هاجم قائد للحشد الشعبي العراقي الذي يضم متطوعين لقتال تنظيم "داعش" عدم اهتمام العبادي بتسليح وتدريب هذه القوات التي قال إنها قدمت آلاف القتلى والجرحى في هذه المعارك متهمًا إياه بمحاولة حل الحشد الذي تشكل بفتوى من المرجع الشيعي الاعلى السيستاني وعدم تسليحه وتدريبه او دفع مرتبات لعناصره.
لندن: يقول القائد الميداني للحشد الشعبي المعروف بارتباطاته مع الحرس الثوري الايراني، أبو مهدي المهندس، في رسالة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي وحصلت "إيلاف" على نصها انه بسبب عدم امكانيته تركة منطقة العمليات ضد تنظيم "داعش" والحديث معه مباشرة فإنه قد اضطر إلى توجيه هذه الرسالة له (علها تصلكم) كما قال له.
ويشير إلى أنّه في عام 2015 تم تخصيص ميزانية للحشد هي رواتب المقاتلين وكانت هزيلة وتعادل أقل من ميزانية شهر واحد لوزارة الداخلية لكنه لم يذكر قيمتها.
ويضيف انه اجتمع مع اللجنة المالية في البرلمان وبعد مناقشات حول دور وحاجة الحشد تم تخصيص تريليوني دينار (حوالى ملياري دولار) لكن العبادي لم يوافق الا على تريليون واحد ولم يستلم الحشد هذه السنة سوى ثلث هذا المبلغ وهو مخصص لشراء السلاح والعتاد.
ويقول في رسالته انه تحدث مع العبادي عدة مرات خلال الاربعة اشهر الماضية موضحا له ان الحشد يتحمل مسؤولية جسيمة في ادارة معركة ضخمة تشترك فيها قوات الجيش والشرطة وهي لديها بنية تحتية ومعسكرات وامكانيات تسليحية "ونحن نخوض حرب شراكة معهم ولكن من دون بنى تحتية وبأسلحة وأعتدة اغلبها خفيف ومتوسط".
ويضيف نائب القائد العام للحشد الشعبي مخاطبا العبادي في رسالته المعنونة بتاريخ امس الثلاثاء بالقول "عرضت عليكم عدة مرات حاجة الحشد لمعسكرات ومراكز تدريب وإلى اعتدة وأسلحة أكثر من الموجود حاليا حيث نضطر في كل معركة إلى التوسل والاستجداء.. واليوم نحن وسط معركة شرسة وتنتظرنا معارك أشرس وبعد تقديم الاف الشهداء والجرحى اسمع بأن ما تم تخصيصه من قبلكم للحشد هزيل واقل من الميزانية السابقة".
ويقول للعبادي "حتى إذا كانت نيتكم حل الحشد الشعبي في المستقبل البعيد او القريب فعلى الاقل يجب توفير الامكانات والاموال لإدامة زخم المعركة الحالية".
وكان الحشد الشعبي الذي يضم حاليا حوالى 200 الف مقاتل من بين حوالى المليوني شخص سجلوا اسماءهم للتطوع اثر فتوى أصدرها المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني بعد ثلاثة ايام من احتلال تنظيم "داعش" لمدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 وتهديده بالزحف للاستيلاء على مدينتي كربلاء والنجف المقدستين.
ونتيجة لعدم اهتمام الدولة بالحشد وعدم دفع مرتبات عناصره منذ اشهر فقد هاجر المئات منهم ضمن الهجرة الجماعية التي يشهدها العراق وسوريا إلى الدول الاوروبية حيث وصلوا فعلا إلى المانيا والسويد واليونان وفرنسا.
المهندس يلمح لإمكانية حل الحشد الشعبي
ويشير أبو مهدي المهندس قائلا "نحن متطوعون.. صحيح ولكن هؤلاء المتطوعون الا يستحقون رواتب مثل رواتب اخوتهم الجنود والشرطة والضباط خاصة وان في الحشد آلافا من الاختصاصيين من الاطباء والمهندسين وخبرات عسكرية مختلفة كما ان هناك الالاف من عوائل الشهداء وهم في معظمهم من الفقراء وهناك الاف الجرحى والمعاقين لا تكفي الميزانية الهزيلة الحالية لعلاجهم".
ويتساءل ابو مهدي المهندس في رسالته موجها كلامه إلى العبادي قائلا "لماذا يبقى تسليح الحشد بهذا المستوى وحرمانه من العجلات المدرعة القتالية والناقلات والهمرات عدا العدد القليل الذي يحصل عليه الحشد؟.. ولماذا يترك المتطوعون ليواجهوا مفخخات وصواريخ واسلحة العدو بأجسادهم الغضة ومعظمهم شباب في العشرينات من العمر.. لماذا يتم حرمانهم من وسائل كشف وتفجير العبوات الناسفة؟".
ويطالب المهندس العبادي في ختام رسالته بإعادة النظر في قيمة الميزانية الخاصة بالحشد وبالادارة الحالية للمعركة وتشكيل هيئة اركان تضم وزارتي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي او قيادة عمليات مشتركة تقوم بإعداد وتوزيع الاموال والاسلحة والاعتدة بحسب متطلبات المعركة ولمن يحارب ومن دون تفريق.
