يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة الإفريقية السادسة والعشرين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتناقش القمة ملف الإرهاب والتنمية، بينما ينشغل السيسي والوفد المصري بأزمة سد النهضة بشكل خاص. ويسعى إلى تعزيز علاقات بلاده مع الدول الأفريقية، لحصار إثيوبيا سياسياً، ولعب تلك الدول دور الوسيط من أجل الوصول لحل في الأزمة.

القاهرة: يجري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مشاورات ولقاءات عدة على هامش مشاركته في القمة الإفريقية السادسة والعشرين، من أجل توحيد الجهود الإفريقية لمواجهة الإرهاب المتنامي في القارة السمراء، كما يسعى إلى إعادة مصر بقوة إلى محيطها الإفريقي، ولاسيما حوض النيل، من أجل التوصل إلى حل سياسي لأزمة سد النهضة المتفاقمة مع دولة إثيوبيا، لاسيما في ظل تعثر المفاوضات، واستمرار التعنت الإثيوبي.

وعقد السيسي لقاءات مكثفة مع الرؤساء والمسؤولين الأفارقة، ولاسيما الإثيوبيين، وأعرب الرئيس المصري عن قلقه لرئيس الوزراء الإثيوبي مريام ديسالين، من أزمة السد، وعدم التعاون في المفاوضات، واتباع سياسية الأمر الواقع. كما أعرب عن قلقه من السعة التخزينية للسد.

وتمثل زيارة السيسي لأديس أبابا فرصة مهمة من أجل توثيق العلاقات مع دول أفريقيا، والبحث عن حلول سياسية لأزمة سد النهضة.

أهداف عدة

وقال السفير أحمد حجاج، الأمين العام الأسبق لمنظمة الوحدة الإفريقية، إن اهتمام السيسي بأفريقيا له أهداف عدة، مشيرا إلى أنه يسعى إلى توطيد علاقات مصر مع تلك الدول، من أجل حصار "الجماعات الإرهابية"، وتوحيد الجهود الإقليمية لمواجهتها، بالإضافة إلى دعم جهود مصر في التنمية الإقتصادية.

وأضاف لـ"إيلاف" وذكر أن مصر الآن تجمع بين عضوية مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، بما يتيح لها فرصاً أكبر لمعالجة القضايا الأفريقية، ولاسيما قضايا الإرهاب.

ولفت إلى أن السيسي يسعى من توطيد علاقات مصر مع أفريقيا إلى الضغوط على إثيوبيا سياسياً، معتبراً أن توثيق العلاقات المصرية الأفريقية جزء من حل أزمة سد النهضة، بما يحفظ حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل.

ويؤكد السفير مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن اللقاءات الثنائية التي يعقدها الرئيس السيسي في زياراته الخارجية ولاسيما الأفريقية تسهم بشكل كبير في تعزيز الجهود الدبلوماسية والسياسي لحل مختلف الأزمات وتوطيد العلاقات مع الدول الأخرى.

أزمة السد

وأضاف لـ"إيلاف" أن الغرض الأساسي من مشاركة السيسي في القمة الأفريقية هو لقاء رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس السوداني، من أجل ايجاد حل لأزمة سد النهضة، وعقد لقاءات مع زعماء الدول الأفريقية المؤثرين من أجل لعب دور الوسيط في الأزمة.

ولفت إلى أن السيسي يحاول استعادة الدور المصري في أفريقيا بعد أن تجاهلها الرئيس الأسبق حسني مبارك لسنوات طويلة منذ محاولة اغتياله في أديس أبابا في التسعنيات من القرن الماضي، معتبرا أن أزمة سد النهضة جزء من نتائج هذا التجاهل.

تنفيذ أجندة 2063

وشارك السيسي فى أعمال الجلسة المغلقة للقمة الافريقية.

