القاهرة: نفت مصر الاتهامات التي وجهها الرئيس السوداني عمر البشير بدعم المتمردين بالأسلحة والمعدات، وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية المصرية إن "مصر تحترم سيادة السودان على أراضيه، ولم ولن تتدخل يوما في زعزعة دولة السودان الشقيقة أو الإضرار بشعبها".

وأضاف المتحدث باسم الخارجية في بيان صحافي، أن "سياسة مصر الخارجية تتأسس على احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وعدم الاعتداء على الغير، لاسيما عند التعامل مع دول تربطها بمصر علاقات أخوية خاصة مثل السودان الشقيق".

ولفت إلى أن "القاصي والداني يعلم جيدا أن مصر كانت الداعم الرئيس لوحدة السودان شمالا وجنوبا، وبذلت كل الجهود لجعل خيار الوحدة هو الخيار الجاذب لشعب جنوب السودان قبل الاستقلال".

&وأعرب المتحدث باسم الخارجية عن "الأسف لإطلاق مثل تلك الاتهامات"، مشيرًا إلى أن " مصر وظفت دبلوماسيتها على مدار قرابة الخمسة عشر عاما للدفاع عن السودان ضد التدخلات الأجنبية ومحاولات فرض العقوبات على المسؤولين السودانيين وإدانة السودان في المنظمات والمحافل الدولية".

ولفت إلى أن "مصر شاركت في جميع مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية وحركات التمرد الدارفورية، ولديها قوات على الأرض حاليا ضمن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لدعم الاستقرار والسلام في دارفور".

وشن الرئيس السوداني، عمر البشير، هجومًا هو الأعنف على مصر، أمس الثلاثاء، متهمًا الحكومة المصرية بدعم الحركات المسلحة السودانية المتمردة بالأسلحة، وببيع بلاده ذخائر فاسدة.

وقال البشير في كلمة بمناسبة تكريم قدامى المحاربين السودانيين في الخرطوم، إن "القوات المسلحة السودانية، رغم الكيد والتآمر، ظلت صامدة تحقق الانتصار تلو الأخر".

وأشاد البشير بما وصفه "بسالة أبناء القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وما حققوه من نصر في اليومين الماضيين في ولايتي شرق دارفور وشمال دارفور".

وقال إن "قوات الجيش والدعم السريع غنمت مدرعات ومركبات مصرية استخدمها متمردو دارفور في هجومهم، الأحد الماضي، على الولايتين"، مشيرًا إلى أن "القوات المهاجمة انطلقت من دولة جنوب السودان ومن ليبيا على متن مدرعات مصرية".

وحسب وجهة نظر البشير فإن السودان "يواجه تآمرا كبيرا"، مضيفًا أن "القوات المتمردة دخلت بمؤامرة ضخمة جدا، حيث إنها تحركت بمحورين، محور من جنوب السودان بمتحرك قوامه 64 عربة، استطاعت القوات المسلحة أن تدمر وتستولي عليها جميعا، وفي محور من شمال دارفور، قبضت القوات المسلحة على عربات مدرعة".

وواصل اتهاماته لمصر بدعم المتمردين عسكريًا، وقال: "للأسف إنها مدرعات مصرية، قاتلنا لأكثر من 17 عاما ولم تدعمنا مصر، حتى الذخائر التي اشتريناها من مصر كانت ذخائر فاسدة، على الرغم من أننا حاربنا معهم في أكتوبر 1973".

ونشرت حسابات للجيش وجهاز الأمن والمخابرات السودانية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قد بثت صورا لمدرعات عسكرية قالت إنها "مصرية"، كان المتمردون يستخدمونها.

ومن جانبه، قال اللواء فؤاد حسين، الخبير العسكري المصري، لـ"إيلاف" إن تصريحات الرئيس السوداني غير مقبولة، مشيرًا إلى أن حديثه حول تزويد مصر المتمردين في دارفور بالأسلحة والمدرعات يحمل الكثير من المغالطات.

وأوضح لـ"إيلاف" أن مصر لا تدعم المتمردين في أية دولة، والجيش المصري لديه عقيدة راسخة، تتمثل في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، فما بالنا بالسودان، الدولة الأقرب لمصر، والتي تعتبر جزءا مهما من أمن مصر القومي.

ولفت إلى أن الرئيس السوداني يواجه ارتباكًا حادًا في التعامل مع مصر، مرجحًا أن يكون هناك قوى دولية أو إقليمية تستغل البشير في الهجوم على مصر، وافتعال مشاكل وأزمات بين البلدين، لن تكون أبدًا في صالح أي منهما.

وقال اللواء حسين عبد الرازق، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن مصر تجد صعوبة في فهم ما يفعله الرئيس السوداني، مشيرًا إلى أنه دأب على مهاجمة مصر من دون داعٍ، واختلاق الأزمات التي ستضر بالبلدين.

وأوضح أن البشير بدأ حربه الإعلامية والسياسية ضد مصر مع تقديم شكوى كل سنة إلى مجلس الأمن، بسبب مثلث حلايب وشلاتين، بالإضافة إلى الحديث إلى وسائل الإعلام عن احتلال مصر للمثلث، واصدار تهديدات بحدوث مواجهات عسكرية مع الجيش المصري.

وذكر أن السودان يقف ضد مصر في ما يخص أزمة سد النهضة الأثيوبي، ويدعم أديس أبابا ضد القاهرة، ورغم ذلك فإن مصر تدعم السودان دوليًا، حفاظًا على الشعبين المصري والسوداني.

ولفت إلى أن البشير ذهب بعيدًا جدًا هذه المرة، عندما زعم أن الجيش المصري يدعم المتمردين في دارفور، رغم أنه يعلم جيدًا أنه لولا مصر لسقطت الخرطوم في أيدي المتمردين، وأن مصر تسعى بكل قوة من أجل الحفاظ على وحدة السودان، وأنها حاولت سياسيًا الحيلولة دون انفصال جنوب السودان، ولكن سياسات البشير هي ما أدت إلى الانفصال.

يأتي هذا التوتر في الوقت الذي &يزور فيه وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، مصر في 31 مايو الجاري، لبحث عدة قضايا بينها خلاف تجاري أدى إلى حظر الواردات الزراعية المصرية.

وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، هاجم مصر الأسبوع الماضي، أيضًا &بخصوص مثلث حلايب وشلاتين، وقال إن بلاده "تتحلى بالصبر إزاء مصر رغم احتلالها أراضي سودانية".

وأضاف في مقابلة مع فضائية "الجزيرة" القطرية، أن "السودان لم يقم بأي إساءة لمصر رغم احتلالها جزءا من الأراضي السودانية".

وقال البشير: "الإعلام المصري العام والخاص يعمل على الإساءة إلى السودان.. ومع ذلك يصبر السودان على هذه المعاملة؛ لأن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وروابطها قوية جدا".

وتشهد العلاقات المصرية السودانية توترًا واضحًا خلال السنوات التي أعقبت ثورة 30 يونيو 2013، واسقاط نظام حكم جماعة الإخوان، ودأب الرئيس عمر البشير على مهاجمة مصر، لاسيما في ما يخص أزمة مثلث حلايب وشلاتين.&

ومنعت سلطات مطار القاهرة صحافيين سودانيين، في أبريل الماضي، من دخول مصر، على خلفية مهاجمتها في وسائل الإعلام السودانية. وفرض السودان تأشيرات دخول على المصريين من سن 18 حتى 55 سنة، وقالت إن القرار جاء تطبيقًا لمبدأ "المعاملة بالمثل".