إيلاف من لندن: بحث سياسيون وبرلمانيون وإعلاميون وحقوقيون في القاهرة مخاطر التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية ومحاولاتها لطمس قضية الشعب الاحوازي، حيث انتقدوا غياب الدعم العربي لهذه القضية ودعوا بالمقابل إلى اختراق لإيران عن طريق شعوبها المتنوعة الخاضعة للهيمنة الفارسية.

جاء ذلك خلال ندوة عقدت في القاهرة مساء امس وهي الاولى من نوعها تحت عنوان "الاحتلالات الإيرانية في الوطن العربي"، وذلك برعاية وتنظيم حركة النضال العربي لتحرير الأحواز والمنظمة العربية الأوربية للعلاقات الدولية وبمشاركة نخبة من الشخصيات العربية.

واشار حبيب أسيود، نائب رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، في كلمته الافتتاحية للندوة إلى أهمية انطلاق هذه الفعالية من القاهرة أرض الكنانة ومهبط الحضارة الانسانية لما لها من مكانه خاصة في قلوب العرب. وأكد باسم الشعب الأحوازي وناشطي المقاومة العربية الأحوازية، أن القاهرة هي ملهمة الثوار التي رسمت للشعوب العربية خطواتها الأولى للتحرر والأرض التي يوجد بها الازهر الشريف منارة الإسلام والجامعة العربية التي اقترب الشعب الأحوازي من ان يتبوأ فيها مقعدًا.

تقصير العرب تجاه دعم القضية الاحوازية

وعاتب العرب على تقصيرهم تجاه دعم القضية الأحوازية على مدى عقود طويلة ماضية، مشيرًا إلى وجود مواقف عربية يعتز بها الأحوازيون تجاه قضيتهم، فمصر على سبيل، في مطلع الستينات حيث كان نشاط الأحواز في أوجه إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي طلب لقاء قائد المقاومة الأحوازية آنذاك محيي الدين أبو ناصر، وبحثا سبل تطوير المقاومة، وتقدمت مصر بدعم للمقاومة تمثل في أسلحة رشاشة، لافتاً إلى ان هذا هو الموقف العربي الوحيد المضيء تجاه المقاومة العربية الأحوازية.

واعتبر عقد ندوة عن الاحواز تحتضنها القاهرة بحضور رموز السياسة والفكر والإعلام هو علامة فارقة لتجاوز الحدود والحواجز التي تمنع وصول الرسالة الأحوازية إلى العرب.

وشدد على أن ما انجز خلال المؤتمرات الماضية يطمئن على مستقبل النضال الأحوازي منوهاً إلى أنّ ما يحتاجه أبناء الأحواز حالياً هو المزيد من المبادرات العملية والمتابعة والتقييم حول ما تم إنجازه في كل مرحلة من مراحل العمل. 

واشار إلى أنّ الازمات التي تعيشها الدول العربية في الوقت الراهن مصدرها إيران، مشيراً إلى الدول العربية التي كانت ناجحة في السابقة أصبحت عكس ذلك بسبب تدخلات مليشيات تعمل بأوامر ولاية الفقيه، أرادوا إشاعة الفوضى والفساد كمقدمة لتحقيق حلمهم الامبراطوري الفارسي. وقال إن الإمبراطورية الفارسية لن تقام إلا على انقاض العرب، مشددًا على أن هذا الحلم لن يتحقق إلا من الوعي بمشروعهم والأخذ بالأسباب لمواجهته من خلال مشروع عربي.

وحذر من ان المخططات الإيرانية ليست ببعيدة عن مصر فهي على سبيل المثال أكثر استهدافاً من قوى الإرهاب، مؤكداً ان الحفاظ على مصر في وجه الإرهاب هو حفاظ على العالم العربي وضمان لمستقبله، ويجب الوقوف إلى جانب مصر في مواجهة الإرهاب.

واكد اهمية مواجهة المشروع الإيراني الفارسي التوسعي من خلال اختراق إيران عبر الشعوب التي ترضخ للاحتلال الفارسي، مؤكداً أن أسباب النجاح متوفرة لهذا المخطط. واوضح ان الاحواز هي الخط الأول في مواجهة المخطط الإيراني، مطالباً من المشاركين في الندوة بالخروج بنتائج تبرز قضية الأحواز وتضعها في أهميتها المناسبة وتطوير النظرة تجاه القضية في المنطقة العربية.

