قررت النيابة العامة في مصر حبس معلم، سخر من لون بشرة تلميذة سمراء، ووجّهت إليه تهمًا تتعلق بـ"التنمر والخروج عن مقتضيات الواجب الوظيفي بالإساءة إلى التلميذة"، وذلك بعدما انتفض رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المصرية منددين الحادث.

إيلاف من القاهرة: بعدما انتفض رواد مواقع التواصل الاجتماعي والإعلاميون انتصارًا للطفلة بسملة علي عبد الحميد، الطالبة في الصف الثاني الثانوي، ذات البشرة السمراء، قررت النيابة العامة في محافظة دمياط، في شمال مصر، حبس معلم اللغة العربية في مدرسة "الشهيد محمد جمال صابر"، سامي دياب، إثر سخريته من الطفلة في المدرسة، مما تسبب لها بأزمة نفسية.

هددها بالطرد
وجّهت النيابة العامة إلى المعلم تهمًا تتعلق بـ"التنمر والخروج عن مقتضيات الواجب الوظيفي بالإساءة إلى التلميذة". وروت الطفلة بسملة قصتها لـ"إيلاف"، قائلة إن "المعلم سامي دياب دأب على السخرية منها أمام زملائها في الفصل الدراسي، مما تسبب لها في أزمة نفسية خطيرة، لدرجة أنها كانت تفكر جديًا في الخلاص من حياتها، لاسيما أن بعض زملائها ساروا على نهج المعلم في السخرية منها في الفصل الدراسي أو أثناء الفسحة أو خلال مشوار الذهاب والإياب إلى المدرسة".

محافظ دمياط تعتذر لبسملة في طابور الصباح

وأوضحت أن المعلم طلب منها ذات مرة أن تعرب جملة "بسملة تلميذة سوداء"، مشيرة إلى أنها شعرت بالإهانة الشديدة، وانهارت باكية أمام زملائها في الفصل الدراسي، خاصة أن سلوك المعلم أثارهم، ودخلوا في نوبة ضحك هستيرية.

أضافت إن الإهانة لم تتوقف عند هذا الحد، بل إن المدرّس هددها بالطرد من الفصل، إذا استمرت في البكاء، ولم يتدخل لتهدئتها، ولم يطيّب خاطرها أو يعتذر لها عن إهانتها.

انتصار الكتروني
وأشارت بسملة إلى أنها كانت تعاني من حالة نفسية سيئة للغاية، وتبكي بشدة في المدرسة والمنزل، منوهة بأن والدها ضغط عليها حتى روت له تفاصيل ما تتعرّض له في المدرسة من إهانات، وقررت تقديم شكوى إلى مديرية التربية والتعليم في دمياط.

ولفتت إلى أن المدرّس لم يعبأ بالشكوى، وواصل كيل الاهانات بحقها، واستمر يكتب جملة "بسملة تلميذة سوداء" على السبورة، "ويطلب مني ومن زملائي إعرابها، إلى أن وصلت الأزمة إلى فايسبوك، وحدثت انتفاضة كبرى، من أجل الانتصار لي، واتهم النشطاء المدرّس بالعنصرية والسخرية، ووصلت الأزمة إلى الإعلام ووزارة التربية والتعليم والنيابة العامة".

إثر انتفاضة المصريين، قرر وكيل وزارة التعليم في دمياط السيد سويلم، استبعاد المعلم من المدرسة عقابًا له على هذا التصرف غير المسؤول، وكذلك قرر إحالته على التحقيق من جانب الشؤون القانونية في المديرية.

وزارة التعليم تتحرك
ودعا وزير التعليم الدكتور طارق شوقي التلميذة بسملة إلى مكتبه لتقديم الاعتذار إليها، والتأكيد أنه ضد التمييز أو التفريق لأي سبب. أضاف في تصريحات صحافية، أن الوزارة اتخذت الإجراءات القانونية تجاه المعلم المتنمّر، موضحًا أن الوزارة أرسلت دعوة إلى الطالبة لاستضافتها في ديوان عام الوزارة.

وأوضح أنه وجّه المعلمين بضرورة عدم تكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى، مضيفًا: "هناك أحوال أخرى يتم الاعتداء فيها على المعلم، لأنه تهمّنا حماية المعلم من أي اعتداءات في النهاية". تابع: "أكرر دعوتي إلى الطفلة الجميلة حتى نقعد مع بعض، &وأشوف رأيها في التعليم، ولن نتكلم في الذي يضايقها"، وقال موجّهًا حديثه إليها إن أي إنسان يضايقها سوف يتم التصدي له".

الطالبة بسملة ضحية التنمر

زارت محافظ دمياط الدكتورة، منال ميخائيل، المدرسة، أثناء الطابور المدرسي، وقدمت باقة إلى الطفلة بسملة، وقدمت اعتذارًا رسميًا إليها، وقبّلتها أمام زملائها.

سمراء أم سوداء!
من جانبه، نفى معلم اللغة العربية سامي دياب التهم الموجّهة إليه، وقال إنه لم يتعمد الإساءة إلى الطالبة أو ممارسة التنمر ضدها أو السخرية منها، مشيرًا إلى أنه طلب منها إعراب "بسملة تلميذة سمراء وليس سوداء"، كما تردد.

وقال إنه كان يشرح درس النعت في مقرر النحو الدراسي، مضيفًا أنه بعد الانتهاء من الشرح أراد التأكد من استيعاب الطالبات للدرس، فضرب أمثلة على الطالبات في الفصل، وطلب إعرابها.

أضاف إنه ضرب مثالًا: "أية تلميذة كسولة"، وطلب من إحدى الطالبات إعرابها، وبعدها رفعت الطالبة بسملة يدها لتشارك في الإجابة، فضرب لها نموذج "بسملة تلميذة سمراء".

تابع في التحقيقات، أنه قدم اعتذارًا إليها عمّا سببه لها من ضرر نفسي غير مقصود، منوهًا بأن بشرته سمراء، وليس من المنطقي أن ينعت غيره بالوصف نفسه، معتبرًا ما حصل "خطأ غير مقصود".

ضرورة تأهيل المعلمين
وكان الإعلاميون المصريون ثاروا انتصارًا للطفلة بسملة. وقال الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "الحكاية" على فضائية "إم بي سي مصر"، إن ما قام به المدرّس ضد الطفلة يعد حرامًا شرعًا ومجرمًا قانونًا، وتتم معاقبة أي شخص يمارس التنمر ضد أي إنسان، مشيرًا إلى أن "قضية بسملة أكدت تحضر المجتمع المصري".

وقال أديب: "المدرّس كأنه من أوكرانيا، سودة حمرا بيضا زرقا، ولا تفرق مع حد، ليس من حق أحد أنه يتريق على أحد، لا يسخر أحد من أحد".

وطالب وزير التربية والتعليم ضرورة بإعادة النظر في تأهيل المعلم حتى يصبح قادرًا على التعامل مع الطلاب تربويًا قبل الناحية التعليمية، مشيرًا إلى أن "السوشل ميديا مارست دورًا في الدفاع عن حقوق الطفلة".


&