«إيلاف» من لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية تنظيم داعش اليوم بقتل المدنيين الرافضين استخدامهم دروعا بشرية في الموصل وأشارت إلى أن غارات طيران العراق والتحالف قتلت واصابت مدنيين ايضا محذرة من ان الاستهداف المباشر للمدنيين أو استخدامهم دروعا بشرية يعتبر جريمة حرب.&
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير الاربعاء اطلعت على نصه "إيلاف" أن مقاتلي تنظيم داعش يهاجمون عشوائيا مناطق مدنية شرق الموصل بقذائف الهاون والمتفجرات وأطلقوا النار عمدا على السكان الفارين بينما قتلت القوات العراقية وقوات التحالف وجرحت مدنيين أيضا بغارات جوية أو نتيجة تمركزها بين المنازل.
وقال سكان فارّون قابلتهم المنظمة إن داعش برّر الهجمات على المدنيين بأن كثيرا منهم رفضوا أوامر التنظيم بالانسحاب معه غربا إلى مناطق الموصل التي لا يزال يسيطر عليها، حيث كانوا يخشون من استخدامهم دروعا بشرية . وقال السكان إن عناصر من داعش أخبروهم بشكل شخصي وعن طريق الإذاعة ومكبرات الصوت في المساجد بأن الذين بقوا "كفارا"، وبالتالي أهدافا مشروعة بالإضافة إلى القوات العراقية وقوات التحالف.
داعش يقتل مدنيين& &
وقالت لمى فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لو كان التنظيم يكترث حقا للناس المحاصرين في ما يسمى بدولة الخلافة، لسمح لهم بالفرار إلى بر الأمان. لكنه بدلا من ذلك، يقتل ويصيب الناس عشوائيا أو عمدا لرفضهم أن يكونوا دروعا بشرية".
وتحدثت هيومن رايتس ووتش مع أكثر من 50 من السكان الذين فرّوا من شرق الموصل خلال مقابلات في إقليم كردستان العراق خلال الشهر الحالي فقدّم 31 منهم شهادات عيان عن 18 عملية قصف بالهاون أو هجمات قنص أو تفجير سيارات، أو انفجار عبوات ناسفة نفذها داعش بشكل عشوائي أو مباشر، ما أسفر عن مقتل أو جرح مدنيين.&
وأوضح شهود عيان أن بعض الهجمات بقذائف الهاون وقعت في مناطق وضعت فيها القوات العسكرية العراقية جنودا داخل المنازل أو على أسطح المنازل السكنية في مناطق ذات كثافة سكانية عالية. وصف 5 شهود ما قالوا إنه 3 غارات جوية منفصلة عراقية أو للتحالف استهدفت مقاتلين لداعش انتشروا أيضا على أسطح المنازل السكنية أو في الأزقة بين البيوت، وأسفرت أيضا عن مقتل مدنيين.
ووقعت هذه الأحداث بين الأسبوع الثالث من نوفمبر والأسبوع الأول من ديسمبر حيث قال شهود عيان إن 19 مدنيا قتلوا وأصيب عشرات في الهجمات من الجانبين التي وصفوها، وإن هذه الهجمات كانت جزءا بسيطا من مجموع الهجمات .
مقتل 926 مدنيا واصابة 930 اخرين
وأفادت الأمم المتحدة ان 926 مدنيا قتلوا وأصيب 930 في نوفمبر في العراق بسبب العنف، بما فيه أعمال الإرهاب والصراع المسلح. من بين هؤلاء، 332 قتلوا و114 جرحوا في محافظة نينوى التي تضم مدينة الموصل، ثاني أكبر مُدن العراق.
وفي الأيام التي سبقت دخول القوات البرية العراقية أحياء في شرق الموصل في 17 اكتوبر الماضي قال معظم من قوبلوا إن مقاتلي داعش شرعوا بجمع المدنيين للانسحاب معهم، ولكن رفض كثير منهم.
وقال عمار، الذي هرب من حي الانتصار شرق الموصل بعد إصابته بجروح في هجوم بقذائف هاون في 5 ديسمبر "كانوا ينتقلون من باب لآخر وهم يقولون: ‘هل تريد أن ترحل معنا أم لا؟’ وأضاف "قلنا إننا لن نذهب معهم، فقالوا: ‘أنتم كفار.. ومهما حدث لكم، فأنتم تستحقونه’". واضاف انه وقف في 30 نوفمبر على سطح منزل ورأى باستخدام المنظار مسلحا من داعش على سطح آخر في الجهة المقابلة لطريق سريعة ذات اتجاهين، وكان يطلق النار على القوات العراقية، وكان على جانبه امرأة وعلى جانبه الآخر طفل.
قتال من منزل لاخر
ووصف الشهود القتال من منزل لآخر بين مقاتلي داعش والقوات العراقية، وخاصة "الفرقة الذهبية"، أبرز القوات الخاصة العراقية، في مناطق لا تزال تسكنها أعداد كبيرة من المدنيين. قالوا إنهم يعرفون أن داعش كان مسؤولا عن عدة هجمات بقذائف الهاون ونيران القناصة، لأن تلك الهجمات جاءت من اتجاه المناطق التي يسيطر عليها داعش، حيث لم تكن هناك قوات عراقية.
