هاجم ناشطون وسياسيون واعلاميون عراقيون صمت الجهات الرسمية المطبق عن بيع جدارية آشورية تاريخية عراقية بمزاد علني في نيويورك بمبلغ 35 مليون دولار حيث اعتبروا في تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك وتويتر انه يؤكد عدم اكتراث المسؤولين بإرث وحضارة بلدهم بقدر تسابقهم على سرقة المال العام.

وعبر مثقفون ومهتمون بالتراث والاثار العراقية عن غضبهم من عدم وجود اي رد فعل رسمي عراقي على بيع الجدارية في نيويورك خلال اليومين الماضيين متسائلين في اتصالات مع "إيلاف" عن سبب صمت وزارة الخارجية وكذلك وزارة الثقافة التي تتصارع على حقيبتها الكتل السياسية حاليا عن هذا الأمر مشيرين الى انه يبدو ان سياسيي البلاد ليسوا مهتمين بإرث وحضارة وتاريخ بلدهم.

ونوهوا الى انه كان الاجدر بالحكومة ان تشارك في المزاد وتحصل على الجدارية حيث أن ثمنها لم يكن يساوي الا جزءا قليلا من الاموال التي نهبها مسؤولو الحكومات التي تعاقبت على السلطة في البلاد منذ عام 2003.
&
مسؤولو السلطة لايهتمون بالإرث الحضاري وأنما بالسرقات

وقالت السياسية النائبة الكردية السابقة سروة عبد الواحد "مبروك لكبار مسؤولي العراق فقد تم بيع الجدارية الآشورية بكل نجاح في نيويورك .. السلطة لا تهتم لأي ارث حضاري للعراق ..ايعقل لم يستجب احد لمناشدات الخيريين الذين طالبوا بإيقاف المزاد.. أيها السادة المسؤولون أنكم مقصرون أمام حضارة بلدكم كما هو الوضع مع حاضره ..".. فيما اشار الصحافي العراقي مشرق عباس قائلا "أخيرًا بيعت الجدارية الآشورية المسروقة، قرّت عين الحكومة في بغداد، &قرّت عين وزارة الثقافة والخارجية، وقرّت عين مئات من المالتي مليارديرية الذين نهبوا العراق وأصبحوا رجال أعمال بعد أن كانوا مجرد رعاع، قرت عين الجميع".

وقال المعلق أنور صبيح "لو كانوا من أبناء البلد لحفظوا ارثهم".. بينما اشار عمار محمد "نحن نجني ثماراً لم نزرعها البته".. وأضاف محمد العطواني"هم جاءوا لطمس الحضارات وليس الحضارة".. وبين حسين المياحي "من يحكمون العراق عابري سبيل وليسوا أبناء البلد لذلك هم من يساهمون في التهريب والبيع",, وعلق ابراهيم قائلا "الخطار ما يعمر الدار".. وقال حيدر طالب "السلطة لاتهتم للانسان العراقي فكيف تهتم لآثار هذا الانسان...يا لبؤسِكم وسوء ادارتكم..لا نرجو ولا نتوقع خيراً من سلفً سيء لخلفً اسوأ"..&

&وقال سامي امير "اذا كان البشر لاقيمة له ماذا عن الحجر ..؟".. ولاحظ سيف العزاوي أنه "لاحياة لمن تنادي" .. واضاف المغرد عبد اللطيف "العراق بيع كله من جنوبه لشماله ماعندهم غيره علئ العراق مع الأسف عبدة الفلوس حسبنا الله ونعم الوكيل".. فيما رأت سما الساعدي "هم مقصرون بحق العراق بأجمعه وليس فقط بحق ارثه فهم ساهموا ببيع وخراب العراق".. وبين حاتم "الذين تقصدونهم نيام ونامت ضمائرهم ولا أقول ماتت لأنهم يعتبرون الجنسية العراقية ثانوية والأهم عندهم جنسيات الدول التي آوتهم ولربما يرجعون اليها. ولذلك نراهم غير مهتمين بهذا الموضوع".

ومن جهته قال جاسم الشوايلي "العراق يباع بالمزاد العلني الدولي والإقليمي .. بلد تحت ظلال الاحتلال وأمسى خردة وسيباع تفصيخ .. لقد تكالبت عليه قوى الشر والسؤ والضلال والارهاب والفساد والافساد&
كما تتكالب الأكلة على قصعتها ونحن لا نهش ولا ننش وكأننا غثاءا احوى"..

عواد ابو الحسن اضاف": لقد صدق الوعد الذي به كانوا به يوعدون الشعب والوطن.. التراث إرث حضاري جميل هنالك من يحترمه ويقدسه ويعتبره جزءا منه .. وهنالك من يتحول عنده التراث الوطني الى رصيد مصرفي لأنه طارئ على الوطن".&

وفي رأي مخالف قال عبد الله مجيد "هذه القطعة الاشوريه وصلت امريكا قبل قيام الدولة العراقيه فلا يمكن ان يشملها القانون العراقي".. فيما اشارت آية الكردية "ما دامت امريكا تتدخل بشؤون العراق قرارها اقوى من المسؤولين بهالإمور"..&

وقال محمد "الساسة الافاظل مشغولون بتوزيع المناصب والإيرادات الشخصية فيما بينهم ونسوا إرث الوطن الذي هو بالأصل لاقيمة له عندهم".. ورأى قاسم الاعرجي ان "الأعم الأغلب من الساسة السابقين والحاليين همهم الأول هو كيفية يملء حقائبهم بألاموال من خلال السرقة والفساد والكومنشنات والمساومات حول المناصب ولا دخل لهم في باقي الأمور ولما يجري في البلاد"..

