يسابق رئيس الحكومة العراقية الوقت لإعلان تشكيلته الحكومية قبل انتهاء مهلة مجلس النواب، داعيًا البرلمان والقيادات السياسية إلى حسم موقفها حول شكل التغيير الحكومي، إن لجهة الاختيار من الكتل أو الذهاب نحو تسمية وزراء تكنوقراط.
بغداد: قبل 30 ساعة من انتهاء مهلة مجلس النواب له لإعلان تشكيلته الحكومية الجديدة، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مجلس النواب والكتل السياسية، إلى تحديد موقفها من شكل التغيير الوزاري المنتظر الخميس بتقديم وزراء من الكتل السياسية أو من التكنوقراط خارج الكتل والمحاصصة، وانتقد التظاهرات والاعتصامات التي يقودها الصدر، موضّحًا انها تشكل عبئًا على القوات المسلحة لحفظ امن بغداد وبقية المحافظات.
واضاف العبادي في كلمة متلفزة الى العراقيين مساء الثلاثاء انه عرض امام الشعب العراقي قبل شهر ونصف مطلبًا للتعديل الوزاري وطلب من مجلس النواب وكتله السياسية التعاون لتحقيق التغيير المنشود الذي يساعد على مواجهة التحديات الاستثنائية السياسية والاقتصادية والمالية التي تواجه العراق.
وقد أصرّت الكتل السياسية على أن يتم ترشيح الوزراء من قبلها، باعتبار أنّ النّظام البرلماني هو نظام كتل انتخابية يعطيها الحق في المشاركة في تشكيل الحكومة حسب النسب، وفي المقابل هناك من يطالب باختيار الوزراء خارج المحاصصة مما يتيح المجال لإختيار تشكيلة وزارية على أسس جديدة.
اننا حريصون على مصارحة ابناء شعبنا بالاحداث والتطورات السياسية ، ونود ان نوضح في هذا الصدد بأن الأزمة الحالية هي أزمة سياسية يجب حلها بالتفاهم بين القوى السياسية.
الأخطار المحدقة
وأكد العبادي ضرورة التعاون وتحمل الجميع مسؤولياتهم للوصول بالعراق وشعبه الى بر الأمان، والالتفات بالدرجة الاولى الى الاخطار المحدقة بالبلاد، والمضي بطريق الاصلاح ، وان يتم ذلك في أجواء من الانسجام والتفاهم والمصارحة والحرص على المصالح العليا للبلاد .
وقال "لقد بدأنا خطوات الاصلاح منذ فترة وعرضنا مشروعًا متكاملاً يتضمّن عشرة ملفات اساسية حول معايير اختيار اعضاء مجلس وزراء من التكنوقراط، وتقييم اداء الوزارات، ومكافحة الفساد، وتبسيط الاجراءات، والبرنامج الحكومي، وحزم الاصلاحات في مختلف القطاعات، اضافة الى آليات اختيار المهنيين لاشغال المناصب العليا في الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والمدراء العامين ممن تتوفر فيهم المواصفات المطلوبة، بعيدًا من المحاصصة السياسية".
وشدد على ان جهود مكافحة الفساد مستمرة وذلك باجراء تدقيق وفحص شامل لكل من استغل المنصب وأثرى على حساب المال العام والملاحقة القانونية لظواهر الثراء الفاحش وفرض قوة القانون بالحجز وغيره لحين انتهاء التحقيقات. موضحا ان ذلك يشمل حماية القضاة الذين يتصدون لملاحقة الفاسدين وتوفير التسهيلات اللازمة لانجاز عملهم على أكمل وجه.
وشدد على ان الحكومة تعطي الأولوية القصوى للحرب ضد عصابة داعش الارهابية لأنها حرب وجودية يستهدف خطرها العراق والعالم أجمع .. واضاف قائلا "حتى موعد حسمها بالنصر المؤزر ستبقى هذه الحرب همنا الأكبر الذي يتقدم على بقية الهموم ، اذ لايمكن بعد كل هذا الصمود الأسطوري والتضحيات الجسام ان ننسى او نتناسى ان على خطوط النار شباب غيارى يواصلون القتال ليلاً ونهارًا، ويضحّون بأرواحهم ليحققوا لنا الانتصارات الباهرة والمتلاحقة ومنها الانتصارات التي تحققت في الايام الاخيرة في غرب الانبار والحويجة والموصل".