وأكد خلال مناقشة البند الخاص بتمويل الاتحاد على أهمية بحث سُبل زيادة الموارد المتاحة لتنفيذ البرامج والمشروعات الطموحة التى أقرتها القمم المتعاقبة على نحو مستدام أخذا فى الاعتبار البدء فى تنفيذ "أجندة 2063"، باعتبارها الرؤية الاستراتيجية لتحقيق التنمية الشاملة في القارة الافريقية، فضلاً عن ضرورة تفعيل ما أقرته القمم السابقة من تعزيز مساهمة الدول الأعضاء فى تمويل أنشطة الاتحاد بشكل تدريجى بهدف تغطية كامل الميزانية التشغيلية وزيادة نسب مساهماتها المخصصة لتغطية الميزانية البرامجية وميزانية حفظ السلام، وذلك تفعيلا لمبدأ "الملكية الأفريقية"، والتزاماً بمسئولية أبناء القارة أنفسهم عن مستقبلهم ودرءا لأية مشروطية أو اعتبارات انتقائية ترتبط بتلقى تمويل خارجي، وما قد يترتب على ذلك من الافتئات على أحقية قارتنا فى صياغة أولوياتها وتحديد الغايات التى تسعى لتحقيقها.

ونوه السيسي كذلك إلى أهمية بحث سُبل تفعيل آليات مصادر التمويل البديلة مع مراعاة المرونة اللازمة بحيث تختار كل دولة الآلية الملائمة لها وفقا لظروفها وقوانينها وأنظمتها الداخلية مع التزام الدول الأعضاء بسداد مساهماتها فى الآجال الزمنية المقررة بما يتيح للمفوضية الموارد اللازمة للاضطلاع بمسئولياتها. كما أشار السيد الرئيس إلى ضرورة تعزيز مساهمات الدول الافريقية فى تمويل أنشطة الاتحاد، مشيراً إلى ضرورة مواءمة السياسات والتوجهات الخاصة بالشركاء مع أولويات القارة واحتياجاتها.

ترشيد الإنفاق

وأشار الرئيس المصري إلى أن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي يفرض على القارة الافريقية إيلاء مزيد من الاهتمام بترشيد الإنفاق وضمان الالتزام باتباع نظم محاسبية ورقابية دقيقة والسعي لتطوير آليات فعالة لتقييم ما يجرى تنفيذه من برامج ومشروعات ورصد المردود منها ضمانا لحسن توظيف موارد الاتحاد المحدودة.

كما أكد أن مصر ستواصل العمل مع الدول الأفريقية، لضمان توافر الموارد اللازمة لتنفيذ برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنجاز رؤية أفريقيا 2063 كقارة مزدهرة تنعم بالأمن والاستقرار وتضطلع بدورها كقوة مؤثرة على الساحة الدولية.

وعقد السيسي لقاءات مع رؤساء وزعماء أفارقة منهم جيكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا.

العلاقات مع جنوب أفريقيا

وقال السفيرعلاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس المصري أكد خلال اللقاء حرص مصر على تطوير علاقاتها مع جنوب أفريقيا فى مختلف المجالات، لاسيما فى ضوء ما يجمع بين البلدين من علاقات تاريخية متميزة. كما أشار إلى أهمية العمل على تعظيم الاستفادة مما تتمتع به الدولتان من امكانيات وقدرات كبيرة بهدف تفعيل أطر التعاون الثنائي فى القطاعات المختلفة بما يحقق المصالح المشتركة ويساهم فى الدفع قدماً بقاطرة التنمية بالقارة الافريقية.

وذكر يوسف أن رئيس جنوب أفريقيا أشاد بالخطوات التى اتخذتها مصر خلال فترة وجيزة لاستكمال بنائها الديمقراطي والدستوري. كما وجه التهنئة بمناسبة انتخاب مصر لعضوية مجلس السلم والأمن الافريقي، بالإضافة إلى بدء عضويتها فى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، مؤكداً على أهمية تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حول مختلف الموضوعات مع العمل على تعزيز العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات.

وأضاف يوسف أن اللقاء تناول استعراض الملفات الافريقية المختلفة والموضوعات التى سيتم مناقشتها خلال القمة الافريقية، بالإضافة إلى سُبل تعزيز الجهود المبذولة لتسوية النزاعات القائمة فى القارة الأفريقية. وناقش الجانبان خلال اللقاء كذلك سبل تعبئة الجهود الاقليمية والدولية الرامية لمكافحة الارهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن تدعيم التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.