&وأوضح القادري قائلا "في الدول التي تعتز بحضاراتها تدخل الدولة كمزايد و تدفع اعلى سعر ماعدا العراق فالتخريب في جيناتنا".. وبين عادل سباهي "عار في تاريخ الحكومة العراقية ووزارة الثقافة والبرلمان والرئاسة لانهم لم يحركوا ساكنا واحدا لإيقاف البيع وإعادتها للعراق كما ان ذلك سيشجع مراكز البيع لعرض المزيد من اثار العراق المسروقة".
&
الجدارية بيعت بنيويورك بـ35 مليون دولار

وقد باعت دار "كريستي" للمزادات في مقرها بنيويورك خلال اليومين الماضيين الجدارية آلاشورية التي تعود للملك، آشور ناصر بال الثاني، مقابل 35 مليونا و900 ألف دولار أميركي.

استضافت دار مزادات الفنون الرائدة في العالم "كريستي" مزادا علنيا لبيع القطعة الأثرية الآشورية التي بلغ عمرها 3000 سنة وكانت في قصر ملكي قديم في العراق. وقال ماكس بيرنهايمر، رئيس القسم الدولي للآثار في دار كريستي إن "المنحوتة الآشورية هي بلا شك أروع ما طُرح في السوق منذ أكثر من جيل بمفردات الأسلوب والحالة والموضوع".

واوضح متحدث باسم دار كريستي في تصريحات صحافية إن "المنحوتة استُخرجت بين 1845 و1851 بموافقة من السلطان العثماني".. مشيرا إلى "وجود سوق مشروعة للأعمال الفنية من العالم القديم منذ قرون، وكان لها تأثير عميق في الثقافة الغربية". وأضاف "تشعر دار كريستي أن بيع القطعة عمل مشروع ومأمون".

تحرك خجول لم يجدي نفعا

وقبيل بيع الجدارية تحركت وزارتي الخارجية والثقافة العراقيتين واكتفتا بالاعتراض بالتصريحات على بيع الجدارية الآشورية الأثرية والتي كانت موجودة في مدينة الحضر العراقية جنوب مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية قبل شحنها إلى بريطانيا ثم الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

ودعا متحدث باسم وزارة الثقافة جميع المسؤولين العراقيين والدوليين والمجتمع المدني والإعلام، لاتخاذ موقف جاد في الضغط على الأمريكيين لوقف بيع الجدارية قائلا "إنها استمرار لتدمير تراث العراق الثقافي". واوضح أن وزارة الثقافة اتصلت بالإنتربول واليونيسكو لحثهما على وقف بيع الجدارية لكن المنظمتين لم تردا على مطالبات لهما بالتعليق عما إذا كانتا تعتزمان التحرك أم لا بهذا الشأن.

كما كانت وزارة الخارجية العراقية قد أعلنت انها ستعمل من أجل إيقاف بيع الجدارية "لأنها تعد "موروثاً حضارياً عراقياً". وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد محجوب في بيان، إن "سفارة العراق في واشنطن تتابع وبالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث قضية بيع القطعة الآثارية العراقية الآشورية المعروضة في مزاد كريستي والتابعة للقصر الشمالي الغربي للحاكم الاشوري آشور ناصربال الثاني .. مبينا ان "هذه القطعة كانت معروضة في كلية اللاهوت بولاية فرجينيا الاميركية ".

واضاف انه "تم إعداد التقارير والصور الخاصة بها وكل مايمكن إثبات عائديتها للعراق".. موضحا ان "السفارة سارعت الى التواصل مع الأطراف ذات العلاقة وتم إبلاغها أن هذه القطعة تحت حماية قانون الاثار العراقي".
&
العراق تخلى عن رمز الخصوبة

ويقول خبراء في مزادات الآثار والتحف التاريخية ان الجدارية تعود لإله الخصوبة الذي كان رمزا لحماية الملك آشورناسريبال (883-859) قبل الميلاد في النقوش الآشورية.

وترتفع الجدارية لمترين وتمتد لأكثر من ذلك عرضاً وكان المنقب والرحالة البريطاني أوستن هنري ليارد قد انتزع آثارا آشورية كثيرة وأرسلها إلى لندن عام 1845 ومن بينها تلك الجدارية التي انتقلت لاحقا إلى الولايات المتحدة.

ومن جهتهم قال خبراء إن السلطات العراقية كان يمكن لها استغلال ثغرة "عدم مسؤولية أي من المتاحف الدولية عن التأمين على هذه الجدارية وحجبها عن العرض العام طيلة عقود لإثبات خروجها من البلد الأصلي بطريقة غير قانونية".

وقدمت دار المزاد وثائق تعود إلى الدولة العثمانية سمحت لعالم آثار بريطاني بالتنقيب في موقع جنوب الموصل، ونقل كل ما يعثر عليه إلى خارج العراق لكن إخفاء الجدارية، وتجنب عرضها في متحف معروف، يمكن أن يستخدما مدخلا للتشكيك في قانونية اعتبارها ملكية خاصة.

وأجابت وزارة الخارجية على العشرات من الأسئلة التي تلقتها من صحافيين عراقيين بشأن إجراءاتها لاستعادة الجدارية بالقول إنها "تتابع" لكن السفارة الأميركية في بغداد قالت إنها لم تتلق أي طلب عراقي رسمي بهذا الصدد.&

&&

&