الخرطوم: اعتبر سفير بريطانيا في الخرطوم الاربعاء في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن على قادة المجلس العسكري الحاكم في السودان تسليم السلطة سريعا لحكومة مدنية إذا كانوا يريدون استعادة الثقة المحلية والدولية بعد حملة القمع الشديدة لحركة الاحتجاج. &

وفرّق مسلحون في ملابس عسكرية اعتصاما لآلاف المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم في 3 حزيران/يونيو ما أدى الى مقتل العشرات وإصابة المئات.&

وأثارت حملة القمع تنديدا دوليا ونأى المجلس العسكري السوداني بنفسه من هذه الأحداث. لكن عرفان صديق السفير البريطاني في الخرطوم والمدافع القوي عن الحكم المدني في السودان حمل المجلس العسكري مسؤولية الأحداث الدامية.

وقال صديق لوكالة فرانس برس في مقر إقامته في الخرطوم "القوات الأمنية هي التي نفّذت هذه الهجمات وتسببت بقتل الناس". واضاف "لذا يتحمل المجلس العسكري مسؤولية اتخاذ خطوات وإعادة بناء الثقة التي يمكن أن تسمح بحدوث الانتقال المدني".

وقتل 128 شخصا معظمهم يوم فض الاعتصام، بحسب ما أعلنت لجنة الاطباء المقربة من "تحالف الحرية والتغيير" الذي يقود الاحتجاجات التي أدت الى اطاحة الرئيس السابق عمر البشير في 11 نيسان/ابريل.&

إلا أنّ وزارة الصحة ذكرت أن الحصيلة في ذلك اليوم بلغت 61 قتيلا فقط في ارجاء البلاد.

المجلس العسكري "مسؤول"

من جهته، اعرب المجلس العسكري عن "أسفه" لارتكاب "انحرافات" اثناء فض الاعتصام وأصر على أنه أمر بتطهير منطقة أخرى على مقربة من ساحة الاعتصام معروفة بوجود تجار المخدرات.

وقالت اللجنة العسكرية المكلفة التحقيق في الأمر إنها توصّلت إلى "ضلوع عدد من الضباط برتب مختلفة (...) ودخولهم ميدان الاعتصام من دون تعليمات من الجهات المختصة".

وقال صديق، الذي يتحدث العربية بطلاقة وتسلم منصبه في نيسان/ابريل 2018، إنّ المجتمع الدولي ينتظر نتائج تحقيقات اللجنة.

وتدارك "ولكن حتى يحدث ذلك ... فإن المجلس العسكري مسؤول عن الأمن وبالتالي مسؤول عما حدث" في فض الاعتصام.

وأضاف "لذا، اعتقد أننا بحاجة الى رؤية إجراءات من المجلس العسكري لبناء الثقة" مع السودانيين والمجتمع الدولي.

وكتب صديق على تويتر فيما كانت عملية فض الاعتصام جارية "لا عذر لهجوم مماثل. هذا يجب أن يتوقف الآن".

وقال إنّه سمع الجلبة الناجمة عن فض الاعتصام في الساعة الخامسة صباح 3 حزيران/يونيو.

وتابع "كان بوسعي سماع إطلاق النار واتضح لي ماذا يحدث. لهذا ادليت بهذا التصريح" في إشارة إلى تغريدته على تويتر.

وقال ايضا "للأسف، عملية القتل حدثت والكثير من الناس قتلوا وكان هناك ثقة (لكنها) فُقدت".

الثورة قد تعود

جاء تفريق الاعتصام بالقوة بعد انهيار المفاوضات بين التحالف والمجلس العسكري حول الجهة التي ينبغي أن تترأس الحكومة الانتقالية.

واعتصم المتظاهرون لأسابيع أمام قيادة الجيش في الخرطوم للمطالبة بداية برحيل البشير، ولاحقا للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية.

وأكّد صديق أن الدولة العربية الواقعة في شمال شرق افريقيا قد تواجه مشكلات كبيرة إذا عجزت عن إقامة حكم مدني.

وقال "دولة مثل السودان عانت لثلاثين عاما من الحكم غير الرشيد والعزلة والعقوبات والنزاعات وسوء الإدارة الاقتصادية، بحاجة وتستحق حقا الأفضل".

واستدعت لندن السفير السوداني بعد فض اعتصام المتظاهرين وهو ما ردت عليه الخرطوم باستدعاء صديق.

وحذّر السفير البريطاني من إنّه في حال فشل قادة الجيش في تسليم السلطة للمدنيين، ستتواصل معاناة السودان على الصعيد الدولي.

وقال إنّ "معاناة السودان ستستمر إذا لم يتمكن من تطبيع علاقاته مع العالم، وهو لن يطبع علاقاته مع العالم إذا لم يتجه صوب (مرحلة) انتقالية مدنية".

وأشاد صديق بانجازات المحتجين خلال الاشهر الستة السابقة منذ اندلاع التظاهرات لأول مرة قبل ستة أشهر بالضبط في 19 كانون الأول/ديسمبر الفائت احتجاجا على رفع أسعار الخبز ثلاث مرات.

لكنّه يشعر الآن بأن "الثورة" تخاطر بالفشل في تحقيق أهدافها.

ورغم نجاح حركة الاحتجاج في إطاحة البشير، لم تسر الأمور كما خطط لها المحتجون، بحسب قوله.

واورد صديق "الحقيقة أنّ عملية القتل التي حدثت في 3 حزيران/يونيو عقّدت الموقف وجعلت من الصعب أكثر التوصل لاتفاق".

وأكّد أن مطالبة المتظاهرين بديموقراطية مدنية مبررة.

وختم "إذا لم تتحقق إرادة الشعب السوداني، من المحتمل أن تتجدد الثورة الشعبية".&