أمن بغداد&
واشار الى ان ادامة زخم الانتصارات يتطلب دعم واسناد وتعزيز الجبهات ماديا ومعنويا وبكل متطلبات الحرب الباهظة التكاليف ، وان أي غفلة سيستغلها العدو الارهابي لتحقيق اهدافه وتعويض هزائمه التي مني بها على ايدي مقاتلينا الابطال .
واوضح ان أمن بغداد والمحافظات اصبح يتطلب جهودًا وامكانات اضافية، الأمر الذي بات يشكّل ضغطًا كبيرًا على قوات الجيش والشرطة والاجهزة الامنية التي تعيش حالة انذار، وتتّخذ إجراءات وقائيّة لحماية المتظاهرين وتأمين حياة المواطنين ومصالحهم التي مازالت هدفًا لعصابات الجريمة وللهجمات الارهابية وحيث انهم اليوم استهدفوا العمال البسطاء الساعين لكسب قوتهم ورزقهم في ساحة الطيران وسط بغداد & وقبلها ارتكبوا جريمتهم البشعة في ملعب لكرة القدم بمحافظة بابل، كما احبطت القوات الامنية قبل ايام قليلة محاولة عدد من الارهابيين تفجير انفسهم في مخيمات الاعتصام بهدف اثارة الفوضى، ولولا عناية الله ولطفه لحصل ما لا تحمد عقباه .
وحذر العبادي من ان حالة الاستنفار اصبحت تؤثر على الموقف في جبهات الحرب ضد داعش في ضوء بقاء بعض القوات وتعزيزها بقوات اضافية في بغداد والمحافظات تحسبا لوقوع اعتداءات ارهابية وخروقات امنية .
ودعا جميع ابناء الشعب وقواه السياسية الى مراعاة ذلك وتخفيف الضغط على القوات المسلحة والاجهزة الأمنية .. وقال "ومن ناحيتنا نتعهد للجميع بتنفيذ التغيير الوزاري والاصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة التي اعلناها ومحاربة الفساد والمفسدين ، في الوقت الذي نذكٌر فيه ان الاصلاح مسؤولية جماعية وتضامنية ولا تقع على جهة من دون اخرى".
التفاهم بين القوى السياسية
وأكد الحرص على مصارحة الشعب بالاحداث والتطورات السياسية .. واوضح انه في هذا الصدد بأن الأزمة الحالية هي أزمة سياسية يجب حلّها بالتفاهم بين القوى السياسية، ولا يجوز من اجل تحقيق الاصلاحات التأثير على الوضع العسكري او التضييق على حركة المرور وحريات المواطنين،، خصوصًا في المناطق السّكنيّة التي تعيش فيها عوائل المواطنين حالة حرج وقلق، مع التأكيد على ان حق التظاهر مكفول ضمن حدود احترام القانون واننا نسعى بكل جد لتلبية التطلعات المشروعة لأبناء شعبنا في تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص في انتقاد للاعتصامات والتظاهرات التي يقودها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر منذ ايام.
واضاف رئيس الوزراء العراقي قائلا "لقد عرضت امام الشعب العراقي قبل شهر ونصف مطلبا للتعديل الوزاري وطلبت من مجلس النواب وكتله السياسية التعاون لتحقيق التغيير المنشود الذي يساعد على مواجهة التحديات الاستثنائية السياسية والاقتصادية والمالية التي تواجه العراق ، وقد اصرت الكتل السياسية على ان يتم ترشيح الوزراء من قبلها باعتبار ان النظام البرلماني هو نظام كتل انتخابية يعطيها الحق بالمشاركة في تشكيل الحكومة حسب النسب وفي المقابل هناك من يطالب باختيار الوزراء خارج المحاصصة مما يتيح المجال لإختيار تشكيلة وزارية على أسس جديدة".
