تتصاعد تداعيات إعلان البنك المركزي العراقي تلف 7 مليارات دينار عراقي (حوالى 6 ملايين دولار) نتيجة غرقها بمياه الأمطار، حيث دعا الصدر القضاء إلى اعتقال المسببين، فيما فتح البرلمان تحقيقًا في الأمر، بينما رد البنك مستغربًا هذه الحملة.. في حين بدأ الرئيس صالح اليوم زيارة رسمية إلى الأردن لبحث مواجهة الإرهاب وتعزيز التبادل التجاري.

إيلاف من لندن:&في تغريدة على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر"، تابعتها "إيلاف"، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر القضاء العراقي اليوم إلى إصدار أمر باعتقال مسببي غرق الستة ملايين دولار فورًا، معتبرًا تلف هذا المبلغ نقطة صغيرة في بحر الفساد والفاسدين.. وجاء في نص التغريدة:

ما (7 مليارات) إلا نقطة صغيرة في بحر الفساد والمفسدين.. وما أعذارهم إلا فند، وما بقاؤهم إلا عدد، إذا ما الشعب فضحهم وعلى الفساد عاتبهم..

فأهيب بالقضاء (النزيه) محاسبتهم باستصدار أمر باعتقالهم فورًا، والتحقيق معهم ومع أمثالهم من العوائل المشهورة بالفساد والرذيلة والتعدي على قوت الشعب بغير وجه حق، وسنكون للقضاء سندًا وعونًا.. ثم أقول: "اللهم أغرقهم كما أغرقت فرعون وآله كما أغرقوا قوت الشعب"..

++حاسبوهم وإلا حاسبناهم ..
مقتدى السيد محمد الصدر

ومنذ أيام يعبّر مواطنون وناشطون وإعلاميون عراقيون عن غضبهم من تبريرات محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق حول تلف المبلغ وإلقائه باللوم على الأمطار في عام 2013، واعتباره&الأمر قضاء وقدرًا، ووجّهوا أصابع اتهامهم إلى الفساد الذي يضرب مؤسسات الدولة العراقية.&

وقال العلاق خلال نقاش داخل البرلمان الاثنين الماضي إنه تم فرض غرامة معيّنة، لم يوضح قيمتها، على إدارة مصرف الرافدين، ثم جرى تخفيضها في ما بعد، واعتبار ما جرى قضاء وقدرًا، موضحًا أن البنك المركزي خسر تكلفة طباعة الأوراق النقدية، وهي لا تمثل شيئًا كثيرًا، على حد قوله. &&

وبعد ساعات من الكشف عن هذه الخسارة برر مدير عام الإدارة المالية في البنك المركزي صالح ماهود حادث غرق هذه الأوراق النقدية بأنه كان قضاء وقدرًا.. موضحًا في تصريح صحافي أن البنك قام بتعويض مصرف الرافدين المبالغ التي أغرقتها مياه الأمطار.&

واليوم الخميس، رد البنك المركزي على تصاعد الاستياء الشعبي من تلف مبلغ الستة ملايين دولار، موضحًا في بيان صحافي تابعته "إيلاف" أن الحادث وقع في مصرف الرافدين عام 2013 أي زمن تولي محافظ البنك السابق عبد الباسط تركي مهمته، إضافة إلى كونه رئيس ديوان الرقابة المالية في حينه، وقد اتخذ ما يجب اتخاذه وفقًا للقانون والتعليمات الخاصة بالبنك المركزي والأجهزة الرقابية للدولة.

وأشار إلى أن من وظائف البنك المركزي وفقًا لقانونه هو استبدال الأوراق التالفة وغير الصالحة، وهذا ما يقوم به بشكل مستمر من أجل المحافظة على استدامة التعامل بالعملة المحلية واستقرارها. وبيّن أن كلفة استبدال الأوراق النقدية هي كلفة طباعتها، وهي تختلف عن قيمة العملة بكثير، وليست خسارة 7 مليارات دينار، كما يروّج البعض، علمًا أن العملة التي غرقت كانت ستستبدل حتى لو لم تغرق، لكون عمرها الافتراضي قد انتهى.

وأعرب البنك المركزي عن استغرابه الشديد "لإثارة هذا الموضوع بعد خمس سنوات، وفي هذا التوقيت تحديدًا، علمًا أن الموضوع محسوم إجرائيًا وقانونيًا في تاريخه".. ودعا وسائل الإعلام إلى "توخي الدقة والحذر في تناقل البيانات والتعامل معها لما لها من تأثير على حالة الاستقرار المالي والسعري التي حققها البنك المركزي بجهود كبيرة وباعتراف المنظمات الدولية خلال السنوات الماضية".

وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي قد قدرت في وقت سابق حجم خسائر العراق جراء الفساد في السنوات الاثنتي عشرة الماضية بحوالى 450 مليار دولار، من بينها 360 مليار دولار خلال فترة حكومتي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بين عامي 2006 و2014.

يشار إلى أن العراق يتصدر منذ سنوات قائمة مؤشر الفساد العالمي، التي تنشرها "منظمة الشفافية الدولية"، والتي أظهرت في &مارس الماضي أن العراق جاء مجددًا في المراتب الأولى لجهة الفساد بين دول العالم.

صالح يبحث في عمّان مواجهة الإرهاب وتوسيع التبادل التجاري &

إلى ذلك، وصل الرئيس العراقي برهم صالح اليوم الخميس إلى الأردن حيث يقوم بزيارة بدعوة رسمية من الملك عبدالله الثاني، الذي سيبحث معه سبل توطيد التعاون المشترك والعلاقات الثنائية بين البلدين، فضلًا عن بحث التطورات في المنطقة.&

ولفت بيان رئاسي إطلعت عليه "إيلاف" إلى أن عددًا من الوزراء والمستشارين سيرافقون صالح في زيارته لعمّان هذه من دون إيضاحات أخرى، لكنه من المتوقع أن تتركز مباحثات المسؤول العراقي مع القادة الأردنيين على حفظ أمن الحدود المشتركة وتأمين المنافذ الحدودية وتوسيع وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين في مرحلة ما بعد طرد تنظيم داعش من العراق.

وكان الرئيس صالح قد تلقى في الخامس من الشهر الماضي بعد ثلاثة أيام من تسلمه منصبه الحالي اتصالًا هاتفيًا من الملك عبدالله الثاني، أكد فيه استعداد بلاده لتطوير وتوسيع علاقات التعاون الوثيقة مع العراق في جميع المجالات في موازاة مواصلة التنسيق والتشاور على المستويين الإقليمي والدولي.

من جانبه، شدد الرئيس صالح على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال اللجنة المشتركة بين البلدين، مرحّبًا بدور متميز للمملكة الأردنية في مشاريع الإعمار والزراعة مع تشجيع الشركات الأردنية على الاستثمار في المشاريع الإنتاجية الجديدة.

ويرتبط العراق والأردن بعلاقات وثيقة تاريخيًا بين الشعبين&والبلدين، وقد أصبح الأردن منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 قبلة العراقيين على مختلف انتماءاتهم الطائفية والسياسية، وشكلت الجالية العراقية المقيمة في الأردن تجمعًا لمختلف القوى الحكومية والمعارضة.

كما يرتبط العراق والأردن بلجنة عليا مشتركة، عقدت اجتماعها الأول في نوفمبر عام 2004، حيث قام رئيسا الوزراء في كلا البلدين بالتوقيع على محضر أوضح الآلية التي تحكم عمل الإطار الهيكلي للتعاون بين البلدين.&

تضمن المحضر إقامة المنطقة الحرة الكرامة لخدمة تجارة الترانزيت والمبادلات التجارية الدولية والصناعات التصديرية وتأسيس مكتب البعثة الموقتة للبنك الدولي في عمّان، وذلك لإدارة عملياته في العراق، نظرًا إلى الظروف الأمنيّة المضطربة فيه آنذاك، إضافة إلى تدريب الكوادر العراقية من خلال برنامج للتدريب تشرف عليه اليابان لتأهيل الكوادر العراقية بمختلف المجالات في الأردن.

يشار إلى أن أهم السلع التي يستوردها الأردن من العراق هي سماد اليوريا والحديد ومشتقاته ومواد كيميائية والألمنيوم ومشتقاته والتبن والقش.. فيما تتمثل أهم الصادرات الأردنية إلى العراق في مواد الحليب والخضر والفاكهة والسمن النباتي والمشروبات الغازية والأسمنت وأسلاك الكوابل ومستحضرات الغسيل وزيوت التشحيم والبلاستيك وسماد ثنائي فوسفات الأمونيا.&

أعفى العراق في أواخر العام الماضي أكثر من 300 سلعة أردنية من الرسوم الجمركية بناء على طلب الأردن، وذلك بموجب اتفاقية التجارة الحرة الثنائية الموقعة بين البلدين، وهي الوحيدة بين العراق وبلد عربي.

وقد أعيد فتح معبر طريبيل الحدودي بين الأردن والعراق في نهاية أغسطس الماضي، بعد إغلاقه كليًا منذ عام 2014 بسبب تعرّضه لهجمات تنظيم داعش وسيطرته على أجزاء واسعة في غرب العراق قبل تحريرها أخيرًا. وبلغت الصادرات الأردنية إلى العراق في العام الماضي حوالى 695 مليون دولار، فيما كانت تبلغ قبل الحرب مع التنظيم حوالى ملياري دولار.
&&