في بادرة لم تكن معهودة عن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي يعرف عنه تعنته في آرائه ومواقفه حول مختلف القضايا منذ دخوله البيت الأبيض رئيسا، تراجع على نحو غريب عن تصريحات انتقد فيها استراتيجية رئيسة الحكومة البريطانية الخاصة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. 

واحتسى الرئيس الأميركي الزائر لبريطانيا، الذي توجه بعد ظهر الجمعة إلى اسكتلندا في إطار زيارته للمملكة المتحدة، الشاي مع ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، التي يلتقيها للمرة الأولى في قلعة وندسور التاريخية، لكنها لم تقم له حفل عشاء رسمي في قصر باكينغهام كما جرت العادة في الزيارات الرسمية الأولى لزعماء العالم لبريطانيا. 

وتابعت (إيلاف) تفاصيل المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمع ترمب وماي حيث اعتذر لرئيس الأميركي عن ادعاءاته بأن ماي تدمر خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قائلاً: "مهما فعلتم معنا، فلا باس، ولكنني حاربت كثيرا لإصلاح علاقاتنا".
وأصر ترمب أيضا على أنه لم ينتقد رئيسة الوزراء، وقال: "هذه المرأة الرائعة تقوم بعمل رائع، وساقوي علاقتي معها كصديقي لا عدوي".

 ماي وترمب في تشيكرز

وتراجع مستوى زيارة ترمب لبريطانيا من مستوى "زيارة دولة رسمية" إلى مستوى لقاءات بروتوكولية وجلسة عمل على غداء مع رئيسة الحكومة في مقرها الصيفي في تشيكرز وليس في 10 داونينغ ستريت. ولم يلتق ترمب مع سياسيين بريطانيين بما في ذلك زعماء المعارضة الذين هاجموا زيارته في الأساس.

يذكر أن برامج زيارات الدولة الرسمية لزعماء الدول لبريطانيا كانت تتضمن لقاءات مع زعماء المعارضة. 

علاقات قوية 

وإلى ذلك، قال الرئيس الأميركي في مؤتمر صحفي مشترك مع مضيفته ماي أمام مقر (تشيكرز) إن علاقته برئيسة الوزراء البريطانية "قوية جدا"، وذلك بعد أن انتقد استراتيجيتها الخاصة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي قائلا إنها قضت على الأرجح على الأمل في إبرام اتفاق مستقبلي للتجارة بين البلدين.

وكان ترمب قال في مقابلة نُشرت قبل ساعات فقط من الموعد المقرر لتناوله الغداء مع ماي واحتساء الشاي مع الملكة إليزابيث الثانية، انتقد ترامب النتائج "المؤسفة جدا" لاستراتيجية ماي في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال لصحيفة (صن) الشعبية التي يملكها روبرت مردوخ "إذا أبرموا اتفاقا كهذا فسيصبح تعاملنا مع الاتحاد الأوروبي بدلا من المملكة المتحدة، لذا فإن ذلك سيقضي على الاتفاق على الأرجح".

وأضاف: في الحقيقة أبلغت تيريزا ماي بالطريقة التي يجب أن تقوم بها بالأمر لكنها لم تستمع لي.

بوريس جونسون

وأشاد ترمب أيضا ببوريس جونسون الذي استقال من منصب وزير الخارجية هذا الأسبوع مع ديفيد ديفيز وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي احتجاجا على استراتيجية ماي. وقال ترمب إنه يرى أن جونسون يمكن أن يكون "رئيس وزراء عظيما"، وذلك في واحدة من سلسلة قنابله اليدوية اللفظية التي كان يفجرها بعد حفل عشاء قصر بلينهايم الليلة الماضية.

وقال ترمب لـ(صن) في تعليق على تظاهرات ضده في لندن: "أعتقد أنه عندما يطلقون المناطيد ليشعروني بأنني غير مرحب بي فلا سبب لدي للذهاب للندن".

وقد تظاهر نحو 70 ألف شخص في لندن احتجاجا على زيارة ترمب، احتجاج لندن واحد من أكثر من مئة احتجاج من المتوقع أن تشهدها بريطانيا خلال زيارته التي تستمر أربعة أيام. وأطلق محتجون يوم الجمعة منطادا خارج البرلمان البريطاني يصور ترمب على هيئة رضيع برتقالي غاضب.

هز رأسه

وعندما سألته صحفية أميركية خلال المؤتمر الصحفي عما إذا كان نادما على التصريحات التي أدلى بها لصحيفة (صن)، اكتفى ترامب بالنظر بعيدا وهز رأسه، وقال إن العلاقات الأميركية البريطانية "لا غنى عنها".

وأضاف ترمب إنه يقر النهج الذي ستتخذه بريطانيا بعد تركها الاتحاد الأوروبي أيا كان، مشيرا إلى أن ذلك يمثل فرصة لبريطانيا والولايات المتحدة.

الهجرة

وقال ترمب إنه توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن هذه الخطوة حدثت بسبب الهجرة. وزعم الرئيس الأميركي مجددا أن هناك علاقة بين الهجرة والإرهاب وارتفاع معدل الجريمة.

وعلقت ماي رافضة كلام ترمب بأن خطط خروج بريطانيا من الاتحاد من شأنها أن تقضي على صفقة تجارية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لحظتها، نظر الرئيس مباشرة إلى تيريزا ماي وقال: "لا أعرف ماذا سيفعلون ولكن كل ما تفعلونه انا متفق معه، وإن كان هذا هو قراركم. فانني أؤكد لكم أننا قادرون على التجارة معا".

وقال ترمب أيضا "ربما" ستترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي بمجرد انتهاء عملية الخروج، وردت تيريزا ماي على الفور قائلة: "اسمحوا لي أن أكون واضحا جدا بشأن هذا ، سنغادر الاتحاد الأوروبي وسننقل ما سيقوله الناس. لقد صوّت الناس لصالح الخروج".

وأبلغت ماي ضيفها الأميركي بأنهم "أصدقاء جيدين" ولكنها رفضت مزاعمه بأن خروجها "الأضعف" من الاتحاد الأوروبي سيقضي على صفقة تجارية مع أميركا.

وواصلت ماي قائلة: إن خطتها "توفر منبرًا لـ دونالد وأنا" لإبرام صفقة تجارية "طموحة" ، مضيفة: "سنفعل اتفاقًا تجاريًا معهم ومع آخرين حول بقية العالم".

قمة هلسنكي

وحول قمته المرتقبة يوم الإثنين مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، قال ترمب إنه أكثر صرامة مع روسيا من أي شخص آخر. وقال إن خط الغاز الجديد بين روسيا وألمانيا يمثل تهديدا للسلام.

ومن جانبها قالت ماي حول القمة الأميركية - الروسية إنه من المهم أن يذهب ترمب لإجراء محادثاته مع بوتين مدعوما بقوة ووحدة حلف الأطلنطي (الناتو).

وأشارت إلى إجراء مشاورات مع مختلف دول الاتحاد الأوروبي حول خط الغاز بين روسيا وألمانيا. وفي الختام، دعت رئيسة الوزراء البريطانية إلى تقليص السلاح النووي.