واشنطن: يبدأ مجلس الشيوخ الأميركي الجمعة المرحلة ما قبل الأخيرة من تثبيت القاضي بريت كافانو في المحكمة العليا، فيما أكد مرشح الرئيس دونالد ترمب أنه قاض "غير منحاز" و"مستقل" بعدما خلص الجمهوريون في المجلس إلى تبرئته من تهم التعدي الجنسي الموجهة إليه على ضوء تحقيق لـ"إف بي آي" اختلفوا حوله مع الديموقراطيين.

قد يجري التصويت النهائي السبت، وفي حال تثبيت القاضي، يضمن المحافظون لعقود غالبية في المحكمة التي تضم تسعة مقاعد.

لكن النتيجة غير مضمونة. فالجمهوريون يحتفظون بغالبية من 51-49 مقعدا في المجلس، وثلاثة من أعضائهم لم يتخذوا قرارا بعد بشأن كافانو، فيما تسببت إجراءات التثبيت بتعميق الانقسامات السياسية في البلاد قبل أسابيع قليلة من انتخابات منتصف الولاية.

بموجب قواعد جديدة تمت الموافقة عليها في العام الماضي، يحتاج تثبيت كافانو 50 صوتا ليمر في الاقتراع الإجرائي الجمعة. والتصويت هو على إنهاء نقاشات تثبيت التعيين والمضي نحو تصويت رسمي نهائي. ويتوقع أن يبدأ التصويت حوالى الساعة 10,30 صباحا (14,30 ت غ). وتنطبق عتبة الخمسين صوتا على التصويت النهائي على التثبيت.

وكان يوم الخميس مشحونا في واشنطن: فقد تدفق المتظاهرون على مبنى الكابيتول وجالوا في أروقة مجلس الشيوخ سعيا الى حشد تأييد نواب تناوبوا على دخول غرفة مغلقة في الدور السفلي لمراجعة نسخة وحيدة من تقرير اف.بي.آي بشأن كافانو. وتم توقيف أكثر من 300 شخص بينهم الممثلة الكوميدية ايمي شومر قريبة زعيم الديموقراطيين في المجلس تشاك شومر، وعارضة الأزياء إميلي راتاكوسكي.

ويصر الجمهوريون على أن التحقيق الذي استمر اسبوعا، ودونت استنتاجاته في تقرير اف.بي.آي لم يجد أدلة تثبت الاتهامات بالاعتداء الجنسي لكافانو البالغ من العمر 53 عاما، وهو الآن قاض فدرالي في واشنطن. وندد الديموقراطيون بالتحقيق بوصفه غير مكتمل وخضع لقيود من البيت الأبيض المصرّ على تعيين مرشح ترمب مدى الحياة.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أكثر من 2400 استاذ قانون وقعوا رسالة تعارض التعيين ذكروا فيها أن كافانو في جلسة الاستجواب "لم يظهر الحياد أو يعبّر عن السمات" التي يجب أن يتحلى بها قضاة المحكمة العليا. المرشح نفسه ختم الخميس الاحداث المتسارعة بخطوة غير اعتيادية تمثلت بكتابة مقالة نشرت في صحيفة وول ستريت جورنال للدفاع عن نفسه بوصفه غير منحاز.

أكد كافانو أقواله في الأسبوع الماضي أمام لجنة العدل بمجلس الشيوخ التي نفى فيها اتهامات بسوء السلوك التي أكدتها استاذة جامعية في الجلسة نفسها.

وقالت كريستين بلازي فورد إن كافانو حاول اغتصابها في سهرة في منزل مطلع الثمانينات الماضية عندما كانا في المرحلة الثانوية. واتهمته امرأتان اخريان بتجاوزات جنسية خلال سنوات الجامعة. وفي شهادته ندد كافانو بـ"حملة سياسية مدروسة مشحونة بغضب مكبوت ظاهر إزاء الرئيس ترمب وانتخابات 2016".

