إسلام آباد: برأت المحكمة العليا في باكستان الأربعاء المسيحية آسيا بيبي التي حكم عليها بالإعدام بتهمة التجديف في 2010 وأثارت قضيتها استياء في الخارج وأعمال عنف في البلاد ولفتت انتباه الفاتيكان.

وقال القاضي ثاقب نزار في تلاوة الحكم في مقر المحكمة العليا "تم القبول بالطعن وتمت تبرئتها من كل الاتهامات"، مؤكداً إبطال الأحكام السابقة الصادرة بحقها.

وبدت بيبي في حالة من عدم التصديق بعد أن أبلغها المحامي بالقرار. وقالت لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي من السجن بعد صدور الحكم "لا يمكنني تصديق ما أسمعه، هل سأخرج الآن؟ سيسمحون لي بالخروج حقا؟"

وأضافت "لا أعرف ماذا أقول. أنا سعيدة جدا ولا يمكنني تصديق ذلك". ودعا رئيس الوزراء عمران خان إلى التزام الهدوء واحترام حكم المحكمة العليا.

فالتجديف مسألة حساسة جدا في باكستان حيث يمكن أن تتسبب اتهامات غير مثبتة بإهانة الإسلام بأعمال عنف بل حتى الموت. واكدت المحكمة إنه سيتم الإفراج عن بيبي "فورا" من دون أن يتضح بعد ما إذا اتخذت اجراءات أمنية لحمايتها.

ورحب فريق الدفاع عن بيبي بقرار المحكمة في وقت فرضت إجراءات أمنية مشددة في إسلام أباد بعد أن توعدت الأوساط الدينية الأصولية بالاحتجاج في حال إبطال القرار.

وقال سيف الملوك محامي بيبي لوكالة فرانس برس إن "الحكم أظهر أن الفقراء والأقليات والفئات الدنيا من المجتمع يمكن أن تحصل على العدالة في هذه البلاد رغم عيوبها".

وأضاف "هذا أسعد يوم في حياتي". وفي وقت لاحق، قال رئيس الوزراء في خطاب تلفزيوني "اناشدكم يا شعبي الحفاظ على بلدكم".

وأضاف، بعد سلسلة تظاهرات للمعارضة الاسلامية جمعت عدة الاف، أن من يدعون لرفض الحكم يفعلون ذلك "لمصلحتهم السياسية" و "لا يخدمون الاسلام".

وأكد خان "سنحمي أرواح الناس وممتلكاتهم، لن نتسامح مع التخريب ... أناشدكم عدم ارغام الدولة على اتخاذ إجراءات".

حظيت قضية بيبي باهتمام منظمات حقوق الإنسان ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر في 2010 ألى الإفراج عنها. وفي 2015 التقت واحدة من بناتها البابا الحالي فرنسيس.

والحرية لبيبي في باكستان حيث تعرض طلاب جامعيون للقتل وتم إحراق مسيحيين في أفران على خلفية اتهامات بالتجديف، تعني حياة تحت تهديد المتشددين الذين كثيرا ما ينظمون تظاهرات تطالب بإعدامها.

وتعود الاتهامات لبيبي لعام 2009 عندما كانت تعمل في حقل وطلب منها إحضار ماء. وذكرت تقارير أن النسوة المسلمات اللواتي كانت تعمل معهن اعترضن بالقول أنها غير مؤهلة كونها غير مسلمة للمس وعاء الماء.

وذهبت تلك النسوة إلى رجل دين محلي واتهمن بيبي بازدراء المصحف، وهو اتهام عقوبته الإعدام بموجب قانون يعود إلى الحقبة الاستعمارية.

قضية بازرة

خلال جلسة 8 أكتوبر، شكك القضاة الثلاثة في المحكمة العليا على ما يبدو بالقضية المرفوعة ضدها. وعدد القاضي آصف سعيد خان خوسا الذي يعتبر أكبر الخبراء في القانون الجنائي في باكستان، عيوبا في إجراءات المحاكمة.

وقال القاضي ثاقب نزار "لا أرى أي تعابير مهينة بحق القرآن الكريم كما ذكر في الشكوى الأولى". ويعتقد أن نحو 40 شخصا ينتظرون تنفيذ إحكاما بالإعدام بحقهم أو يقبعون في السجن المؤبد في باكستان بتهمة التجديف، بحسب تقرير في 2018 للجنة الولايات المتحدة حول الحريات الدينية الدولية.
&
وكثيرا ما انتقدت منظمات حقوقية بارزة التشريع ويقولون إنه يستخدم في أغلب الأحيان لتنفيذ عمليات انتقام شخصية. وفي السنوات الأخيرة استخدم هذا التشريع سلاحا ضد معارضين وسياسيين.

وأثارت الدعوات لإصلاح القانون أعمال عنف كان أبرزها اغتيال سلمان تيسير حاكم البنجاب أكبر ولاية من حيث عدد السكان، على أيدي حارسه الشخصي في وضح النهار في إسلام أباد عام 2011.

وكان تيسير دعا أيضا إلى الإفراج عن بيبي. وتم إعدام قاتله ممتاز قادري عام 2016 الذي اعتبره المتشددون بطلا وقام الإسلاميون ببناء ضريح له على أطراف العاصمة.

وغرد شهباز ابن تيسير في أعقاب الحكم "باكستان زندباد" ما يعني "تعيش باكستان".

وتطرق سياسيون بينهم رئيس الحكومة عمران خان لمسألة التجديف خلال الانتخابات العامة هذا الصيف، وتعهدوا الدفاع عن القوانين. وحذر محللون من أن ذلك يمكن أن يعمق الخلافات الطائفية ويسفر عن أعمال عنف.