أثار اعتزام الحكومة المصرية تصدير الكلاب والقطط الضالة إلى الدول الآسيوية التي تستخدمها في الطعام أثار عاصفة من الغضب في أوساط الرأي العام. وأعلن المصريون رفضهم للقرار، ما أدى إلى تراجع الحكومة عن تنفيذه.

إيلاف من القاهرة: تصدى المصريون بقوة لقرار محتمل من الحكومة يقضي بحل أزمة انتشار الكلاب والقطط الضالة في البلاد، عبر تصديرها إلى الدول التي تستخدمها في الطعام، وهي دول جنوب شرق آسيا.

وسمان يتصدران
وكانت وزارة الزراعة المصرية أعلنت أنها وافقت على تصدير 2100 قطة و1700 كلب من سلالات متنوعة خلال شهر سبتمبر وأكتوبر الماضيين، مشيرة إلى أن دور الوزارة اقتصر على منح شهادات تؤكد أن هذه الحيوانات محصنة وخالية من الأمراض.

لقي القرار ردود فعل غاضبة على المستويين الشعبي والبرلماني. فأطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حملات من أجل التصدي للقرار ورفضه. للغاية انطلق هاشتاغان، الأول بعنوان: "ضد تصدير الكلاب والقطط"، والآخر بعنوان "أوقفوا تصدير الكلاب والقطط من مصر". وتصدر الوسمان ساحات شبكتي التواصل الاجتماعيين تويتر وفايسبوك.

ضمت حملة الرفض إعلاميين وصحافيين ومسؤولين ونشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان. قال عماد مجدي، أحد المسؤولين عن جمعية "دوغز غاردن"، إن الحكومة تسعى إلى حل أزمة انتشار الكلاب والقطط الضالة بطريقة خاطئة، مشيرًا إلى أنها تحاول الاستفادة منها أيضًا.

أماكن الإيواء هي البديل
أضاف لـ"إيلاف" إن تصدير الكلاب والقطط والحيوانات الضالة الأخرى إلى الدول الآسيوية ينافي حقوق الحيوان، معتبرًا أن هذه الحيوانات تتعرّض لتعذيب شديد قبل ذبحها أو قتلها وشيها وتقديم ضمن الوجبات. ولفت إلى أن الحل يمكن في احتواء هذه الحيوانات أو إقامة أماكن إيواء لها، وليس التخلص منها بطريقة بشعة.

وأشار إلى أن الشعب المصري أثبت أنه مثقف وواعٍ، عندما انتفض من أجل الدفاع عن حقوق الحيوانات الضالة، رغم أنها تسبب له مشاكل، وتعقر الأطفال.

تشويه سمعة
على المستوى البرلماني، قدمت النائبة نادية هنري بيانًا عاجلًا لرئيس مجلس النواب من أجل وقف قرار تصدير القطط والكلاب إلى الخارج، كما قدمت 3 طلبات عاجلة لوزراء الزراعة والتنمية المحلية والبيئة، نظرًا إلى كونهم معنيين بالأمر.

قالت في البيان البرلماني، الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، إن قرار تصدير القطط والكلاب أثار بلبلة في المجتمع المصري، وأساء إلى سمعة مصر الخارجية، لأنه خرج من دون شفافية واضحة.

وأشارت هنري إلى أن مصر تستورد الكلاب من أجل استخدامها في أعمال الحراسة، مستنكرة الضبابية وعدم الشفافية حول قرار تصدير القطط والكلاب، ومتسائلة عن الهدف من تصديرها وعن مصيرها في الدول التي ستٌصدر إليها.

وشددت عضو مجلس النواب على أن الدستور المصري تضمن موادَّ تؤكد ضرورة الرفق بالحيوان وأهمية كفالة حماية الحيوانات.
وأكدت أن القرار يشوّه صورة مصر في الخارج، ويساهم في هروب السياحة من مصر، مستنكرة علاج مسألة الكلاب الضالة التي تعقر المواطنين بالتصدير.

