لم يكن قد مضى ثمانية أشهر على تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقاليد الحكم في واشنطن، حتى واجهته مشكلة خارجية تتعلق بالوجود الأميركي في أفغانستان.

إيلاف من نيويورك: أفغانستان التي دخلتها القوات الأميركية منذ سبعة عشر عامًا، كانت تشهد في تلك الفترة استعادة حركة طالبان لنشاطها بشكل كثيف.&

كان ترمب الآتي من حملة انتخابية رفع خلالها شعار إعادة الجنود الاميركيين إلى بلادهم، على مفترق طرق حاسم، فهو مضطر لإتخاذ قرار كبير، إما بزيادة عديد القوات الأميركية للعمل على حسم المعركة ووقف اندفاعة طالبان، أو استبدال الجيش الأميركي بشركات خاصة على شاكلة بلاك ووتر.

تعارض وجهات النظر
أركان الإدارة انقسموا في ما بينهم، فمستشارة الأمن القومي يومها هيربرت ماكماستر تشارك مع وزير الدفاع المستقيل جيمس ماتيس في وجهة نظر واحدة تُعارض بشكل قاطع الاستعانة بمقاتلي الشركات الخاصة.&

ودفع الثنائي باتجاه إرسال المزيد من الجنود. وعلى الطرف الآخر تمسك ستيفن بانون، كبير مستشاري الرئيس، وإريك برينس مؤسس بلاك ووتر، وشقيق وزيرة التربية بيتسي ديفوس، بضرورة التعاقد مع شركات خاصة وإنقاذ الجيش الأميركي من رمال كابول.

دغدغة ترمب
مروّجو نظرية خصخصة الحرب حاولوا دغدغة مشاعر ترمب بأكثر الأمور أهمية بالنسبة إليه، أي المال، فأبلغوه أن الاستعانة بمقاتلي الشركات لا تكلف واشنطن شيئًا، إذا ما قورنت بالتكاليف المترتبة على إبقاء الجنود هناك، كما إن هؤلاء سيمتلكون فعالية أكبر بكثير في الميدان.

الخصخصة عادت إلى الحياة
رغم المغريات، انحاز الرئيس الأميركي إلى قرار مستشار الأمن القومي، ووزير دفاعه، لكن بعد تقديم الأخير إستقالته، والإعلان عن سحب ألفي عسكري من سوريا، وسبعة آلاف من أفغانستان، يبدو أن فكرة الاستعانة بالشركات الخاصة عادت إلى الحياة، بعدما رقدت في سبات عميق طوال الأشهر الماضية.

قرار صحيح ولكن
أنطوني تاتا، النائب السابق للقائد العام للقوات الأميركية في أفغانستان، كتب في "فوكس نيوز" يقول: إن "الرئيس ترمب كان محقًا حين أعلن في هذا الأسبوع أنه سوف يسحب جميع القوات الأميركية، البالغ عددها حوالى 2000 جندي من سوريا".&

وأضاف "لكن بدلًا من إنهاء مشاركتنا على الأرض بالكامل في عمليات مكافحة داعش في ذلك البلد، يجب على الرئيس أن يستبدل القوات الأميركية بمجموعات خاصة متشابهة من ناحية الحجم".

فوائدها
عدد تاتا فوائد سحب القوات من سوريا، حيث رأى أنها قادرة على تحقيق استراتيجية الأمن القومي المكونة من ثلاث نقاط، التنافس مع الصين وروسيا، والقضاء على الإرهاب في منبعه، والدفاع عن الحدود في وجه المتسللين.

بحسب بريجادير جنرال، تاتا، فإن "الشركات الخاصة ستساعد حلفاء أميركا في المنطقة بمرحلة ما بعد الصراع، مثل توفير الأمن للاستثمار الخاص وتحقيق الاستقرار، وتهدئة المخاوف من أن يُترك الأكراد بدون حماية أو أن تكون لإيران وروسيا حرية التجول في البلاد، وأيضًا سيسمح لنا بتحديد فعالية خصخصة العمليات في مرحلة ما بعد الصراع"، كما أكد أن القيادة الأميركية وفي حال احتاجت في أي وقت فرقة قتالية لمساعدة المتعاقدين، يمكنها بشكل سريع إرسال الفرقة 82 المحمولة جوًا.

أهمية الاستعانة بشركات خاصة

وأشار إلى أن "ترمب، وبصفته رجل أعمال يدرك فعالية خصخصة الخدمات الحكومية، فهذه الخطوة ستساعد أيضًا على التخفيف عن قواتنا المسلحة المجهدة بالقتال، والتي تحتاج الاستعداد لعمليات قتالية كبرى ضد المنافسين كالصين وروسيا".

وأكد أن وجود ألفي متعاقد يتبعون لشركات خاصة يوفر النتيجة الأمنية نفسها لوجود الجيش الأميركي، لافتًا إلى أن "الأمن المستدام سيغري الاستثمار الخاص في المناطق الغنية بالنفط في شرق سوريا، الأمر الذي من شأنه إنعاش اقتصاد هذه المنطقة، وتعزيز فصلها عن نظام الأسد وحلفاء الأسد والروس والإيرانيين".

العباقرة المعارضون
وفي تعليقه على الانتقادات التي يواجهها ترمب بسبب قرار الانسحاب، قال إن "عباقرة السياسة الخارجية والأمن القومي الذين ينتقدون الرئيس ترمب اليوم لإعلانه عن الانسحاب هم أنفسهم وضعوا رؤوسهم في الرمال عندما كان الرئيس أوباما ومدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر وأتباعهم يقللون من تهديد داعش".


&