محاولات إيران لبسط نفوذها عربيًا

من جانبه، أوضح النائب محمد إسماعيل، عضو مجلس النواب المصري، على أهمية المؤتمر نظراً لإقامته في القاهرة، من أجل الوقوف ضد المخطط الإيراني الذي يستهدف طمس الهوية العربية من خلال منع تعليم اللغة العربية أو الحديث بها، وكذلك تغيير أسماء الشوارع العربية، مشيراً إلى ان العرب بعيدون تماماً عن القضية الأحوازية لانشغالهم بالصراع مع العدو الصهيوني.

وقال محمد أبو اليزيد، نائب البرلمان المصري، أنه منذ اكثر من 35 عامًا ابان الحرب الإيرانية العراقية، ظهرت وصايا المرشد العام الإيراني بالدخول في حروب جديدة مع دول العالم العربي لبسط النفوذ الإيراني في مصر والعراق وسوريا.

ومن جهته، اشار المفكر الاستراتيجي والكاتب، طلعت رميح إلى ان الحركة الأحوازية القومية المقاومة للاحتلال الإيراني لم تنشأ في الخارج فقط بل كان مصدرها من الداخل مما يثبت ان قضية الأحواز ليست قضية مصنوعة من الخارج ومجموعات نخوبية تقوم عليها ولكنها قضية تحرير وطني.

أما محمد رمضان رفاعي، مساعد جمعية من أجل مصر، فطالب بضرورة التكاتف العربي لدحر وتجفيف الإرهاب، مطالباً بإيقاف المخططات إيرانية تجاه المنطقة العربية.

تجاهل المسؤولين العرب لقضية الاحواز

وبدوره، اوضح حامد الكناني، الكاتب والناشط الأحوازي، محطات قال انه لابد من ذكرها لتوضيح الصورة للمشاهد العربي عن التمدد الإيراني والتوسع الفارسي، وهو ما لم يكن وليد فكرة ولكنه منهج يعتمد على عامل الفرس ورغبتهم في التمدد والتوسع، والعامل الثاني الدعم الأجنبي والعامل الثالث دور الأقليات الموجود في المنطقة الإيرانية ومقاومتها لهذا الاحتلال الغاشم.

وأوضحت شذا جريسات، محامية وحقوقية اردنية، أن القضية الأحوازية غابت عن المسؤولين العرب ولم يعيروها الاهتمام الكافي فهي قضية مهملة منذ 90 عاماً، كما تم مع القضية الفلسطينية، على الرغم من كون الأحواز حائط الصد الأول للعالم العربي ضد المشروع الفارسي.

وقال سعود الغربي، عضو مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين، إن تنظيم هذه الندوة مهم جداً لالقاء الضوء على منهجية القتل والتهجير والتصفية للشعب العربي بأكمله، في ظل مشروع إيراني تمددي جند له كل شيء الدين والمال والإعلام، مؤكداً أن الإعلام الإيراني منبثق من المشروع الأيديولوجي الفارسي، في حين نجد الإعلام العربي عادي ومرتجل ويفتقر للمتخصصين.

وأضافت ندا الشناق، كاتبة وصحافية اردنية، أن العرب بمنطقة الأحواز العربية الواقعة تحت الاحتلال الإيراني يمرون بظروف بالغة الصعوبة نتيجة لوقوعهم تحت احتلال فارسي حاد قل نظيره، مؤكدة أن الشعب الأحوازي يفتقر لأقل حقوق الحياة من حرمان من التعليم باللغة العربية ومنع من ارتداء الملابس العربية وتسمية أطفالهم بأسماء عربية اصيلة ومصادرة المياه للمدن الإيرانية، وسياسة الاعتقالات والإعدامات والتعذيب في حق الإحوازيين.

تغييب قضية الاحواز

وأضاف أسامة سرايا، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الاهرام السابق، بأن الفعالية تتحدث عن جزء من قضية عربية هامة وهي الأحواز، مشيراً إلى أن الحكومات العربية والمنظمات العربية هي المتسببة في تغييب قضية الأحواز، مؤكداً ان الأحواز ليسوا ورقة ضغط على إيران ولكنها قضية عربية خالصة.

ونوّه مختار سالم، الصحافي والإعلامي، بالتقصير من الجانب العربي لدرجة انه رجل الشارع البسيط لا يعرف شيئاً عن هذه القضية، مطالباً الرأي العام بالتركيز على هذه القضية بمباركة الحكومات العربية.
كما تحدث طه الياسين، نائب رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الانسان، بأن اللغة العربية تعد من أبرز الأسلحة التي يستخدمها الشعب الأحوازي في مقاومتهم ضد إيران، في ظل محاولات فارسية لطمس الهوية العربية والثقافة العربية ممثلة في لغتهم.