قالت الأمم المتحدة إن عمليات إزالة الألغام والمتفجرات في المناطق التي احتلها تنظيم داعش في العراق ستستغرق&ثماني سنوات بتكاليف تبلغ 265 مليون دولار.. فيما أعلن العراق استعادته من اليابان قطعًا أثرية تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد من كنوز مدينة النمرود في جنوب الموصل.

إيلاف: قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في تقرير لمناسبة اليوم العالمي للتوعية بالالغام واستلمت "إيلاف" نصه الجمعة، إن "الخطوة الأولى، أو الثانية أو الثالثة، قد تكون الأخيرة. إذا كنت في أفغانستان أو العراق أو نيجيريا أو الصومال أو سوريا أو اليمن اليوم، فقد لا تحتاج حتى اتخاذ خطوة، يمكنك فقط تشغيل ضوء أو فتح خزانة، ليؤدي ذلك إلى انفجار يمكن أن يسقط منزلك ومنازل جيرانك".

وأضافت أن اليوم "هو اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة على الإجراءات المتعلقة بالألغام، ونحن في مساعدة الأمم المتحدة نريد لفت الانتباه إلى الكفاح المستمر لتخليص العالم من الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب والعبوات الناسفة".

وأشارت إلى أنه حلت في الشهر الماضي الذكرى العشرين لـ "بدء نفاذ" معاهدة حظر الألغام، وقد صادقت على المعاهدة أو انضمت إليها حتى الآن 164 دولة، وقامت ثمانٍ&وثمانون دولة بتدمير أكثر من 50 مليون لغم أرضي مضاد للأفراد، وقامت 31 دولة بإزالة الألغام من أراضيها في إنجاز رائع يستحق الاحتفال به".

العراق يستعيد قطعًا من آثاره من اليابان

وبيّنت أن تحقيق هذا الإنجاز "قد تم عن طريق الدعوة، متغذية بالفزع والاشمئزاز، فمن طاقة الناشطين والحالمين، ومن خلال عمل منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة والأكاديميين والحقوقيين الدوليين والصحافيين والحكومات، تم إحباط سلاح كان يستخدم على نطاق واسع في السابق، وكان سهلًا وغير مكلف للصنع والنشر، وذلك بفضل العمل الجماعي، فكل لغم أرضي غير مصنوع، يعني أنه من المحتمل أن حياة طفل واحد لم تتم إزالتها بعنف أو تغييرها إلى الأبد".

وأوضحت البعثة أن الأمم المتحدة "لا تزال ملتزمة بعالم خالٍ من تهديد الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب والعبوات الناسفة، وهذا هو السبب في أنها أطلقت اليوم حملة عالمية "Safe Ground" أو "الأرض الآمنة"، والتي تعزز الصلة بين الإجراءات المتعلقة بالألغام والرياضة وأهداف التنمية المستدامة، حيث تعمل "الأرض الآمنة" على تحويل حقول الألغام إلى ملاعب لتعزيز المجتمعات وزيادة الوعي بشأن الضحايا والناجين من النزاع المسلح".

ودعت الأمم المتحدة الجميع إلى "تقييم حقيقة أنه بغضّ النظر عن المهمة التي نواجهها، مثل معالجة آفة الألغام المضادة للأفراد منذ 20 عامًا، من خلال اتخاذ إجراءات جماعية، من خلال الجدال والدعوة وتغيير العقول والمواقف، ومن خلال العمل المضني والعنيد يمكننا أن نجعل هذا العالم مكانًا أفضل".

وأوضحت أنه في السابع من مارس الماضي ذكرت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (أونماس) أن عمليات إزالة الألغام والمتفجرات في المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم داعش في العراق مستمرة، واصفة العمل بالشاق والأكثر خطورة بسبب "التلوث" بالمتفجرات.

وأشارت أونماس إلى أن "الصراعات والحملات العسكرية بهدف استعادة مدن العراق من قبضة المتطرفين أدت إلى تشريد أكثر من 5.8 ملايين&شخص بين عامي 2014 و2017".

