تونس: وقع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الخميس قانون إحداث "المجلس الأعلى للقضاء" (هيئة دستورية) الذي صادق عليه البرلمان الشهر الماضي وعارضته كل نقابات القضاة التي رأت انه لا يضمن استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية.

وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان ان قائد السبسي "ختم اليوم القانون الأساسي المتعلّق بالمجلس الأعلى للقضاء" ليدخل القانون بذلك حيز النفاذ.

وفي 23 اذار/مارس 2016 صادق مجلس نواب الشعب (البرلمان) الذي يحظى فيه حزبا "حركة النهضة" الاسلامية و"نداء تونس" العلماني (شريكان في ائتلاف حكومي رباعي) بأغلبية المقاعد، على قانون إحداث المجلس الاعلى للقضاء.

وحظي القانون بمصادقة 132 نائبا هم كل من حضروا جلسة المصادقة من إجمالي 217 نائبا يعدهم البرلمان.

وقد أحال الرئيس التونسي هذا القانون الى "الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين" للبت في دستوريته من عدمها.

ولم تحسم الهيئة موقفها من القانون لأن نصف أعضائها أقروا بدستوريته فيما اقر نصف آخر بعدم دستوريته ما جعلها تحيله في 22 نيسان/ابريل 2016 على رئيس الجمهورية ليبتّ فيه.

وفي 24 نيسان/أبريل دعت "جمعية القضاة التونسيين" وهي أقدم نقابة للقضاة في تونس، الرئيس الباجي قائد السبسي الى إرجاع القانون الى البرلمان "لاعادة التداول فيه" و"لدفع شبهة عدم الدستورية التي ستظل عالقة بهذا القانون والتي يتوجّب استبعادها لأثره الحاسم في سلامة التمشي من عدمه نحو المؤسسات المستقلة لاحدى سلطات الدولة الثلاث".

وكانت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين أسقطت في 2015 نسختيْن من قانون المجلس الاعلى للقضاء صادق عليهما البرلمان، مبررة ذلك بعدم تطابقهما مع الدستور التونسي الجديد الذي ينص على استقلالية القضاء.

وقال القاضي احمد الرحموني رئيس "المرصد التونسي لاستقلالية القضاء" (منظمة حقوقية غير حكومية) لفرانس برس ان القانون الذي وقعه الرئيس التونسي "أبقى على الامتيازات نفسها التي كانت تتمتع بها وزارة العدل في عهد (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي في انتداب القضاة وتكوينهم وتفقّدهم (مراقبتهم)، وأسس لمجلس محدود الصلاحيات وفاقد للسلطات".

وكانت نقابات القضاة رفضت إبقاء المعهد الاعلى للقضاء (معهد لتكوين القضاة) ومركز الدراسات القانونية والقضائية (يقوم باعداد دراسات ومشاريع قوانين)، والتفقدية العامة للقضاة (تحقق في اخطاء وتجاوزات القضاة وتحيل نتائج التحقيق الى المجلس الاعلى للقضاء) تحت إشراف وزارة العدل وطالبت بإلحاقها بالمجلس الاعلى للقضاء.

واعتبر الرحموني ان الهدف من تمرير قانون "يعطي صلاحيات محدودة للمجلس الاعلى للقضاء" هو "حماية الفساد والفاسدين".

وقال في هذا السياق "الواقع السياسي في تونس اليوم يتميز بهيمنة حزبي النهضة والنداء على البرلمان ودعوتهما الى مصالحة اقتصادية وسياسية مع رموز فساد من النظام السابق، وباستمرار منظومة فساد لا يمكن حمايتها إلا بإعطاء السلطة التنفذية امتياز وضع اليد على القضاء (..) لحماية الفساد والفاسدين".

وكان وزير العدل محمد صالح بن عيسى الذي اقاله رئيس الحكومة الحبيب الصيد في 20 أكتوبر/تشرين الاول 2015، أعلن انه اقيل بعدما رفض حضور جلسة في البرلمان مخصصة للمصادقة على مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء.

وقد برر بن عيسى، آنذاك، هذا الرفض بإدخال لجنة التشريع العام في البرلمان "تغييرات كليّة" على مشروع القانون الاصلي الذي أعدته وزارة العدل.

وبحسب الدستور التونسي "يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاله".