الرباط: وسط حضور غفير ملأ القاعة الكبرى للمكتبة الوطنية بالعاصمة المغربية الرباط، مساء الخميس، قدمت قراءة في كتاب "كذلك كان.. مذكرات من تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة" للكاتبين والحقوقيين مبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب .

ويلخص الكتاب ،الذي اعتبره متدخلون في كلمات لهم بالمناسبة ،عملا توثيقيا لمرحلة تاريخية بصمت تاريخ المغرب المعاصر، ويبسط تفاصيل تجربة فريدة في المصالحة وجبر ضرر وتبعات سنوات "الجمر والرصاص".

اليوسفي في مقدمة الحضور 

وقال محمد نور الدين أفاية، الأكاديمي وأستاذ الفلسفة، إن الكتاب يعرض تفاصيل تجربة "سياسية وثقافية بكل ما تحمله من رمزية ميزت المغرب في محيطه العربي والإقليمي وقدمته كنموذج للمصالحة مع المواطن والذات"، وأضاف في قراءة قدمها حول المؤلف المحتفى به، أن تجربة الإنصاف والمصالحة التي خاضها المغرب بكل شجاعة وجرأة مهدت الطريق لربط علاقة "أكثر ديمقراطية بين الدولة والمجتمع".

وأشاد أفاية، بالأسلوب السردي والحكائي الذي اعتمده صاحبا الكتاب في نقل التفاصيل الدقيقة لأعمال هيئة الإنصاف والمصالحة، معتبرا أن هذا المؤلف يوثق لـ"تجربة غير مسبوقة في المجال العربي والمتوسطي"، مشددا على أن التجربة التي عاشها المغرب في المصالحة مع تاريخه وماضيه تعبر عن إرادة "لا متناهية لعدم الاستسلام للنسيان"، كما أشاد بالمنطق الذي تعاملت به الدولة مع الملف رغم التحديات الكبرى التي كانت تتهددها.

من جهته، نوه المحجوب الهيبة المندوب الوزاري لحقوقالإنسان، بالكتاب ومضامينه، حيث اعتبره وثيقة تضم "تفاصيل الخطوة النوعية التي أقدم عليها المغرب"، في إشارة إلى العمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة، بقيادة الراحل إدريس بنزكري، مؤكدا أن التوصيات التي خرجت بها مثلت "إحدى المصادر الأساسية لدستور 2011 في مجال حقوق الإنسان وتعزيز مكانة السلطة القضائية والحكامة الأمنية".

وأشار الهيبة إلى أن هذا العمل يمكن أن يساعد في التربية على ثقافة حقوق الإنسان، كما دعا لاعتماده وتوظيفه كأداة للنهوض بديداكتيك ثقافة حقوق الإنسان بالمغرب، مشددا على أهمية هذا المؤلف والدور الذي سيلعبه في حفظ الذاكرة الجمعية للمغاربة، بالإضافة إلى كونه "وثيقة أرشيفية لعمل هيأة الإنصاف والمصالحة".

أما النقيب مصطفى الريسوني فقدم في مداخلة بالمناسبة، تعريفا بسيرة الكاتبين وتاريخهما النضالي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية بالمغرب، حيث اعتبر الرجلين من خيرة ما أنجبته البلاد من المناضلين والحقوقيين الذي ساهموا في الدفع بعجلة الديمقراطية بالمغرب والدفاع عن الحرية والعدالة الاجتماعية.

وقدم الكتاب الأول من نوعه، وسط حضور رفيع، يتقدمه عبد الرحمان اليوسفي، رئس الوزراء الأسبق ، وأحد القيادات التاريخية للعمل السياسي والحقوقي بالمغرب، ووزير العدل والحريات، المصطفى الرميد، بالإضافة إلى إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ورئيس الوزراء الأسبق عباس الفاسي، والوزير المنتدب في الداخلية الشرقي الضريس، ونبيل بنعبد الله الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى وسياسة المدينة ، وإلياس العماري، الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة ، وإدريس لشكر، ونبيلة منيب رئسة فيدرالية اليسار ،والعشرات من الحقوقيين والسياسيين وفعاليات مختلفة من المجتمع المدني، الذين جاؤوا لحضور تقديم الكتاب بما يحمله من قيمة رمزية نظرا للحقبة الحساسة من تاريخ المغرب التي يتحدث عن تفاصليها.

ويتحدث الكتاب عن تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، ويتناول في فصوله الأربعة تفاصيل عمل هيئة الإنصاف والمصالحة والعراقيل التي واجهتها في عملها، سواء فيما يتعلق بالوصول إلى المعلومات الأمنية المتعلقة بضحايا سنوات الجمر والرصاص، مع ذكر تفاصيل عدد من الحالات والقضايا المثيرة في هذا الملف السياسي والإنساني بامتياز.