وذكر عدة شهود عيان أنه عندما كان تنظيم داعش أو القوات العسكرية العراقية ينتشرون داخل المنازل أو على أسطح المنازل السكنية عموما لم يسألوا السكان عن رأيهم في هذه المسألة. وتحدث "مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" أيضا عن هذه النقطة، قائلا إن السكان أفادوا أن داعش قتل بالرصاص في 11 نوفمبر 12 مدنيا في حي البكر لرفضهم السماح له بإطلاق الصواريخ من أسطح منازلهم.&
وقال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إنه في الوقت الذي هاجمت فيه القوات العراقية أو قوات التحالف مواقع داعش في المنازل، كان مقاتلو داعش قد غادروا. وقال نحو 10 من السكان إنهم اضطروا لترك منازلهم نتيجة لذلك، والبحث عن ملجأ في المباني المجاورة التي أصيبت أيضا في بعض الحالات بهجمات داعش بالهاون أو السيارات المفخخة، أو الغارات الجوية للقوات العراقية أو قوات التحالف.
جريمة حرب
وطالبت هيومن رايتس ووتش تنظيم داعش وقف الهجمات المتعمدة على المدنيين والهجمات العشوائية ووقف إجبار المدنيين على مرافقة مقاتليه. واكدت ان الاستهداف المباشر للمدنيين أو استخدامهم كدروع بشرية يعتبر جريمة حرب.&
واشارت الى ان وجود مقاتلي داعش بين المدنيين لا يعفي القوات المناهضة له من واجب استهداف الأهداف العسكرية فقط وشددت على انه على جميع القوات المتحاربة اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين من الأذى.
واوضحت انه بموجب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، يجب عدم تعريض المدنيين والمنشآت المدنية لأذى غير متناسب مع المكاسب العسكرية المتوقعة حيث تُلزم هذه القوانين الأطراف المتحاربة أيضا باتخاذ جميع التدابير الممكنة عمليا لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين. ودعت القوات العسكرية العراقية إلى تجنب نشر قوات داخل المنازل في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وهو ما يعرض المدنيين والأعيان المدنية للخطر.
وقالت فقيه "المدنيون مُستهدفون من جميع الجهات في الموصل ولا تُعفي فظائع داعش القوات العراقية وقوات التحالف الدولي من بذل قصارى جهدها لحماية المدنيين عند مهاجمة داعش".
وهرب 120 الف مدني لحد الان بسبب القتال في محافظة نينوى الشمالية فيما لا يزال مئات آلاف المدنيين محاصرين في مناطق يسيطر عليها داعش، بما فيها غرب الموصل وحيث ان المدينة بلا كهرباء، ومخزون الوقود والغذاء والمياه الجارية والدواء محدود منذ 19 نوفمبر الماضي.
وتحدث معظم الشهود لـ هيومن رايتس ووتش من "مستشفى طوارئ غرب أربيل"، حيث يجرون عمليات جراحية للإصابات الناجمة عن شظايا معدنية، بعضها تسبب ببتر أعضاء، أو الإصابات بأعيرة نارية. تحدث آخرون من مخيمات النازحين في منطقة مترامية الأطراف. انفجر عديد منهم بالبكاء عندما قالوا إنهم لم يستطيعوا الوصول إلى أفراد عائلاتهم الذين لا يزالون محاصرين في الموصل. قال البعض إنهم شاهدوا أفراد الأسرة أو الأصدقاء ينزفون حتى الموت دون أن يستطيعوا المساعدة بسبب القتال، وقالوا إنهم أو جيرانهم دفنوا الموتى في أفنية منازلهم.
غيّرت هيومن رايتس ووتش أسماء الذين قوبلوا لحمايتهم وأقاربهم الذين لا يزالون في منطقة يسيطر عليها داعش من الانتقام.
هجمات عشوائية &
تعرّض الذين عبروا الحدود إلى مناطق تسيطر عليها القوات العراقية إلى نيران قناصة داعش والسيارات المفخخة، أو المتفجرات البدائية. وقالت رنا إن قناصا من داعش أطلق النار عليها وعلى صهرها وابنة اختها، وأصابهم جميعا في الأرجل، بينما كانوا عائدين إلى منزلهم في حي الزهور بعد أن حصلوا على ملابس وغيرها من المساعدات من القوات العراقية في الزهراء القريبة.
كما وصف عدد من السكان النازحين فرارهم من الهجمات من جانب، ليتعرضوا للهجمات من الجانب الآخر. وقال احمد إنه نقل زوجته وأطفاله الخمسة من منزلهم في منطقة الميدان غرب الموصل، في أغسطس& بعد أن بدأ داعش استخدام المنازل القريبة كمصانع للقنابل ولجأ إلى حي المرور شرق الموصل، ولكن مع وصول معركة الموصل إلى الحي "حُبسنا في غرفنا بلا كهرباء أو ماء أو طعام".. لو خرجنا سيطلق النار علينا قناصة داعش".
&واشارت المنظمة الى ان قوانين الحرب تحظر الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة ضد المدنيين والأعيان المدنية . واكدت ان قذائف الهاون عشوائية عند استخدامها في المناطق المدنية المأهولة بالسكان تعتبر محرمة لأنه لا يمكن توجيهها بدقة نحو هدف عسكري، ما يجعل من المستحيل الحد من آثارها المحتملة على المدنيين. وقالت ان "معاهدة حظر الألغام" لعام 1997 والعراق طرف فيها تحظر استخدام العبوات الناسفة التي تنفجر بملامستها او الاقتراب منها.
وقتل 18 مدنيا وأصيب 47 آخرون بجروح بينهم نساء واطفال خلال الساعات الاخيرة في قصف لتنظيم داعش على أحياء تسيطر عليها القوات العراقية شرقي مدينة الموصل التي تشن بغداد حملة عسكرية لاستعادتها من قبضة التنظيم.
التعليقات