بعد ان قضوا يوم "عض الأصابع"، بدأ المعتصمون أمام بوابات المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد يومهم الأول في معركة "كسر العظم"، وفي تحدّ جديد قطعوا الطريق الى مجلسي الوزراء والبرلمان، ولا تزال القوات الأمنية تغلق جسري الجمهورية والسنك، فيما دعا مرجع ديني بارز في النجف الى انتخابات مبكرة.


محمد الغزي: يتواصل الاعتصام في المنطقة الخضراء لليوم الثاني على التوالي، فيما قطع المعتصمون الطريق الرئيس اليها معلنين انهم سيستمرون في الاعتصام حتى يوم التاسع من نيسان وهو اليوم الذي ستنقضي فيه مهلة الـ45 يوماً التي حددها الصدر لرئيس الحكومة لاجراء التعديل الوزاري.

واظهرت صور تداولها ناشطون ووزعها المكتب الإعلامي للتيار الصدري استمرار الاعتصام بعد ان قضى المعتصمون ليلتهم الأولى داخل خيم&الاعتصام وخارجه مفترشين الأرض، فيما قُطع الطريق الى مجلسي الوزراء والبرلمان وعدد من الوزارات الاخرى في المنطقة الخضراء.

وفي هذا السياق، قال مسؤول مكتب التيار الصدري في بغداد، إبراهيم الجابري الذي تجول صباح اليوم على خيم المعتصمين، إن الاعتصامات قد تستمر 10 أيام إذا لزم الأمر، وحتى تنتهي مهلة الـ45 يوما التي حددها الصدر للعبادي في 12 فبراير لإجراء تعديل حكومي.

غلق الجسرين&

وفي مقابل ذلك، واصلت القوات الأمنية قطع جسري الجمهورية والسنك وهما جسران رئيسان يربطان كرخ بغداد برصافتها بالقرب من المنطقة الخضراء وحيث تجمع اغلب المعتصمين.

واضطر العديد من العراقيين للعبور مشياً على الاقدام عبر الجسرين الرئيسين اللذين اغلقا&بعد اعلان انصار التيار الصدري، والقوى المدنية الاعتصام امام بوابات المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد احتجاجاً على تردي الواقع الأمني والاقتصادي والسياسي إضافة الى تفشي الفساد المالي والإداري بمفاصل الدولة كافة في البلاد.

وطالب محافظ بغداد علي التميمي، السبت، الاجهزة الامنية بفتح جسري السنك والجمهورية وسط العاصمة، مؤكدا ان "لا معتصمين على الجسرين ولا مبرر لاغلاقهما وتعطيل المصالح".

وقال التميمي في بيان له انه يتعين "على الاجهزة الامنية ان تقوم بفتح جسري السنك والجمهورية وسط بغداد"، عازيا ذلك الى "عدم وجود معتصمين في هذه المنطقة ولفسح المجال امام دوائر الدولة للانتظام في دوامها اليومي".

تغييرات أمنية

وصدرت توجيهات رئيس الوزراء حيدر العبادي بغلق الجسرين بعد ساعات على نجاح الآلاف من أنصار التيار الصدري في التجمع عند المنطقة الخضراء وسط بغداد، رغم الإجراءات الأمنية المشددة وقرار الحكومة بمنع الاعتصام، قبل ان يذهب الى نقل صلاحيات ملف العاصمة الأمني من قيادة عمليات بغداد إلى قيادة العمليات المشتركة ليكون الفريق الركن طالب شغاتي مشرفاً مباشراً على أمن العاصمة.

ونجح اتباع التيار الصدري في تحدي الإجراءات الأمنية المشددة وقرار الحكومة بمنع الاعتصام، ووصلوا إلى محيط المنطقة الخضراء، حيث من المقرر أن يستمر تحركهم الاحتجاجي لأيام عدة.

وعلى جسر الجمهورية فوق نهر دجلة، تنحت قوات الأمن جانبا وسمحت للمتظاهرين بإزالة الأسلاك الشائكة، وسط هتافات المحتجين تدعو للتخلص من "الحرامية واللصوص"، وهو ما تم تناقله عبر تسجيل اظهر كيف تعاملت القوات الأمنية العراقية بحياد مع المتظاهرين، ويرى مراقبون انه كان السبب وراء تجريد قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري من مهامه واناطتها بقيادة العمليات المشتركة.

ورداً على قرار العبادي قال، غالب الزاملي، عضو لجنة الأمن في مجلس محافظة بغداد وهو شقيق رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان حاكم &الزاملي وكلاهما من قيادات التيار الصدري، &إن "قرار إلحاق قيادة عمليات بغداد بقيادة العمليات المشتركة قرار خطأ، يتحمله رئيس الوزراء، ومرتبط بموقف القائد من اعتصامات اليوم"، مشيرا إلى أن "قائد عمليات بغداد كان متعاونا جدا في حماية المتظاهرين ولم يصدر أوامره لعناصر الجيش بمنع المتظاهرين بالقوة".

