نصر المجالي: تمترست تيريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية في آخر حصونها مؤكدة أمام اجتماع لمجلس الوزراء اليوم الثلاثاء إنها لن تستقيل حتى لو صوت مجلس العموم ضد اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، لأن ذلك يعتبر فشلا تاريخيا وأكبر هزيمة التاريخ للبرلمان وليس لها.

وأبلغت ماي وزراءها في اجتماع في 10 داونينغ ستريت لبحث الموقف العام في البلاد، مع توقعات بهزيمة حكومتها بأكثر من 200 صوت في البرلمان ضد الاتفاق، لن ترحل بغض النظر عن حجم الخسارة، لأن خطتها هي "الخيار الوحيد". وقالت إنها كانت "خادم الشعب" وعزم على تنفيذ نتيجة الاستفتاء.

وقال مراقبون إن احتمال هزيمة رئيسة الوزراء البريطانية في تصويت تاريخي بالبرلمان يوم الثلاثاء على اتفاق تفاوضت عليه للخروج من الاتحاد الأوروبي قد يزج بالبلاد في مأزق بشأن عضويتها في أكبر تكتل تجاري في العالم والذي شكل اقتصادها على مدى عقود.

ونقلت (رويترز) عن رئيس تحرير صحيفة (صن) قوله إن رئيسة الوزراء تعتزم المضي قدما في خطتها الحالية للخروج من الاتحاد الأوروبي بصرف النظر عن حجم الهزيمة البرلمانية المتوقعة في التصويت الذي سيجري في البرلمان في وقت لاحق يوم الثلاثاء.

الخيار الوحيد

وكتب توم نيوتون دان على تويتر "سمعت أنها (رئيسة الوزراء) أبلغت مجلس الوزراء لتوها أنها ستمضي قدما في اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، بصرف النظر عن حجم هزيمة الليلة، إذ أن هذا هو الخيار الوحيد".

وكانت ماي حثت نواب البرلمان يوم الاثنين على إلقاء نظرة أخرى على الاتفاق لكن يبدو أن البرلمان عازم على رفضه في جلسة التصويت المقرر أن تبدأ في الساعة 1900 بتوقيت غرينتش مساء الثلاثاء.

وتتوقف آمال ماي في إنقاذ الاتفاق على حجم خسارتها، فإذا تمكنت من تضييق نطاق الهزيمة المتوقعة ستطلب على الأرجح من بروكسل تقديم المزيد من التنازلات على أمل الحصول على موافقة البرلمان على الاتفاق في تصويت آخر.

لكن انتهاء هذا التصويت بنتيجة مهينة قد يجبر ماي على تأجيل خروج بريطانيا المقرر من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس المقبل وربما يفتح المجال أمام خيارات أخرى تتراوح بين إجراء استفتاء آخر أو ترك الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.

وقال دومينيك راب، الذي استقال من منصب وزير الخروج من الاتحاد الأوروبي في نوفمبر تشرين الثاني احتجاجا على خطط ماي، إن الوقت قد حان للتحضير للخروج بدون اتفاق وهو ما يخشى العديد من أصحاب الأعمال أن يثير الفوضى في شركاتهم.

وقال لراديو هيئة الإذاعة البريطانية ”حان الوقت لنا من خلال هذا التصويت لتوضيح، ليس فقط أن الشروط الراهنة غير مقبولة، ولكن أننا لن ننفض أيادينا“ من هذا الأمر. وأضاف ”سنخرج (من الاتحاد الأوروبي) يوم 29 مارس.

ضمانات

وتبادلت ماي وزعماء الاتحاد الأوروبي تقديم الضمانات بشأن اتفاق الخروج يوم الاثنين في إطار أعمق أزمة تشهدها بريطانيا في نحو نصف قرن لكن لا يبدو أن ذلك نجح في استمالة أعضاء البرلمان الرافضين للاتفاق.

ويقول الكثيرون من أعضاء حزب المحافظين الذي تنتمي له ماي إن الاتفاق الذي تفاوضت عليه سيعطي بروكسل سلطات كبيرة خاصة فيما يتعلق بسياسة تأمين متفق عليها لتجنب عودة مشكلات على الحدود في أيرلندا.

وأبلغ الاتحاد الأوروبي ماي بأنه سيفي بالتزامه بإيجاد سبل لتجنب تنفيذ الترتيب الخاص بأيرلندا. وقال الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية الذي يدعم حكومة الأقلية التي ترأسها ماي إنه لن يؤيد الاتفاق.
وكانت ماي قد حذرت من أنه بدون هذا الاتفاق سيكون احتمال عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي هو المرجح على الخروج بدون اتفاق.

تفكك البلاد&

وقالت كذلك إن رفض البرلمان للاتفاق قد يكون من نتائجه تفكك البلاد وحذرت حزب المحافظين من السماح لحزب العمال اليساري المعارض من الأخذ بزمام المبادرة.

ورفضت ماي التزحزح من موقفها بشأن الاتفاق على الرغم الانتقادات من جميع الجبهات. ووحد الاتفاق، الذي يتضمن الإبقاء على روابط اقتصادية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، الأطراف المعارضة التي تضم النواب المؤيدين للاتحاد الأوروبي الذين يرون أن الاتفاق أسوأ خيار ممكن وأنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي الذين يقولون إن الاتفاق سيجعل بريطانيا دولة تابعة.

وبما أن الخروج بدون اتفاق هو الخيار الرئيسي في حال هزيمة ماي في التصويت على الاتفاق، يخطط بعض النواب المتمردين ممن هم في الصفوف الخلفية في البرلمان لمحاولة سحب السيطرة على مسألة الخروج من يد الحكومة.

لكن رغم ضعف ماي، ما زال لدى السلطة التنفيذية سلطات كبيرة، خاصة في أوقات الأزمات، لذلك ليس من الواضح كيف يمكن للبرلمان انتزاع السيطرة على مسألة الخروج من التكتل.