وقالت إن الكثير من العراقيين ما زالوا بلا مأوى أو غير قادرين على العودة إلى ديارهم بسبب "التلوث الكبير بالمتفجرات" المرتبط بالضربات الجوية والعبوات الناسفة بدائية الصنع التي تركها تنظيم داعش، بل وأحيانًا تكون تلك العبوات مربوطة بجثث مقاتلي التنظيم.

وقال بيار لودهامار، مدير دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق، إن "الناس في الموصل يريدون العودة إلى ديارهم، لكن المدينة القديمة في غرب الموصل، لا يمكن العودة إليها... هناك ما يقارب من مليوني نازح عراقي ما زالوا خارج منازلهم ومدنهم وقراهم، ومهمتنا هي ضمان عودتهم. كما إننا نستكشف أكثر من 100 ألف منزل مدمر أو متضرر، يحتمل أن تكون فيها مواد متفجرة".

مدينة نمرود الأثرية في جنوب الموصل

وكشف لودهامار عن إزالة ما يقرب من 17 ألف عبوة متفجرة عام 2018 فقط، مشيرًا إلى أن ألفين من هذه المتفجرات كانتا من العبوات الناسفة بدائية الصنع، إضافة إلى ألفين من الأجهزة المختلفة التي تستخدم في عمليات صنع وتفجير هذه العبوات، فضلًا عن 782 حزامًا انتحاريًا، معظمها كان على جثث مقاتلي داعش المدفونين تحت الأنقاض.

أضاف لودهامار أن عملية مسح الألغام كانت مباشرة نسبيًا، لكنها أصبحت الآن أكثر تعقيدًا، إذ تنطوي على استخدام طائرات بدون طيار مزوّدة بكاميرات لتقييم المخاطر، والآلات الثقيلة المزروعة، مشيرًا إلى أن الأمر قد يستغرق ما لا يقل عن ثماني سنوات أخرى قبل أن يتم التخلص من الخطر في الموصل إلى مستوى مقبول.

وأشارت أونماس إلى أن المبالغ المطلوبة للاستجابة لطلبات البلدان المتأثرة بالألغام تصل إلى 495 مليون دولار، منوهة بأن أعلى متطلبات التمويل هي في مناطق ما بعد الصراع، بما في ذلك العراق (265 مليون دولار) وأفغانستان (95 مليون دولار) وسوريا (50 مليون دولار).

وفي حديثها للصحافيين في جنيف، شددت أغنيس ماراكايلو مديرة دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام على أهمية العمل الذي تقوم به أونماس بالنسبة إلى الأشخاص العاديين المحاصرين في النزاع. وأشارت إلى أن "العمل في مجال الألغام يتعلق بالمعاناة، وبالناس الذين يستيقظون في الليل مع الكوابيس. يتعلق الأمر بالأطفال الذين يتعرّض مستقبلهم للخطر بسبب الإعاقات المتعلقة بالصحة العقلية أو الجسدية.. إنه يتعلق بدولة لا تستطيع الوقوف على قدميها، ولا يمكنها امتلاك جميع الأدوات التي تحتاجها لإنعاش اقتصاداتها، لأن أراضيها ملوثة".
&
العراق يستعيد من اليابان قطعًا أثرية تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد
استطاع العراق بجهود ومتابعة مستمرة من سفارته في اليابان، وللمرة الثانية خلال ستة أشهر، استعادة قطع أثرية تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد من كنوز مدينة النمرود في شمال البلاد، والتي كانت موجودة في طوكيو منذ عام 1989، وهي عبارة عن تسعة مجاميع لأقشمة أو بقايا ملابس لأحد الملوك أو لشخص ذي شأن.

وقد تسلم المجاميع سفير العراق في طوكيو خليل الموسوي، حيث تعمل السفارة وبكل جهودها لجرد الموجودات الأثرية التابعة للعراق في اليابان واستعادتها جميعًا، فضلًا عن فتح مجالات للتعاون مع المؤسسات العلمية والمتاحف التي تولي اهتمامًا خاصًا بحضارة وادي الرافدين، كما أوضحت وزارة الخارجية العراقية، في بيان صحافي، إطلعت عليه "إيلاف" الجمعة.

