عيّنت تيريزا ماي في المواقع الاساسية من حكومتها عددًا من اشد انصار خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وفي طليعتهم بوريس جونسون، ما يثبت عزمها على انجاز عملية الانفصال عن الكتلة الاوروبية.

لندن: فاجأت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في اختيارها بوريس جونسون وزيراً للخارجية، والذي تراجعت مكانته كثيرًا في الاونة الاخيرة،&فبعدما غدره مايكل غوف، حليفه الرئيسي في حملة الخروج من الاتحاد الاوروبي، تخلى عن الترشح لرئاسة الحكومة وبدا مستقبله &السياسي قاتمًا،&وعيّن الرئيس السابق لبلدية لندن الذي لم يسبق أن تولى أي حقيبة حكومية، وزيرًا للخارجية، وهو دور مفاجئ لشخص معروف بهفواته وتصريحاته المريبة.&

ووصف المراقب المتابع للمحافظين بيتر سنودون لوكالة فرانس برس هذا الخيار بأنه "رهان"، لا سيما وانه سيترتب عليه ادارة وزارة مؤيدة تقليديًا لاوروبا، واستحدثت ماي وهي نفسها من المشككين في اوروبا، وزارة للخروج من الاتحاد الاوروبي، وهي تسمية توضح مهمة هذه الوزارة، وعينت على رأسها ديفيد ديفيس (67 عامًا)، احد قدامى الحزب المحافظ المعروف بمواقفه الراسخة المشككة في البناء الاوروبي، وعهدت الى مشكك آخر في اوروبا هو ليام فوكس بوزارة استحدثت ايضًا على ضوء قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهي وزارة التجارة الدولية المكلفة تطوير روابط بريطانيا خارج الاتحاد الاوروبي وتحديد "الدور الجديد الجريء والايجابي"، الذي وعدت ماي بأن تقوم به بريطانيا، وكتب مارك والاس في المدونة الالكترونية المحافظة "كونسيرفاتيف هوم" أن هذا الثلاثي "لن يقبل بأدنى تراجع عن وعد +بريكست يعني بريكست+" الذي قطعته ماي ، معتبرًا أن دمج دعاة الخروج في الفريق الحكومي هو "خيار ماهر وحاذق".

واعرب الزعيم السابق لحزب الاستقلال "يوكيب" المعادي لاوروبا وللمهاجرين نايجل فاراج، الذي تزعم مع جونسون معسكر بريكست، عن ارتياحه لتعيين ديفيس وفوكس، وكتب على تويتر "انه خيار حاذق. انا اكثر تفاؤلاً الآن"، بعدما كان ابدى في السابق خشيته من عدم تطبيق نتيجة الاستفتاء في نهاية المطاف.

تقديم ترضية لخصم محتمل

وبذلك وزعت ماي على ثلاث وزارات العبء الاكبر لمهمة الخروج من الاتحاد الاوروبي،&وقال بيتر سنودن: "ستبقي قبضتها على وزرائها وستحدد الاستراتيجية" مضيفًا أن "امتلاك ثلاثة وزراء اقوياء يسمح لها بالاحتفاظ بالسيطرة، سوف تفوضهم مسؤوليات، لكن مع الاحتفاظ بالدور القيادي"،&لكن عودة بوريس جونسون، الشخصية الشعبية انما المثيرة للجدل، الى الساحة السياسية هي التي تثير القدر الاكبر من التساؤلات،&ويرى سايمن اشروود المحاضر في السياسة في جامعة سوري، في تعيينه خطوة في غاية الذكاء من جانب ماي التي نجحت في آن في "توحيد الحزب وتقديم ترضية لخصم محتمل واحتواء فريق بريكست" من خلال توزيعه على ثلاث وزارات، ما يفترض ان يسمح لها بالتفرغ لقيادة البلاد في مواضيع أخرى.

ولقد شددت ماي كثيراً في خطابها الاول على اهمية العدالة الاجتماعية، مستخلصة العبر من الاستفتاء الذي عكس استياء جميع المهمشين في المجتمع،&كذلك يندرج رحيل وزير المالية السابق جورج اوزبورن من الحكومة في سياق الضمانات المقدمة لانصار خروج بريطانيا، بعدما خاض حملة نشطة قبل الاستفتاء داعيًا للبقاء في الاتحاد الاوروبي،&وسيتحتم الآن على تيريزا ماي على رأس هذا الفريق القوي الدخول في صلب الموضوع، وهي لم تحدد بعد نواياها بشأن الجدول الزمني لآلية الانسحاب من الاتحاد الاوروبي.

ويحضها الاوروبيون يومياً على الشروع بأسرع وقت ممكن في التدابير من خلال تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، غير انها اعلنت قبل وصولها الى السلطة أنها لن تقدم على هذه الخطوة قبل نهاية العام،&وقال سنودن إنها "ستجري محادثات غير رسمية مع قادة الدول الآخرين. هي لا تحب التسرع في اتخاذ القرارات، ستستمع الى الجميع وستقرر لاحقًا. ذلك كان نهجها في العمل في وزارة الداخلية، ولا داعيَ لتغييره".