برلين: يبت الاشتراكيون الديموقراطيون في المانيا الخميس في ما إذا كانوا يعتزمون الدخول في مفاوضات مع المستشارة انجيلا ميركل لتشكيل تحالف حكومي جديد سعيا لإخراج أحد أكبر بلدان أوروبا من المأزق السياسي.
ويعقد ناشطو الحزب الاشتراكي الديموقراطي مؤتمرا يستمر حتى السبت في برلين، وسط انقسامات شديدة حول ما إذا كان من المناسب الدخول في تحالف جديد مع المحافظين الذين ما زالوا يبحثون عن شركاء في الحكم بعد شهرين ونصف الشهر على الانتخابات التشريعية.
وبالرغم من أن رئيس الاشتراكيين الديموقراطيين مارتن شولتز عارض لوقت طويل فكرة إقامة "ائتلاف كبير" جديد، إلا أنه يأمل في الحصول على الضوء الأخضر من الناشطين لبدء مفاوضات مع الاتحاد المسيحي الديموقراطي وتوأمه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي.
المسؤولية
وقال مبررا موقفه في مذكرة من أربع صفحات ستخضع الخميس لتصويت قواعد الحزب "إن الحزب الاشتراكي الديموقراطي مدرك لمسؤوليته حيال بلادنا (...) لذلك نشعر أن من واجبنا أن نتقصى من خلال مفاوضات ما إذا كان بوسع الحزب الاشتراكي الديموقراطي دعم حكومة جديدة وبأي شكل".
لكن حتى في حال الحصول على موافقة الناشطين، فإن المفاوضات لن تدخل في جوهر المواضيع المطروحة للبحث إلا اعتبارا من كانون الثاني/يناير.
وفي هذه الظروف، فإن أي حكومة ائتلافية في حال الاتفاق عليها لن تتشكل قبل الأشهر الأولى من العام 2018.
وتتولى قيادة ألمانيا حاليا حكومة تصريف أعمال برئاسة المستشارة المحافظة.
وفي مطلق الأحوال، فإن الحزب سيعود إلى قواعده لاستشارتهم طوال عملية التفاوض.
ويعتزم الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي مني بهزيمة كبرى في الانتخابات التشريعية في 24 أيلول/سبتمبر، طرح شروطه لتشكيل تحالف ثالث مع المحافظين، بعد الحكومتين الائتلافيتين في 2005-2009 و2013-2017.
وأعلن أكبر أحزاب ألمانيا الذي تأسس عام 1875 "ليس هناك بنظرنا موقف محدد مسبق أو تلقائي".
وما زال يتحتم تحديد شكل أي تعاون جديد بين الطرفين، أكان ائتلافا فعليا أو مجرد دعم في بعض الملفات من الاشتراكيين الديموقراطيين لحكومة أقلية تقتصر على المحافظين.
وهذا الخيار الثاني لا يحظى بتأييد المستشارة التي تخشى على الاستقرار السياسي في ألمانيا، غير أنه الخيار الذي يؤيده أنصار الاشتراكيين الديموقراطيين في الوقت الحاضر.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته الأسبوعية "دير شبيغل" أن 56,5% يؤيدون دعم حكومة أقلية، مقابل 27,9% يدعون إلى تشكيل تحالف مع المحافظين.
دعم لماركون
وحدد الاشتراكيون الديموقراطيون منذ الآن المواضيع التي يعتبرونها أساسية من اجل المشاركة في حكومة أو دعمها، بدءا بإصلاح جذري لأوروبا يجعلها "ديموقراطية ومتضامنة واجتماعية".
ويدعم الحزب الاشتراكي الديموقراطي بشكل نشط مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يدعو إلى استحداث ميزانية لمنطقة اليورو، في حين يبدي المحافظون تحفظات على هذا الطرح خشية أن يؤدي إلى تشارك الديون في أوروبا.
ومضى الرئيس الفرنسي إلى حد الاتصال بشولتز لتشجيعه على التحالف مع المحافظين، على أمل قيام ائتلاف أكثر تأييدا لمشاريعه الأوروبية من تحالف بين المحافظين وليبراليي الحزب الديموقراطي الحر المشككين في أوروبا، وهو تحالف فشل الطرفان في تحقيقه في تشرين الثاني/نوفمبر.
كما يطالب الاشتراكيون الديموقراطيون بـ"تقاعد تضامني" للذين دفعوا أقساطا طوال حياتهم لكنهم لا يملكون سوى معاشا تقاعديا متدنيا، وبتأمين صحي شامل يكون أشبه بنظام ضمان اجتماعي للجميع للحد من التفاوت بين الالمان على مستوى الضمان الصحي.
كما تلوح بوادر خلاف بين الاشتراكيين الديموقراطيين والمحافظين حيال سياسة الهجرة، وهي موضوع حساس تعثرت عنده المحاولة السابقة لتشكيل حكومة مع الليبراليين وأنصار البيئة.
ويطالب الاشتراكيون الديموقراطيون بتليين قواعد لم شمل العائلات للاجئين، وهو ما يرفضه الاتحاد المسيحي الديموقراطي.
وعلى إثر هزيمته الكبرى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، رفض الحزب الاشتراكي الديموقراطي في مرحلة اولى الاستمرار في التحالف مع المحافظين، مفضلا الانتقال إلى المعارضة.
لكن حيال المازق السياسي وتحت ضغوط رئيس الدولة الفدرالية فرانك فالتر شتاينماير الذي ينتمي هو نفسه إلى الحزب، بدل الاشتراكيون الديموقراطيون موقفهم.
ومن المتوقع إعادة انتخاب شولتز على رأس الحزب خلال المؤتمر، وهو المنصب الذي شغله في مطلع العام.
التعليقات