قال أيضا إن الاتهامات ضده هي جزء مما وصفها بمؤامرة من اليسار لابقائه خارج المحكمة. وخلال مثوله أمام اللجنة بدا هجوميا وأحيانا غاضبا مما اثار انتقادات له بافتقاره للحياد والسلوك الحكيم لشغل مقعد في المحكمة العليا.

لكن مقالته في وول ستريت التي حملت عنوان "أنا قاض مستقل وغير منحاز" بدت موجهة للجمهوريين المترددين الذين عبروا عن مخاوف في ما يتعلق بطباعه وهجماته الحزبية خلال الجلسة. وكتب "أعلم بأن نبرتي كانت حادة وقلت أشياء لم يجدر بي قولها" مضيفا "كنت متأثرا وانفعاليا" في نفيه الاتهامات ضده.

وقال "لا اتخذ القرارات في قضايا بناء على أولوياتي"، مضيفا إن المحكمة العليا "يجب أن لا ينظر إليها كمؤسسة حزبية". لكن دفاعه عن نفسه جاء متأخرا بالنسبة لجون بول ستيفنز، القاضي المتقاعد في المحكمة العليا الذي قال الخميس إنه كان يعتقد في وقت ما بأن كافانو قاض جيد. وقال ستيفنز في فلوريدا "أعتقد أن أداءه خلال الجلسات جعلني أغيّر رأيي".

لا إشارة إلى سوء سلوك
سار عدد كبير من النساء - بين آلاف المحتجين - في شوارع واشنطن الخميس ودخلن مبنى سينات هارت في مجمع الكابيتول حيث شاركن في اعتصام علت فيه اصواتهن ضد القاضي. ورفعت بعضهن لافتات تندد بالقاضي. ووصفت بعض اللافتات القاضي بالكاذب وبأنه غير مؤهل لممارسة مهامه.

وقالت شرطة الكابيتول أنه تم التحقيق مع نحو 300 من الموقوفين، واطلق سراحهم في الكابيتول بعد توجيه اتهامات اليهم منها عرقلة مكان عام أو التظاهر بشكل غير قانوني. وقالت انجيلا ترزيبكوسكي البالغة 55 عاما والمقيمة في ديلاوير "أعتقد بأن كافانو جزء من ناد كبير سيحميه مهما كلف الأمر".

ودافع الجمهوريون عنه. وصرح رئيس لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ الجمهوري تشاك غراسلي "هذا التحقيق لم يجد أي إشارة إلى سوء سلوك... ليس فيه معلومات لا نعرفها بالفعل". وعزز اثنان من النواب الجمهوريين الثلاثة المترددين فرص تثبيت المرشح بعد أن قالا إن إف.بي.آي قام بتحقيق عميق.

ينصب التركيز على هؤلاء الجمهوريين الذين تعد أصواتهم حاسمة لتثبيت أو عدم تثبيت كافانو، وهم جيف بليك عن أريزونا وسوزان كولينز عن ماين وليزا موركوسكي عن آلاسكا. ولتعقيد الأمور على الجمهوريين أعلن السيناتور ستيف دينز عن مونتانا الخميس إن لديه تضاربا في المواعيد: فابنته ستتزوج السبت في الولاية الواقعة غربا وهو يعتزم حضور الزفاف.

وقد يشي ذلك بأخبار سيئة للجمهوريين الذين يحتاجون كل صوت ممكن. وقال مكتب ميتش ماكونيل زعيم الغالبية الجمهورية في المجلس إنه يدرس ما يمكن القيام به. وقالت السناتورة الديموقراطية البارزة دايان فاينستاين إن التقرير يبدو غير كاف لوضع حد للقلق بشأن كافانو. وصرحت امام الصحافيين "يبدو أنه نتيجة تحقيق غير مكتمل خضع لقيود ربما من البيت الأبيض، لا أعرف".
&