الخرطوم: وقع المجلس العسكري وحركة الاحتجاج في السودان السبت اتفاقا من شأنه أن يمهد لبدء مرحلة انتقالية تؤدي الى حكم مدني في البلاد، فيما عمت الاحتفالات الشوارع في الخرطوم.

ووقع "الوثيقة الدستورية" كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع في قاعة فخمة تطل على نهر النيل في الخرطوم.&

وتجمع آلاف السودانيين في الشارع قرب مكان الاحتفال الرسمي الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات.

وقالت صبا محمد (37 عاما) وهي تلوح بعلم سوداني صغير لوكالة فرانس برس "هذا هو الاحتفال الأكبر الذي رأيته في بلادي. لدينا سودان جديد".

وعلى الرّغم من أنّ الطريق إلى الديموقراطية لا تزال حافلة بالكثير من العقبات، فقد خيمت الأجواء الاحتفالية على البلاد منذ الصباح.

وتقاطر الآلاف من المواطنين من جميع أنحاء السودان الى الخرطوم للمناسبة.

وقالت سعيدة خليفة بينما كانت تنزل من قطار أقلها مع الآلاف من عطبرة، المدينة التي انطلقت منها الاحتجاجات ضد البشير، "نأمل في ان يتمكن السودان من المضي قدما، نريد أن نفخر ببلادنا"، داعية الى إنهاء "الفوضى وتحقيق السلام والحرية".

وفور انتهاء التوقيع، حمل رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان الوثيقة التي وضعت في غلاف سميك باللون الأخضر عاليا ولوح بها وسط تصفيق الحاضرين، وبينهم رؤساء دول وحكومات إفريقية وممثلون عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. كما حضر وزراء ومسؤولون من دول خليجية وعربية.

وجلس حميدتي والربيع على المنصة الرئيسية وبجوارهما رئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد الذي قاد الوساطة التي أدت الى الاتفاق ورئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي.

ووصف ممثل الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد في كلمة ألقاها خلال الاحتفال، التوقيع بـ"الإنجاز التاريخي العظيم".

ثم ألقى الزعيم السوداني المعارض الصادق المهدي كلمة اعتبر فيها أن هذا اليوم هو "يوم عبور الى الحكم المدني الذي سيحقق السلام والتحوّل الديموقراطي عبر انتخابات حرة احتكاما للشعب السوداني".

وأكد ضرورة فتح الباب أمام "كل القوى التي لم تلوّث مواقفها بالاستبداد"، والى عدم إقصاء أحد.

يوم نصر الأمة

ينهي الاتّفاق الذي تم التوصل إليه في الرابع من أغسطس نحو ثمانية أشهر من الاضطرابات بدأت بتظاهرات حاشدة ضدّ الرئيس عمر البشير. وأطاح الجيش بالبشير تحت ضغط الشارع في أبريل، بعد 30 سنة من حكم السودان بقبضة من حديد.&

وتم التوصل الى الاتفاق بين المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد الإطاحة بالبشير، والمحتجين، بوساطة إثيوبية، بعد عملية قمع دامية لاعتصام كان يطالب بتسليم الحكم الى المدنيين. وتسببت عملية القمع بمقتل أكثر من 250 شخصا، بحسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.

وعلقت لافتات داخل القاعة الفخمة التي تم فيها التوقيع اليوم، كتب عليها "فرح السودان".

ودعا القيادي في "قوى إعلان الحرية والتغيير" محمد ناجي الأصم في كلمة طويلة أعضاء المجلس العسكري الى أن "نطوي معا صفحات مزمنة من الدكتاتورية البغيضة" في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، و"نؤسس معا ديموقراطية مستدامة" في السودان.

وعن البشير، قال إنه "لم يترك ذنبا إلا واقترفه"، مشددا على أن "المساءلة والمحاسبة القضائية من أهم واجبات الحكومة" الانتقالية المزمع تشكيلها.

كما أكد على تمسك قوى الحرية والتغيير ب"إجراء تحقيق شفاف وموضوعي في مجزرة القيادة العامة وكافة الانتهاكات التي صاحبت الثورة" منذ ديسمبر.

من جهة أخرى، طالب الأصم بالعمل على "وضع كافة أشكال التمييز ضد المرأة خلف ظهورنا"، مشيرا الى أن النظام السابق "اضطهد المرأة".

وأوضح ان ذلك سيتم بـ"كفالة حقوق المرأة قانونا وممارسة"، ودعا الى تخصيص "40 في المئة كحد أدنى من مقاعد المجلس التشريعي الانتقالي" للنساء.

ووصف رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح برهان من جهته اليوم بأنه "يوم نصر أمتنا التاريخي". وقال متوجها الى السودانيين "قواتكم المسلحة ستبذل الغالي والنفيس من أجل حماية الشعب السوداني وتحقيق الانتقال الى الحكم الديموقراطي".