إيلاف من الرياض: قال الكاتب السعودي نجيب الزامل في حوار سريع مع "إيلاف" إنّ إقبال الفتيات على القراءة كبير جدا خصوصا في السعودية، مؤكدا أن التطرف الذي نعيشه كان موجودا في الغرب منذ سنوات.

والزامل هو كاتب سعودي له العديد من الكتب والمقالات، وعضو سابق بمجلس الشورى السعودي، في معرض الكتاب الدولي في الرياض أصدر كتابا بعنوان "رسالة إلى ابنتي" شهد اقبالا كبيرا.

حدثنا عن كتابك الجديد "رسالة إلى ابنتي"؟

"رسالة إلى ابنتي" لها قصة، وهي أنه عندي بنت وحيدة وأحبها حبا ً جما ًوأخاف عليها من تصاريف الحياة وبودي أن أقودها للأفضل، لئلا يجني عليها الناس ولئلا لا تجني هي كذلك على الناس، فبدأت أكتب لها رسائل عندما اغتربت عني، فصرت أكتب لها الرسائل تباعا ًثم أنها صارت ترسل هذه الرسائل إلى صديقاتها، وأصبحت هذه الرسائل تتداول ما بين صديقاتها، حتى أنه في أحد زياراتي إلى تونس جاءت فتاة تحدثني وتقول أنت من يكتب الرسائل إلى ابنته؟ فقلت نعم.

فقالت نعم تصلنا في تونس معنونة ب :" رسائلي إلى نورة"، وشاعت هذه الرسائل ما بين الناس، فأشار علي بعض الأصدقاء أن أصدرها في كتاب.

وبعد أن نشرتها في تويتر انتشرت بين الناس أكثر . فهذه الرسائل هي رسالة من أب خائف على وحيدته، حتى أني كتبت في تغريدة أن كتابي هذا هو أكثر كتبي صدقا.

ما طبيعة هذه الرسائل؟

الرسائل ليست وعظية وسردية فقط، بل هي رسائل تتحدث عن الكيمياء والفيزياء والرياضيات والانثروبولجي وغيرها من العلوم.

رأيك بمعرض الكتاب وذكرياتك عنه؟

أذكر أني أشرفت على أول معرض كتاب في الظهران وكان ذلك عام 1998 وقدمنا عدد من العروض للناس كي يحضروا للمعرض منها هدايا ومنها كتب مجانية، وترددت بعض دور النشر من خارج المملكة من النشر في ذلك المعرض لخوفهم من عدم الإقبال، وعندما حضروا شاهدوا حجم الإقبال الكبير ما لم يروه في كل الخليج، وكانت المبيعات هائلة في ذلك المعرض.

ومن ثم خرج لنا معرض الكتاب في الرياض. ومن يشاهد حجم الإقبال على هذا المعرض شيء غير طبيعي، خصوصا أن الإقبال من الفتيات لشراء الكتب ، شيء يفوق الوصف صراحة.

يعني مثلا ًكتابي هذا انتهت الطبعة الأولى منه، وبصراحة أثر في حضور بعض الآباء وشراء نسخ لكل بنت من بناته.

هل الصراع الذي يعيشه الشباب السعودي ما بين التطرف للدين أو ترك الدين كليا يعتبر صراعا طبيعيا ؟

هي موجة طبيعية جدا، في أوربا في الحرب العالمية الأولى حارب الأوربيون الشرقيون الناس باسم الدين، وكرهوا الناس في الدين وخرج عندهم يوغلون في الدماء باسم الدين وأشد جرما من داعش والسبب برأيي أن المخيلة الصغيرة للشباب هي مخيلة بطولية مشهدية، فهم يريدون أن يصبحوا أبطالا وفرسانا.

الغريب أن الملتزمون دينيا أو منهجيا أو عقائديا ً مثلا أتباع النازية أو الماركسية، أكلوا أوروبا بما فيها فرنسا الدولة الليبرالية، لأن المد الديني دائما أقوى من المد الليبرالي المسالم بطبعه والذي يدعو أحيانا إلى نقائص الأخلاق مثل الوجودية واللادينية.

هل تدعو الليبرالية لنقائص الأخلاق ؟

طبعا عندما تكون هناك ليبرالية مفتوحة، يعني مثلا ً جان بول سارتر وهو صاحب الأفكار الوجودية والذي يقول: لا وجود لله ولا وجود للأرض ولا وجود للناس بل أنا هو الموجود !
ولا وجود للأخلاق ولا وجود للأديان.

هذه مشكلة عندما تنفرد بلا أخلاق باسم الليبرالية ومشكلة أيضا ًعندما تقتل بإسم الأخلاق والعقائدية والدين.

هناك هجوم على التعليم في السعودية كونه من أسباب التشدد والتطرف؟

اطلاقا، كلنا درسنا من هذه المناهج ولم نصب لا بتطرف ولا غيره، بل حتى آبائنا، يعني أبي حفظ كل كتب الدين وجدي كذلك مثل كتب الموطأ وكتب ابن كثير وغيرهم من العلماء.

مشكلتنا في ناقل الفكرة المشهدية، مثل التجمعات المشبوهة وخطباء المساجد والوعاظ الذين يقومون بنقل الفكرة الدينية الصرفة إلى مشهد بطولي.

يعني أذكر كنت مع اطفال وسمعوا موسيقى ففجأة أغلق الأطفال أذانيهم وطالبوا بايقاف الموسيقى والسبب حسب قولها "إنهم يخشون أن يصب في آذانهم رصاص من نار "!!من نقل هذه الفكرة إلى هؤلاء!

فالصورة المشهدية هي من أثرت على هؤلاء الأطفال وليست الصورة الفكرية الدلالية، مشكلتنا مثل ماذكرت أنه نقلت لنا أفكار من أشخاص ليس عندهم تصور وقدرة فكرية لرسم هذه الصورة المشهدية.

التطرف لم نأخذه من ابن باز وابن عثيمين وابن سعدي اطلاقا، التطرف أخذناه من أناس وجماعة وشيوخ لا تملك فكرا فانتقلوا للتعبير المشهدي الأبسط والأكثر تأثيرا.