محمد صلاح يتضامن
هذا ووصف النائب محمد أبو حامد، القرار بأنه "جريمة وتعطيل للدستور"، مشيرًا إلى أن "تصدير الكلاب بهذا العدد لا يحدث إلا في الدول التي تأكل الكلاب وتعذبها بالحرق قبل قتلها، ليعمل هرمون الخوف على تحسين طعمها، بحسب ما هو معروف".

وطالب في بيانه البرلماني بعزل وزير الزراعة، بسبب انتهاكه الدستور والقيم الدينية التي اتفقت عليها الأديان جميعها، خاصة أن هذه الجريمة تدعم وجهة نظر تقول إن مصر تتعامل بوحشية مع الحيوانات.

وأوضح أن مصر جرّمت الاعتداء على الحيوانات عام 1902، وأن الشريعة الإسلامية وضعت شروطًا وقواعد لذبح الحيوانات التي يباح أكلها، منوهًا بأنه سيلجأ إلى القضاء الإداري والقضاء الدستوري، حال رفض الحكومة إلغاء التصاريح التي تسمح بتصدير القطط والكلاب.

تدخل اللاعب الدولي محمد صلاح على خط الأزمة. وقال عبر حسابه الرسمي على فايسبوك: "لن يتم تصدير القطط والكلاب إلى أي مكان، هذا لن يحدث، ولا يمكن أن يحدث". ونشر صلاح، نجم نادي ليفربول الانجليزي، صورة له مع قطتين، معلقًا: "لا لانتهاك حقوق الحيوانات".

محرم شرعًا
إلى ذلك تصدت المؤسسة الدينية للقرار، فأعلنت لجنة الفتوى في الأزهر، دار الإفتاء، أن هناك إجماعًا على تحريم أكل لحوم الكلاب والقطط. وقالت لجنة الفتوى في مجمع البحوث الإسلامية، إن أكل لحم الكلاب والقطط غير جائز شرعًا، وهو ما يؤكده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام".

أضافت لجنة الفتوى ما ورد في صحيح مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع"، مشيرة إلى أنه يدخل في كل ذي ناب: الكلب والهر أي: القط، كما وروى الترمذي وأبو داود من حديث جابر - رضي الله عنه - &وغيره. قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الهر".

وأكدت اللجنة أن ما أثير أخيرًا من جواز أكل لحم الكلاب والقطط منسوباً&إلى مذهب المالكية غير صحيح، بل الصحيح في مذهب المالكية ما جاء في موطأ الإمام مالك من حرمة أكل الكلاب والقطط وكل ذي ناب من السباع كما هو مذهب الجمهور، ففي الموطأ - رواية يحيي- قال: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع.

استغلال المسافرين
أمام هذا الغضب، أعلنت الحكومة تراجعها عن القرار. وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة حامد عبد الدايم إن "الوزارة لا تصدّر أو تستورد أية كلاب أو قطط، لكن خروج مثل هذه الحيوانات من مصر بصحبة أي راكب يخضع لإجراءات معينة".

وأوضح في تصريحات رسمية أنه "لا يُمنع خروج راكب بصحبة كلب أو قطة أو اثنين منهما، لكن في حالة زيادة العدد عن اثنين، لا بد أن يتولى شخص مصدّر مقيد في سجل المصدرين هذا الأمر".

أكد أن المصدّرين يجمعون الحيوانات من الركاب الذين يرغبون في الخروج من مصر بأكثر من حيوانين اثنين، ثم يسلمونها إلى الركاب في الدول المتجهون إليها.

أضاف أن وزارة الزراعة تخضع هذه الحيوانات لإجراءات تشمل الكشف عليها، وتأكيد خلوها من الأمراض، وتحصينها، ثم حصولها على شهادة من معهد البحوث الحيوانية.

&