أربيل: انطلقت الأحد في إقليم كردستان العراق عملية انتخاب برلمان جديد، بعد عام من استفتاء على الاستقلال باء بالفشل في منطقة الحكم الذاتي التي تكافح اليوم لتحسين وضعها الاقتصادي.

وتأتي هذه الانتخابات التشريعية، عشية الاستحقاق الكبير للأكراد في بغداد، حيث ينتخب البرلمان الاتحادي الاثنين رئيسا للجمهورية، المنصب المخصص للأكراد في العرف السياسي منذ 2005.

ويصوت في هذه الانتخابات التي تستمر حتى الساعة 18,00 (15,00 ت غ)، نحو ثلاثة ملايين ناخب، لاختيار 111 نائبا في برلمان كردستان من أصل 673 مرشحاً ينتمون إلى 29 كياناً سياسياً.

ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية للانتخابات خلال 72 ساعة، بحسب ما قالت المفوضية العليا للانتخابات في الإقليم لوكالة فرانس برس.

ورغم أن إقليم كردستان العراق نال صلاحيات سياسية واسعة بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين في 2003، فقد تمكن أيضا من السيطرة على أراض وموارد نفط في خضم الفوضى التي خلفها اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لشمال البلاد في العام 2014.

لكن كل تلك الأراضي، استعادتها القوات الاتحادية خلال أيام في الخريف الماضي ردا على إجراء الإقليم استفتاء على عكس رغبة بغداد والمجتمع الدولي، رغم التصويت بغالبية ساحقة (93%) بـ"نعم".

وأكثر من ذلك، فقد سيطرت بغداد على الحقول النفطية لكركوك وقسمت الحقيبة الكردية نصفين، قاضية على كل أمل بدولة مستقلة. وتنتج حقول إقليم كردستان النفطية 600 ألف برميل يوميا تصدر 550 ألفا منها يوميا عبر ميناء جيهان التركي، ومع خسارة كركوك، خسر الأكراد نصف إنتاج الذهب الأسود.

ولطالما كان إقليم كردستان العراق جنة للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط المضطرب.

الحسم في بغداد

لكن اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للبلاد في العام 2014، ووصوله على أبواب أربيل كبرى مدن الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وتراجع أسعار النفط، والفساد، وقرار بغداد بعدم بوقف المساهمة في ميزانية المنطقة، وحرمانها من 80 في المئة من إيراداتها، كان ضربة كبيرة لاقتصاد كردستان.

ومع انهيار حلم الدولة، لم يبق أمام الإقليم إلا إعادة التفاوض على جزء من الموازنة الاتحادية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في اقتصاد قائم على عائدات النفط، وحيث تثقل مؤسساته المحسوبيات التي تمارسها الأحزاب الكبيرة التي تتقاسم السلطة في كردستان منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.

وفي هذا الإطار، أعرب هاوراز سالار (26 عاما) من أربيل عن أمله في "انتخاب برلمان يعالج مشاكل الإقليم بعد الاستفتاء والحرب على داعش".

لكن الخبراء يرون أن الأمر سيتطلب الكثير لسد العجز في كردستان الذي يكافح لتنويع مصادر اقتصاده.

وعلى المقلب السياسي، فإن الوضع القائم الذي حافظ على التوازن بين الثقلين السياسيين في السياسة الكردية، انكسر مؤخرا مع انتهاء ولاية بارزاني في رئاسة الإقليم.

ولم يخلف الزعيم التاريخي أحد، وتم تقسيم سلطاته بين الحكومة المحلية والبرلمان في الإقليم.

وحتى اليوم، كان هناك اتفاق ضمني أو عرف بين الحزبين: يحافظ الاتحاد الوطني الكردستاني على رئاسة الإقليم، فيما يقدم الاتحاد الوطني الكردستاني وحده مرشحا لرئاسة جمهورية العراق، وهو منصب محفوظ للأكراد منذ العام 2003.

لكن اليوم، يقدم كل من الحزبين مرشخه لرئاسة العراق، ولذا قد تكون انتخابات برلمان الإقليم معيارا لما ستؤول إليه النتائج في بغداد الاثنين.

"برلمان قوي"

يعتبر إقليم كردستان العراق، بحسب النظام الداخلي لبرلمانه، دائرة إنتخابية واحدة.

ويسيطر حاليا على البرلمان والحكومة، الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني (38 مقعدا)، والاتحاد الوطني الكردستاني (حزب جلال طالباني) الذي يشغل 18 مقعدا. وتعتبر حركة التغيير التي لها 24 مقعدا من قوى المعارضة إلى جانب الاتحاد الإسلامي (10 مقاعد) والجماعة الإسلامية (6 مقاعد).

ولا يتوقع محللون حصول أي تغيير في الخارطة السياسية للإقليم، بسبب عدم وجود أحزاب وتيارات سياسية جديدة مشاركة، باستثناء حركة "الجيل الجديد" التي تأسست بداية العام الحالي وتمكنت من الحصول على أربعة مقاعد في مجلس النواب العراقي في بغداد.

وأمام أحد المراكز الانتخابية في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان، قال الناخب كاروان أبو بكر (42 عاما) الذي جاء بملابسه الكردية للإدلاء بصوته "سأصوت من أجل انتخاب برلمان قوي، يعمل مستقبلا على تأسيس دولة كردية".