بعد مئة يوم في السلطة وسط موجة عارمة من الامل والحماس التي اثارها انتخاب جاستن ترودو رئيسا للحكومة الكندية، بدا السياسي الشاب يتلقى الانتقادات الاولى مدفوعة باقتصاد مترنح وانسحابه الجزئي من مكافحة «الجهاديين».

اوتاوا: ما ان تولى ترودو منصبه في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) حتى اتسعت شعبيته عبر الحدود. في كل انحاء العالم عرضت القنوات الاخبارية والصحف تكرارًا صور رئيس الوزراء الشاب الفتي المظهر مبتسما.

عودة كندا
منذ البداية عبر عن رسالة واضحة مؤكدا السعي الى اعادة كندا الى الساحة الدبلوماسية العالمية ومحو صورة التلميذ الكسول في حصة البيئة التي التصقت بالبلد الخامس في انتاج النفط منذ انسحابه من بروتوكول كيوتو قبل اربع سنوات.

وينعكس تجدد شعبية الدبلوماسي هذا في زيارة مقررة الخميس الى اوتاوا للامين العام للامم المتحدة بان كي مون، فيما كان سلف ترودو، ستيفن هاربر الذي ابدى استياءه لانعقاد الجمعية العامة السنوية للامم المتحدة.
وسيتوجه وزير الدفاع الكندي الخميس الى بروكسل مقر الحلف الاطلسي محملا بالخطة الكندية الجديدة، وذلك للمشاركة في اجتماع وزراء دفاع الدول الـ26 المنخرطة عسكريا في التحالف وممثلين للحكومة العراقية.

&أرض مضياف

تعهد ترودو في اثناء حملته باستعادة دور كندا ارضا مضيفة. وبالفعل سيصل 25 الف لاجئ سوري الى كندا مع نهاية شباط (فبراير)، رغم المصاعب اللوجستية والمخاوف الناجمة عن اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر).

وفيما فضل المحافظون المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا عبر الغارات الجوية، قررت الحكومة الليبرالية وقف هذه المساهمة واعطاء الاولوية للعمل الانساني وتدريب العسكريين في الميدان.

لكن وتيرة الغارات الكندية على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية تسارعت منذ تولي ترودو الحكم. ووجهت اليه المعارضة المحافظة التي تطالب باستمرار مشاركة الطائرات، هجوما لاذعا بعد مقتل سبعة كنديين في هجمات جاكرتا وواغادوغو في اقبل من 48 ساعة.

كما اثارت هذه الماساة انتقادات عائلات الضحايا له. وقال رجل فقد زوجته في بوكينا فاسو في منتصف كانون الثاني (يناير): "اغلقت الخط في وجهه"، ذاكرا ان رئيس الوزراء لم يقدم تعازيه للعائلات الا بعد يومين. كما طالبت والدة مفجوعة ترودو بضمان مواصلة الطائرات المقاتلة عملها لقتال الجهاديين.

شهر عسل&
ترد في حصيلة عمل ترودو، الى جانب اللاجئين الذين استقبل شخصيا الدفعة الاولى منهم على طائرة تشارتر، فتح تحقيق رسمي في فقدان اثر او اعمال قتل لم تتضح ملابساتها لاكثر من الف امراة من السكان الاصليين على ثلاثين عاما ونيف.

وتعتبر هذه القضية جرحا مفتوحا لدى «الشعوب الاولى»، لذلك تبدو مبادرة رئيس الوزراء عملا جديا لاقامة المساواة مع شريحة سكانية تعاني من الفقر والتمييز.

لكن الاقتصاد يبقى النقطة السوداء بالنسبة الى الحكومة. فبعد ان شهد انكماشا في النصف الاول من 2015 تحت حكم المحافظين، شهد اقتصاد البلاد تدهورا اضافيا نتيجة انهيار اسعار النفط ما ادى بالتالي الى تفاقم البطالة.

اعتبر الاستاذ في جامعة اوتاوا داف كوناكر ان «الموازنة المقبلة ستكون محورية» لحكومة ترودو التي وعدت بانعاش الاقتصاد عبر نفقات البنى التحتية. واضاف «على الليبراليين ان يثبتوا في الموازنة تصميمهم على معالجة المشاكل التي وعدوا بحلها».

حاليا يستمر «شهر العسل» بين الكنديين ورئيس وزرائهم حيث ما زالت الاغلبية تؤيده. وقال الاستاذ في جامعة بريتيش كولومبيا فيرنر انتوايلر: «لا اظن ان الناخبين سيلومون الحكومة على وضع الاقتصاد لانهم يعون انه ناتج بشكل اساسي عن عوامل خارجية».

وسيعتمد المواطنون بلا شك حياتهم اليومية وقدرتهم الشرائية كمعايير للحكم على عمل حكومتهم، وهي ناحية يركز عليها ترودو في احاديثه.

كما انه حتى الان وفى بوعده ان يحكم بشكل مختلف وبشفافية تامة، ما شكل ابتعادا تاما عن سلفه. وبابتسامته المعهودة يخوض ترودو بلا كلل مساءلات الصحافيين ويهوى بشكل خاص التواجد وسط الحشد.