وأكد بوتين أن الإرهاب الدولي استخدم ضد روسيا دون أن يعير البعض الأمر اهتمامًا، بينما أيّد البعض الآخر القوى المعادية للدولة الروسية بدعم سياسي وإعلامي ومالي وحتى بالدعم العسكري.
&
رباعي النورماندي
&
ورأى الرئيس الروسي أن على قادة ألمانيا وفرنسا المشاركين في "الرباعي النورماندي" لتسوية الأزمة الأوكرانية، دراسة التفاصيل بتعمق وعدم مطالبة موسكو بما يجب أن تقوم به كييف.
&
وأشار بوتين إلى لامعقولية المطالب، "يقولون في البداية يجب تنفيذ اتفاقات مينسك لتصبح ممكنة إعادة النظر بالعقوبات"، لكن "الشيء الأساسي الذي يجب تنفيذه من اتفاقات مينسك يقع على عاتق سلطات كييف الحالية. ولا يمكن مطالبة موسكو بتنفيذ ما على كييف تنفيذه. مثلاً، القضية المحورية في التسوية كلها ومركز هذه العملية هو الإصلاح الدستوري".
&
وأكد الرئيس أن الإصلاح الدستوري والعمليات السياسية، وبعد ذلك على أساس هذه العمليات إيجاد جو من الثقة واستكمال كل العمليات بما فيها إغلاق الحدود، كل ذلك يجب أن يتم بقرارات من كييف وليس موسكو.
&
القرم&
&
وتحدث بوتين حول القرم منوهًا بأنه يعني مصير 2.5 مليون إنسان أثار الانقلاب في كييف خوفهم وانزعاجهم، "تلك القوى المتطرفة التي جاءت إلى السلطة، ولحسن الحظ أتوا إلى السلطة بشكل جزئي، باشروا بتهديد الناس مباشرة، تهديد الروس والناطقين بالروسية القاطنين في أوكرانيا عامة وفي القرم خاصة.
&
وختم الرئيس الروسي متسائلاً: ماذا فعلنا نحن؟ نحن لم نحارب ولم نحتل أحدًا ولم نطلق النار في أي مكان ولم يُقتل شخص واحد نتيجة الأحداث في القرم، لا أحد!، نحن استخدمنا القوات المسلحة فقط لردع أكثر من 20 ألف عسكري أوكراني للحيلولة دون تدخلهم في حرية تقرير مصير السكان هناك.. قدم المواطنون إلى الاستفتاء وصوتوا.. أرادوا أن يكونوا جزءًا من روسيا".
&

&