وابو مهدي المهندس مولود في البصرة عام 1954 ثم حصل على شهادة البكالوريوس عام 1977 من الجامعة التكنولوجية في بغداد فرع الهندسة والعودة إلى البصرة والعمل في المنشأة العامة للحديد والصلب بصفة ملاحظ فني حتى عام 1980 عندما اضطر إلى الهرب إلى الكويت بجواز سفر مزور يحمل اسم جمال عبدالنبي علي بعد ورود اسمه في اعترافات مسؤولي حزب الدعوة في البصرة الذين وقعوا في قبضة رجال الامن.
وفي الكويت أعاد ارتباطه بحزب الدعوة من خلال احد قادته وهو عبدالزهرة عثمان (ابو ياسين) وكان هاربا من العراق ايضا ويتخذ اسما حركيا اشتهر به فيما بعد (عزالدين سليم) قبل ان يقتل في بغداد عام 2004 بانفجار سيارة مفخخة عندما كان يشغل منصب رئيس مجلس الحكم الذي شكله الاميركيون بعد اسقاطهم نظام صدام حيث تعرف هناك على كثير من قيادات وكوادر الحزب ممن سبقوه في الهرب إلى الكويت.
وخلال استقرار المهندس في الكويت لعدة سنوات تشير المعلومات إلى أنه كان يحمل الرقم 2722174 في بطاقة إقامته حيث مارس نشاطاً سياسياً وأمنياً معادياً لنظام صدام حسين قبل أن تمنعه الحكومة الكويتية آنذاك من مزاولة أي نشاط على أراضيها.
وبعد وقوف دول الخليج مع العراق في حربه ضد إيران هاجم المهندس مطلع عام 1983 مع مجموعة من رفاقه في حزب الدعوة رداً على ذلك، عدداً من المباني الحساسة في العاصمة الكويت ومنها السفارتان الأميركية والفرنسية وبعثات أخرى بواسطة متفجرات تبيّن أنها محلية الصنع وجرى تحضيرها داخل البلاد ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص واصابة 80 آخرين بينهم رعايا أوروبيون وأميركيون.
هذا الأمر دفع القضاء الكويتي إلى الحكم بالإعدام على المهندس بعد إدانته بالضلوع في تلك التفجيرات بصفة منفذ لكن المهندس كان قد فر من الكويت بعد ساعات من التفجيرات إلى إيران عبر رحلة بحرية كان قد حجز تذكرة على متنها قبل يوم واحد من تنفيذ التفجيرات واستقر هناك وتزوج من سيدة إيرانية واكتسب الجنسية الإيرانية ثم عُيّن مستشاراً عسكرياً لدى قوات القدس التي كانت تتولى مهاجمة القوات العراقية (خلال الحرب بين البلدين) والتي كانت مرابطة حول البصرة مسقط رأسه.
الحشد الشعبي توصيات.. واتهامات
ويعتبر الحشد الشعبي منظومة أمنية ضمن المؤسسة الأمنية العراقية كما صرح بذلك العبادي وله ميزانية تقدر بحوالى 60 مليون دولار من الميزانية العراقية لعام 2015.
ولدى تشكيل الحشد فقد اصدر السيستاني توجيهات تضمنتها 20 توصية تحث منتسبيه على التعامل بالأخلاق الإسلامية وعدم التعرض للناس أو أهالي المنتمين لداعش في المناطق المحررة بأي أذى أو اضطهاد وعدم إيذاء الكبار بالسن والأطفال والنساء وعدم قطع أي شجرة إلا أن يضطروا إلى قطعها وكذلك معاملة غير المسلمين معاملة حسنة وعدم المساس بهم.
لكن هذا لم يمنع عناصر في الحشد من ارتكاب عمليات نهب وقتل طائفي دفعت بالزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى القول ان ميليشيات وصفها بالوقحة تعمل بمعية الحشد الشعبي تقوم بعمليات ذبح واعتداء بغير حق ضد مواطنين عراقيين لا ينتمون إلى تنظيم "داعش" وأكد أن مثل هذه الممارسات ستؤدي إلى فشل النصر الذي حققه الحشد المطيع للمرجعية والمحب للوطن ودعا إلى عزل هذه الميليشيات.
ومن جهتها أشارت منظمة هيومان رايتس ووتش إلى تعرض المناطق السنية إلى انتهاكات قد يرقى بعضها إلى جرائم الحرب وقالت ان بعض المناطق تعرضت إلى هجمات تبدو وكأنها جزء من حملة تشنها الميليشيات لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة.
ويخوض الحشد الشعبي الذي يتكون في غالبيته العظمى من متطوعين شيعة قبل ان ينضم اليه مؤخرا متطوعون من المناطق السنية التي يحتلها "داعش" معارك ضارية حاليا ضد التنظيم في شمال بغداد بعد ان كان شارك القوات الامنية في تحرير بعض المدن والبلدات في غرب العراق.
التعليقات