تعد مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل درّة الحضارة الآشورية، فهي كنز لأهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، وقد سيطر عليها تنظيم داعش عام 2014، قبل أن يستعيدها الجيش العراقي في منتصف عام 2017. وتقع المدينة التاريخية عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كلم إلى الجنوب من الموصل كبرى مدن شمال العراق.

صمم التخطيط العام لمدينة نمرود على شكل مربع محاط بسور طوله ثمانية كيلومترات ومدعم بأبراج دفاعية، وفي الزاوية الجنوبية من السور يوجد تل نمرود.

وقد أسس المدينة الملك شلمنصر الأول، لكنها ظلت مغمورة، حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثاني مقرًا ملكيًا له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فجددها ووسع في قلعتها وفي المنطقة خارج الأسوار. ثم أكمل ملوك من بعده بناء المدينة وعلى مدار تاريخها تعاقبت عليها شعوب، وشهدت ديانات وثقافات عديدة.

وقد تعرضت مدينة نمرود على مدار تاريخها لعمليات نهب مختلفة، منها ما كان إبان الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بالتزامن مع عملية نهب واسعة لمختلف الآثار العراقية.

وفي عام 2014 قام تنظيم داعش، الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد، في منتصف يونيو عام 2014، بتجريف مدينة نمرود الأثرية بالآليات الثقيلة، ما اعتبرته وزارة السياحة والآثار العراقية آنذاك "اعتداء" على المعالم الأثرية التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده".
&
وكانت بعثة سلوفاكية للتنقيب عن الآثار قد سلمت العراق في 29 من الشهر الماضي مجموعة من آثاره التي استخرجتها من تل أثري في جنوب البلاد تعرّض للنهب والتدمير بعد عام 2003، وهي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد.

وتعرّضت آثار العراق لعمليات نهب وتدمير بعد سقوط النظام العراقي السابق في التاسع من إبريل عام 2003 حين اقتحمت في اليوم التالي أول مجموعة من اللصوص المتحف الوطني العراقي في العاصمة، حيث كان الموظفون قد أخلوا أماكن عملهم قبل يومين، وذلك قبل أن تتقدم القوات الأميركية إلى بغداد، وتعرّض المتحف عمليًا للنهب على مدار 36 ساعة التالية، إلى أن عاد الموظفون.

فبينما تمكن الموظفون الذين أظهروا شجاعة هائلة من نقل وتخزين 8366 قطعة أثرية بأمان، قبل نهبها، جرى الاستيلاء على حوالى 15000 قطعة خلال الـ36 ساعة. ورغم استعادة 7000 قطعة لحد الآن لا يزال هناك ما يزيد على 8000 قطعة مفقودة، من بينها قطع أثرية تعود إلى آلاف السنين من بعض أقدم المواقع في الشرق الأوسط.

وقد أعيد افتتاح المتحف في عام 2014، وهو يبدو إلى حد ما مجرد طيف لما كان عليه في السابق. وقاد الغضب العالمي إزاء أعمال النهب بالفعل إلى إجراءات فورية، وكان من أنجح البرامج العفو الذي منحته السلطات العراقية، والذي أدى إلى إعادة 2000 قطعة تقريبًا بحلول يناير عام 2004، إضافة إلى ألف قطعة أخرى حصل عليها المحققون العراقيون والأميركيون.

يؤكد خبراء عراقيون ودوليون أن حجم النهب الذي حل بالمتحف العراقي كان مذهلًا، ومن الأمور المحبطة بشكل خاص إغفال التحذيرات التي أشارت إلى إمكانية حدوث هذه الأعمال، والاستجابة الفورية غير المبالية من جانب إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، التي جاء فيها أن مثل هذه "الأمور تحدث".


&