وحده الموت من يرسم حدود المكان الذي امتلأ بالجوعى الذين عانوا ما عانوه من مرارة البؤس والحصار الذي فرضه عليهم النظام السوري. هي "مضايا" التي تكتب في كل دقيقة تمر قصة موتها لكن بالجوع هذه المرة، بعد أن سكبت من الدم الكثير منذ سنوات خمس كغيرها من مدن سوريا.
الرياض: وحده الموت من يرسم حدود المكان الذي امتلأ بالجوعى الذين عانوا ما عانوه من مرارة البؤس والحصار الذي فرضه عليهم النظام السوري. هي "مضايا" التي تكتب في كل دقيقة تمر قصة موتها لكن بالجوع هذه المرة، بعد أن سكبت من الدم الكثير منذ سنوات خمس كغيرها من مدن سوريا.
في الأمس، رسمت الأمم المتحدة صورة اعترفت أخيراً أنها "مخيفة للوضع الإنساني في بلدة مضايا" بعد يوم من وصول أول قافلة مساعدات إليها بعد حصار محكم استمر 180 يوماً. وإن كان ممثل رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة سجاد مالك قد صُدم من هول ما شاهده في هذه المدينة، التي وصف فيها كل شيء بـ "الهادئ للغاية"، فقد تحدثت تقارير اعلامية عن وضع «مروّع» عاشه السكان خلال فترة حصارهم بحيث وصل سعر كيلو الرز إلى 300 دولار، وكانت وجبة الطعام الأساسية عبارة عن "شوربة أعشاب"، فضلا عن القطط التي تم ذبحها للبقاء على قيد الحياة.
من جهته، نقل منسق العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو صورة مروعة عن المشاهدات التي عاينها في مضايا وقال إن "ما نقل في وسائل التواصل الإجتماعي يعكس حقيقة معاناة سكان البلدة»، مشدداً على ضرورة إجلاء العشرات من المهددين بالموت جوعاً".
المتحدثة باسم لجنة الصليب الأحمر الدولي، ديبة فخر "هناك أشخاص لم يتذوقوا الخبز منذ أربعة أشهر، وهناك أشخاص وضعهم الصحي خطير بسبب قلة التغذية، البعض كان مستاءً بسبب تأخر وصول المساعدات، إن الرضع، والأطفال، والنساء، والشيوخ، يعانون مشاكل صحية خطيرة، أغلبهم نحيل جدا، وشاحب، ومستنفذ القوة وفاقد للأمل، لم نر أحداً بصحة جيدة".
فبركة إعلامية!
هذه المرة لم تنفع تصريحات النظام السوري ومسؤوليه بالتغطية على ما يجري في هذه المدينة، فبشار الجعفري "مندوب النظام السوري في الأمم المتحدة"، قال: "لا توجد أزمة إنسانية في مضايا .. وهناك فبركة إعلامية". فالمدة الزمنية التي دامت 7 أشهر حاصر خلالها حزب الله وجيش نظام السوري ما يزيد عن 40 الف نسمة تحت الجوع والوباء كانت كفيلة لان تشكل صرخة اعلامية وجهت أنظار العالم إليها. إذ لقي قرابة 70 شخصاً مصرعهم، جراء الجوع وسوء التغذية، بينهم 23 قضوا خلال ديسمبر الماضي، في البلدة التي أحاطها حزب الله بالألغام "منعاً لخروج السكان".
الجوع أو الركوع!
مضايا السورية أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تسربت صور ومشاهد من مأساة تعيشها هذه البلدة التي تقع في ريف دمشق، حيث تُجَوَّع المدينة ويُمنع دخول أي مواد غذائية لها، فحزب الله وقوات الأسد قد خطوا على جدرانها جملة نقلها ناشطون كانت بإمضاء "جنود الأسد"، تقول لأهل مضايا: "الجوع أو الركوع".
الناشط هادي العبدالله، غرّد: هل تخيلت يوما ولو للحظة ماهي المراحل التي يمر بها شهيد الجوع قبل أن تغادر روحه جسده؟!. أي عذاب وأي قهر يذوقه قبل الموت؟!. في حين تساءل فيصل القاسم الاعلامي السوري، لماذا يسمح العالم لبشار الأسد وحزب الله بتكرار جريمة نازية في الحصار والتجويع في سوريا؟
الغموض سيد الموقف
النظام السوري سمح الثلاثاء، بإدخال مساعدات إنسانية مؤلفة من 4 شاحنات مرسلة من قبل الأمم المتحدة، إلى البلدة التي يقطنها قرابة 40 ألف شخص منعوا من الخروج من البلدة، في وقت يحيط الغموض فيه مدى كفاية تلك المساعدة، والمدة التي ستلبي احتياجاتهم.وأكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، الإثنين الماضي، ضرورة إجلاء 400 شخص حالتهم حرجة من البلدة، من أجل تقديم الرعاية الطبية لهم.فيما أشارت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، سامانثا باور، في بيان لها، إلى أن "المساعدات المرسلة إلى مضايا تعد أدنى من الاحتياجات بكثير". وخلافا لـ"مضايا" تعاني حالياً 13 منطقة أخرى في سوريا الوضع الذي تشهده مضايا، لاسيما في محيط العاصمة دمشق، حيث تتكثف عمليات حصار قوات النظام وحزب الله لمناطق المعارضة.
التعليقات