تحديد الموقف
واشار الى انه "أمام ذلك، فإن على مجلس النواب وكتله السياسية ان يحددوا موقفهم بصورة واضحة وعلنية في هذا الموضوع لأن رئيس الحكومة ، أي رئيس حكومة ، لا يمكنه العمل وتحقيق النجاح في خدمة البلاد ونظامها الديموقراطيّ من دون تفاهم مع مجلس النواب وانسجام مع كتله السياسية".&
واضاف انه على ضوء ذلك، فإنه ليس من الحكمة تقديم تشكيلة وزارية تواجه بالرفض من مجلس النواب وبالتالي ينقض الغرض من التعديل الوزاري. &وعليه فإن على مجلس النواب ان يحدد بصورة واضحة موقفه وما يطلبه من رئيس الوزراء : هل المطلوب تقديم وزراء من الكتل السياسية ام تقديم وزراء تكنوقراط خارج الكتل والمحاصصة وهل ان تصويته الاخير يعني ذلك ام يعني شيئا آخر، كما يصرح بذلك بعض قادة الكتل ؟ فلابد من حسم هذا الموضوع والانتقال الى مرحلة جديدة في عمل الحكومة وقيامها بواجباتها الجسيمة في المجالات العسكرية والامنية والاقتصادية وتوفير الخدمات واعادة الاستقرار والنازحين للمدن المحررة .
وقال العبادي في ختام كلمته "اننا نعلن ذلك بصراحة ووضوح امام شعبنا لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار وتحقيق الاصلاحات والتغيير الوزاري الذي هو جزء من مشروع الاصلاحات الذي قدمناه في بدايات تشكيل الحكومة ونعتقد ان تنفيذه يحقق طموحات شعبنا ويلبي تطلعاته المشروعة، ونحن مصرّون على المضي به مهما بلغت الصعوبات".
&
التيار الصدري يرفض الاصلاحات الترقيعية
وقبيل القاء العبادي كلمته، اكد التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر رفضه لما اسماها الإصلاحات الترقيعية معتبرا انها خيانة للشعب العراقي داعيًا رئيس الوزراء الى فضح الجهات السياسية التي تعمل على عرقلة إصلاح العملية السياسية.
وقال علي سميسم القيادي في التيار الصدري والمتحدث باسم الاعتصامات المقامة قرب بوابات المنطقة الخضراء في بغداد خلال مؤتمر صحافي اليوم، إنّ هناك رسائل عديدة وصلت التيار من مختلف شرائح المجتمع العراقي الداعمة لمشروع الإصلاح معلنة رغبتها الحضور إلى الخضراء داعيا اللجان التنسيقية ترتيب حضورها.
وأكد سميسم رفض أية فكرة مطروحة تحمل صفة الإصلاحات الترقيعية معتبرا أنها "تمثل خيانة للشعب العراقي وتغطية للفساد وحماية للفاسدين". واضاف ان على رئيس الوزراء حيدر العبادي فضح الجهات السياسية التي تعرقل مشروع الإصلاح .. لافتًا إلى أنّ "الشعب العراقي ستكون له كلمته امام كل الجهات المعرقلة للإصلاح".
ويوم امس امهل مجلس النواب العبادي حتى الخميس المقبل لإعلان تشكيلته الحكومية الجديدة كحدّ اقصى، فيما تعصف الخلافات بالقوى السياسية التي تتهمه باختيار الوزراء الجدد، من دون استشارتها وبتهميش الاحزاب الدينية.
وتصر الكتل السياسية سواء كانت المنظوية في التحالف الشيعي او خارجه مثل تحالف القوى السنية والتحالف الكردستاني ان يكون اختيار الوزراء الجدد من قبل اللجنة المشكلة من قبل العبادي برئاسة وزير التخطيط السابق النائب مهدي الحافظ عازية السبب لعدم معرفة اعضاء اللجنة بالشخصيات التي تختار الوزراء ضمن التعديل الوزاري وتطالبه بان تكون الكتل السياسية هي التي تحدد الشخصيات المهنية والكتنوقراط.
وتشهد بغداد وتسع محافظات وسطى وجنوبية أخرى منذ يومين تظاهرات عامة دعما لموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وللمطالبة بتحقيق اصلاح شامل واعلان حكومة التكنوقراط المنتظرة .&
&
التعليقات