موسكو: وقعت فنزويلا التي أعلنتها عدة وكالات تصنيف في حالة تخلف جزئي عن الدفع اتفاقا في موسكو الاربعاء لاعادة هيكلة دين بنحو ثلاثة مليارات دولار حصلت عليه من هذا البلد في العام 2011، لكنها لا تزال بعيدة عن الخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها.

وتؤكد كراكاس التي تمر بأزمة اقتصادية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط والعقوبات الاميركية، انها "تحترم التزاماتها المالية"، لكن المتاعب تتوالى بالنسبة الى هذا البلد حيث يعاني السكان من نقص حاد في الاغذية والادوية بسبب عدم توفر السيولة لاستيرادها.

ووقع وفد وصل صباح الاربعاء الى موسكو يقوده ووزير المالية الفنزويلية سيمون سيربا اتفاقا لاعادة هيكلة دين روسي بنحو ثلاثة مليارات دولار حصلت عليه البلاد لشراء اسلحة روسية بحيث يتم ارجاء قسم كبير من المدفوعات، بحسب ما أعلن مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس.

ولم يوضح المصدر تفاصيل الاتفاق اذ من المفترض ان يتم الاعلان عنه خلال مؤتمر صحافي وشيك لوزير المالية الفنزويلي في موسكو.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف امام صحافيين ان موسكو "لم تتلق اي طلب" من كراكاس للحصول على مساعدة مالية اضافية في ما عدا الاتفاق.

لكن هذا العقد لا يزال بعيدا عن حل المشاكل المالية لكراكاس التي تسعى الى اعادة هيكلة دين اجمالي يقدر بنحو 150 مليار دولار.

ومع روسيا وحدها، ثاني جهة دائنة لها مع الصين، يتألف دين فنزويلا من عدة مستحقات بين مؤسسات تمت بشكل غامض نسبيا من بينه ستة مليارات دولار دفعتها مجموعة "روسنفط" شبه الحكومية الى مجموعة النفط الحكومية الفنزويلية.

يقول انطون تاباخ كبير الخبراء الاقتصاديين لدى وكالة "ار اي اي اكس" للتصنيف ان الاتفاق الموقع الاربعاء سيتيح "للجانبين الحفاظ على ماء الوجه وكسب الوقت لان مسألة الدين الفنزويلي لم يعد حاليا بالامكان حلها بأي شكل من الاشكال". 

لا يهمنا

وقررت وكالتا التصنيف "ستاندارد اند بورز غلوبال ريتينزغ" الاثنين ونظيرتها "فيتش" الثلاثاء اعلان فنزويلا في حالة تخلف جزئي عن السداد واشارتا الى ان الحكومة لم تتمكن من دفع مستحقات على دينها الخارجي بعد فترة سماح من ثلاثين يوما.

واتخذت الوكالتان قرارا مشابها ازاء مجموعة النفط الحكومية الفنزويلية التي تعرضت للانتقاد بسبب تأخرها لمدة اسبوع من اجل سداد دفعتين بقيمة اجمالية بلغت ملياري دولار.

وكان وزير الاتصالات خورخي رودريغز اكد الثلاثاء "نحن نحترم التزاماتنا المالية رغم ما تقوله وكالات التصنيف ووزارة الخزانة الاميركية والاتحاد الاوروبي و(الرئيس الاميركي) دونالد ترامب".

وتابع رودريغيز "لا يهمنا وسندفع بموجب اتفاق مع مالكي السندات"، مبشرا بنجاح مفاوضات جارية مع الجهات الدائنة بهدف اعادة هيكلة الدين. لكنه نفى وجود أي مشكلة في التسوية وأكد ان الدفع جار.

بادرة من الجهات الدائنة 

وسيضاف الاتفاق مع روسيا الحليف الاستراتيجي لفنزويلا الى بادرة قامت بها الرابطة الدولية للمشتقات المالية المنعقدة في نيويورك عندما عدلت عن حسم مسألة تخلف مجموعة النفط الحكومية الفنزويلية عن سداد 1,161 مليار دولار في انتظار "الحصول على معلومات واضحة حول جدول المدفوعات التي تمت" حتى الان.

وتضم هذه الرابطة المتخصصة 15 شركة مالية وستعقد اجتماعا جديدا في نيويورك يوم الخميس.

ويمكن ان يشكل اعلان "ستاندر اند بورز" مقدمة لتخلف تام عن دفع ديون البلاد وهو الوضع الذي ستكون له انعكاسات لا يمكن التنبؤ بها على البلاد حيث يعاني السكان اصلا من نقص كبير في التزود بالاغذية والادوية، بسبب نقص المال لاستيرادها.

ولمواجهة هذا الاحتمال الذي رفضه بقوة الرئيس نيكولاس مادورو بدأ هذا الاخير تحركات عدة، حيث دعا الاثنين في كراكاس قسما من دائنيه الدوليين لاعادة التفاوض بشأن شروط الاقراض.

لكن الاجتماع لم يستمر لاكثر من 25 دقيقة وانتهى دون اتفاق لكن مع وعد باجتماع ثان قريبا.

وتريد فنزويلا التي تضررت الى حد كبير بانهيار اسعار النفط، اعادة هيكلة دينها الخارجي الذي يقدر ب150 مليار دولار لانها لم تعد تملك أكثر من 9,7 مليارات دولار في احتياطيها من النقد الاجنبي. ويتوجب عليها تسديد 1,47 مليار دولار على الاقل قبل نهاية العام الجاري ثم ثمانية مليارات اخرى في 2018.

وقالت "ستاندارد اند بورز" انها ستعتبر أي إعادة هيكلة للدين مقايضة للديون المتعثرة ومتساوية مع التخلف عن السداد نظرا للسيولة الخارجية المحدودة" التي تملكها فنزويلا.

وقد تجد فنزويلا التي كانت اغنى بلد في اميركا اللاتينية، نفسها مقطوعة عن الاسواق المالية وقد تواجه ملاحقات ومصادرة ارصدة وفروع لشركات في الخارج.