تدور اشتباكات متقطعة على جبهات عدة في سوريا الأحد، ما يهدد هدنة هشة بدأ تطبيقها منتصف ليل الخميس الجمعة بموجب اتفاق أعلنته روسيا، ونال دعمًا محدودًا من مجلس الأمن الدولي.
بيروت: مع دخول وقف اطلاق النار برعاية روسية تركية يومه الثالث، لم تتوقف المعارك المتقطعة والقصف في بعض الجبهات على رغم تراجع حدتها، ما دفع الفصائل المعارضة الى اتهام قوات النظام بانتهاك الهدنة والتلويح بالغاء الاتفاق ما لم تتوقف الانتهاكات.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاحد بأن "الهدوء لا يزال يسود على معظم المناطق السورية التي يسري فيها وقف اطلاق النار" مشيرا في الوقت نفسه الى "خروقات متفاوتة من حيث شدتها وكثافتها".
واشار الى "غارات نفذتها طائرات حربية سورية صباح الاحد على بلدة الاتارب في ريف حلب الغربي" وتسببت بسقوط جرحى، وذلك بعد ساعات من مقتل طفلين جراء قصف مدفعي لقوات النظام على بلدة كفر داعل في المنطقة ذاتها. ويرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء تطبيق الاتفاق الى اربعة مدنيين وتسعة مقاتلين وفق المرصد.
يأتي التوصل الى اتفاق هدنة أعلنته روسيا الخميس ووافقت عليه قوات النظام والفصائل المعارضة، في ضوء التقارب الاخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل اليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
وتحدث مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس عن "خروقات حتى لو لم تهدد مباشرة بانهيار الهدنة". وتاتي الخروقات الاحد غداة مقتل جنديين سوريين جراء تفجير انتحاريين حزاميهما الناسفين على حاجز للجيش في مدينة طرطوس في غرب سوريا.
ومع استمرار الاشتباكات المتقطعة في منطقة وادي بردى قرب دمشق منذ اسبوع من دون ان تتراجع حدتها بعد تطبيق الهدنة، اتهمت الفصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق في بيان السبت قوات النظام بخرق الهدنة.
ولوّحت بان "استمرار النظام في خروقاته وقصفه ومحاولات اقتحامه للمناطق تحت سيطرة الفصائل الثورية يجعل الاتفاق لاغيا" داعية الطرف الروسي "كضامن للنظام وحلفائه الى ان يتحمل مسؤولياته".
ومنذ اكثر من اسبوع، بدأت قوات النظام السوري هجوما للسيطرة على منطقة وادي بردى التي تعد مصدرا رئيسا للمياه لدمشق. وخلال المعارك، تعرضت احدى مضخات المياه لانفجار تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنه، وفق المرصد السوري. وتشهد العاصمة منذ نحو عشرة ايام انقطاعا تاما في خدمة المياه.
وردت الفصائل المقاتلة على هذه الخروقات باطلاق اكثر من عشرين قذيفة على بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المواليتين لقوات النظام في محافظة ادلب، التي تعد المعقل الابرز للفصائل المقاتلة وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) بعد خسارة المعارضة لمدينة حلب مؤخرا.
ويستثني اتفاق وقف اطلاق النار التنظيمات المصنفة "ارهابية"، وبشكل رئيس تنظيم الدولة الاسلامية. كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق جبهة فتح الشام، ما يجعل من الصعب جدا تثبيت الهدنة بسبب وجود هذه الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل اخرى مقاتلة في مناطق عدة، لا سيما في إدلب.
دعم دولي خجول
دبلوماسيا، اصدر مجلس الامن الدولي السبت قرارا بالاجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار في سوريا والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، من دون ان يصادق على تفاصيل الخطة.
ونص القرار الذي تم تبنيه اثر مشاورات مغلقة على ان المجلس "يرحب ويدعم جهود روسيا وتركيا لوضع حد للعنف في سوريا والبدء بعملية سياسية" لتسوية النزاع. لكن القرار اكتفى "باخذ العلم" بالاتفاق الذي قدمه البلدان في 29 ديسمبر، مذكرا بضرورة تطبيق "كل قرارات" الامم المتحدة ذات الصلة حول سوريا.
وتعليقا على مفاوضات السلام التي من المقرر ان تستضيفها استانا الشهر الحالي وفق موسكو، اعتبر مجلس الامن ان المفاوضات المرتقبة "هي مرحلة اساسية استعدادا لاستئناف المفاوضات (بين النظام والمعارضة) برعاية الامم المتحدة" في الثامن من فبراير 2017 في جنيف.
واسف سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لعدم ابلاغهم بعض تفاصيل الاتفاق الروسي التركي مثل اللائحة الكاملة للمجموعات المسلحة المعنية بوقف اطلاق النار. لكن نظيرهم الروسي فيتالي تشوركين اتهمهم بـ"تعقيد الامور والسعي الى زرع الشكوك واستعادة شعارات من زمن اخر". واضاف "فلنعمل معا (...) للتوصل في 2017 الى تسوية سياسية للازمة في سوريا".
فرنسا تأمل بـ"احترام كامل"
عبرت فرنسا مساء السبت عن "املها" بـ"احترام كامل" لوقف اطلاق النار في سوريا، داعية الى استئناف سريع "للمفاوضات السياسية برعاية الامم المتحدة" بعد تبني مجلس الامن الدولي قرارا يدعم خطة روسية تركية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان ان "التبني بالاجماع للقرار 2336 يظهر الاهمية التي يوليها المجتمع الدولي لتطبيق وقف اطلاق النار في سوريا".
واضاف ان فرنسا "تأمل الآن باحترام وقف اطلاق النار بالكامل بهدف حماية حياة المدنيين والسماح بالوصول الكامل للمساعدات الانسانية".
وجاء في البيان أن "من الملح ايضا ان يتم استئناف المفاوضات السياسية برعاية الامم المتحدة استنادا الى بيان جنيف وقرارات مجلس الامن ذات الصلة. وستؤدي فرنسا دورها بالكامل" في تلك المفاوضات.
اصدر مجلس الامن الدولي السبت قرارا بالاجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار في سوريا وبدء مفاوضات لحل النزاع في هذا البلد.
لكن القرار اكتفى بـ"اخذ العلم" بالاتفاق الذي اعلنته موسكو وانقرة في 29 ديسمبر، مذكرا بضرورة تطبيق "كل قرارات" الامم المتحدة ذات الصلة حول سوريا.
التعليقات