برازيليا: تظاهر مئات الأشخاص الاثنين في ريو دي جانيرو أمام مقر وزارة التربية، وهم يطلقون شعارت مناهضة للرئيس البرازيلي بالوكالة ميشال تامر، معتبرين أن حكومته "غير شرعية".

وأطلق المتظاهرون، الذين يمثلون نحو مئة منظمة ثقافية، هتافات على غرار "أيها الانقلابيون والفاشيون لن تمروا"، وأقاموا سلسلة بشرية أحاطت بمقر الوزارة.&

وكان تامر اللبناني الأصل، البالغ الخامسة والسبعين من العمر، تسلم الخميس الرئاسة بالوكالة، بعد بدء القضاء النظر في إقالة الرئيسة ديلما روسيف لقيامها بالتلاعب في الحسابات العامة.

وقال المخرج السينمائي روي غيرا (84 عامًا): "أرفض الوضع السياسي الحالي، وأرفض هذا الانقلاب، الذي يعيدنا سنوات إلى الوراء، ويغرق البرازيل في الظلامية".

&وأول الإجراءات التي اتخذها تامر وضع الثقافة تحت إشراف وزارة التربية، ما أثار غضب الوسط الثقافي والفني في البرازيل. وقالت ممثلة المسرح آنا لوتشيا باردو: "نحن هنا لتوجيه رسالة واضحة إلى تامر، ولكي نقول له إننا لا نعترف بحكومة غير شرعية، وللمطالبة بعودة وزارة الثقافة". وكان مسؤولو حزب العمال بقيادة روسيف دعوا البرازيليين إلى المقاومة بتحركات صغيرة ومتواصلة.

يساريون متذمرون
كما دعا اليسار البرازيلي الاثنين الى تظاهرات احتجاج ضد الحكومة "غير الشرعية" للرئيس البرازيلي بالوكالة ميشال تامر، التي دشنت ولايتها بنقاش مع النقابات حول إصلاح لنظام التقاعد لا يتمتع بدعم شعبي.

ودعا حزب العمال (يسار)، حزب ديلما روسيف التي أبعدت الخميس عن الحكم نتيجة اجراء اقالة تتضارب الاراء في شأنه، الى التعبئة ضد نائب الرئيس ميشال تامر الذي عمل على اسقاطها بكل ما أوتي من قوة. وكتب رئيس حزب العمال روي فالكاو على مواقع التواصل الاجتماعي "رد الفعل الشعبي على الانقلاب مستمر، وتظاهرات الاحتجاج والتنديد ستستمر".

واتخذ عدد كبير من دول اميركا اللاتينية، مثل كوبا وبوليفيا او فنزويلا، مواقف من الوضع السياسي في البرازيل. فقرر رئيس السلفادور سانشيز سيريت السبت عدم الاعتراف بحكومة تامر، معتبرًا ان اقالة ديلما روسيف "تلاعب سياسي على شكل انقلاب". وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، نشرت روسيف رسالة شكرت فيها "التضامن الدولي" بعد هذه "المهزلة القضائية".

شعبية جزئية
وقال تامر الاحد خلال برنامج يستأثر باهتمام قسم كبير من البرازيليين على الشبكة التلفزيونية الاولى في البلاد "تي.في غلوبو"، "لديّ شرعية دستورية". لكن تصريحه قوبل بالسخرية والاستهزاء في عدد كبير من المدن البرازيلية.

اضاف تامر، البيروقراطي، الذي لا يعرفه البرازيليون كثيرا، ويضاهي تراجع شعبيته تقريبا تراجع شعبية الزعيمة اليسارية، "انتخبت مع السيدة الرئيسة. الاصوات التي حصَلَت عليها، حصلتُ عليها انا ايضا... لكنني اعترف بأن ليست لديّ قاعدة شعبية واسعة، وانني لن اكسبها إلا اذا قمت، مع حكومتي رغم انها مؤقتة، بعمل مفيد لبلادي".

وبدأ تامر الاثنين في مقر الرئاسة محادثات حساسة مع الهيئات النقابية حول اصلاح لقانون التقاعد ينص على تحديد عمر ادنى للذهاب الى التقاعد واحتمال تمديد سنوات دفع المساهمات المالية.

موديز: قدراته غير واضحة
لكن الاتحاد الموحد للعمال القريب من حزب العمال، انسحب من الاجتماع، موضحا انه لن "يعترف بالانقلابيين حكاما". وانتقدت نقابة "فورسا سنديكال" التي سعت بكل قواها الى اقالة ديلما روسيف، مقترحات وزير الاقتصاد الجديد هنريكي ميريلس. وقال رئيسها النائب باولينهو بيريرا دا سيلفا "لن نقبل بأن يمسوا بوضع الموجودين الان في سوق العمل. وبالنسبة الى الاخرين، نحن مستعدون للنقاش".

واعتبرت وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني في بيان، ان قدرة ميشال تامر على حمل النواب على الموافقة على تدابير التقشف، "غير واضحة على الاطلاق". لذلك رأت الوكالة "ضرورة اجراء اصلاحات بنيوية لتخفيف ميزانية الدولة التي ترزح تحت عبء تراجع العائدات الضريبية والكلفة العالية للديون"، من اجل انعاش الاستثمارات ونمو البرازيل التي تواجه اسوأ كساد اقتصادي منذ عقود.

شريحة النساء
الارادة التي ابداها ميشال تامر من اجل "ارساء السلام" و"توحيد" بلد قسمته منذ اشهر ازمة سياسية وفضيحة فساد في شركة "بتروبراس" النفطية الوطنية، افسدها تشكيل حكومته التي لا تمثل في الواقع تنوع المجتمع البرازيلي. وقد اثارت تشكيلة الفريق الحكومي الجديد الذي يبدو ليبراليا في الشكل، لكنه محافظ في الواقع، ويتألف حصرا من البيض، ويخضع سبعة من وزرائه لتحقيقات قضائية بتهم الفساد، انتقادات كثيرة.

ووعد ميشال تامر الاحد بتعديل التشكيلة، وعيّن في مناصب سكرتير دولة "ممثلات عن الشريحة النسائية". واعلنت الرئاسة الاثنين تعيين الخبيرة الاقتصادية ماريا سيلفيا باستوس رئيسة للبنك الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذراع المالي الصلب للدولة البرازيلية.