وأضاف الزاملي أنه "لو أصدر قائد عمليات بغداد، أوامره بمنع المتظاهرين باستخدام القوة، لكانت هناك اشتباكات ووضع أمني صعب في العاصمة، لكنه لم يفعل ولم يعص الأوامر العسكرية وتعامل مع الوضع برؤية وطنية".

وبنبرة حادة اقرب ما تكون الى إذاعة بيان عسكري او اعلان حالة طوارئ، اعلن مذيع قناة العراقية ان الشمري لا يزال قائدا لعمليات بغداد لكن الأخير قال في الاتصال الهاتفي "انه جندي وسيكون أينما رأت القيادة ذلك".

ونقلت قناة الفرات عنه انه "لو اعطى أوامر للقوات الأمنية لمواجهة المتظاهرين على جسسر الجمهورية وعدم تنحيها جانباً لكان لون دجلة احمر".

وابلغ مصدر امني "إيلاف" ان أوامر صدرت بعودة قوة التدخل السريع التي أرسلت لتنتشر في بعقوبة قبل أسبوع بهدف فرض الامن هناك، لتقوم بمهام جديدة في العاصمة.

حيتان الفساد

من جهته، قال المتحدث باسم رئيس التيار الصدري صلاح العبيدي، ان المعتصمين يطالبون الحكومة &بتنفيذ الاصلاحات دون تسويف ومماطلة وضرب حيتان الفساد في الدولة العراقية.

وذكر العبيدي في تصريح صحافي أن "الاعتصامات انما هي لدعم مشروع الاصلاح الجوهري".

وأضاف ان "قانونية التظاهر ثابتة وما دخلت داعش الى الموصل الا بسبب المفسدين وهذه التظاهرات والاعتصامات هي لضرب المفسدين وهي ليست ضد السيد العبادي بل هي لدعمه وتحفيزه على ان يتخذ&خطوات جادة".

اجتماع الرئاسات

شيروان الوائلي مستشار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اكد ان اجتماع الرئاسات وقادة الكتل الذي دعا اليه الرئيس سيكون قائما ولا تأجيل فيه وان اغلب القادة سيحضرون باستثناء الصدر الذي سيوفد ممثلا عنه.

وقال الوائلي لـ"إيلاف" ان "الاجتماع سيعقد مساء اليوم في قصر السلام وان دعوات وجهت الى السيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر الذي سيوفد رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري ضياء الاسدي ممثلا عنه إضافة الى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري".

انتخابات مبكرة

وفي تحول مفاجئ في موقف المرجع الديني محمد اليعقوبي والذي يعد المنظر لحزب الفضيلة الإسلامي فقد دعا الى إجراء انتخابات مبكرة بعد تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقيقية، وطالب بتعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ ارادة الناخبين.

وقال المرجع اليعقوبي في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه ان "الساحة العراقية تشهد منذ عدة اشهر حراكاً جماهيرياً للمطالبة بالإصلاح بعد ان استشرى الفساد وغابت الادارة الكفوءة والتخطيط الصحيح وحلّ محلها التخبط والفوضى والانانية وحيازة المغانم على حساب المواطنين الذين اصابهم قلق حقيقي مما يحصل".

واضاف اليعقوبي ان "المشاريع والافكار المطروحة تعددت ولكل منها غاياته واهدافه"، مشيرا الى انه "سبق في تشخيص المشاكل قبل وقوعها واستفحالها ووضع الحلول والبرامج الصحيحة لتحقيق الاصلاح في بيانات عديدة ولم يستفد منها المعنيون".

واوضح ان "من تلك الحلول هي تأسيس (مجلس الاعيان والحكماء والخبراء) الذي يضم اهل الحنكة والتجربة والحكمة والنزاهة والكفاءة المستقلين عن الانتماءات الا للعراق ارضاً وشعباً"، لافتا الى انه "حدّد مهام هذا المجلس، ولو قدّر لهذا المشروع ان يأخذ دوره لكان هذا المجلس صاحب الكلمة الفصل في تقييم عمل الحكومة بوزاراتها وهيئاتها وأداء القضاة ومن ثم تقديم ورقة مفصلة لبرنامج الاصلاح، وفق المبادئ الثابتة انطلاقاً من خط الشروع الذي يحافظ على حقوق الشعب ومكتسباته وانجازاته، وليس بتدمير كل شيء والعودة الى نقطة الصفر التي تعني الفوضى، ولا بإبقاء هيمنة المستبدين الفاسدين المستأثرين".

وخلص اليعقوبي الى التأكيد &ان "الحل يكون بإجراء انتخابات مبكرة بعد تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقيقية من مهنيين وطنيين موضوعيين"، وطالب بـ"تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ ارادة الناخبين وليقول الشعب حينئذٍ كلمته في من يدير شؤون البلاد بعيداً عن فرض الارادات بالقوة".