أسامة مهدي: في قرار يبدو انه تخوفا من غضب العراقيين على مواطنيها بسبب تدخلها في شؤونهم الداخلية فقد اعلنت إيران اليوم رسميا وقف سفرهم الى العراق الذي بدأت فيه حملة شعبية واسعة لمقاطعة البضائع الإيرانية.

وأعلنت السلطات الإيرانية اليوم وقف سفر مواطنيها وايفاد زوارها للعتبات المقدسة في العراق بسبب تصاعد المد الشعبي ضد النظام الإيراني وتدخله في شؤون العراق ومعارضته للاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالاصلاح معللة قرارها بالاوضاع الامنية "غير المستقرة" في البلاد على خلفية تصاعد الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة.

وقال مصدر في بعثة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن "الأمن غير متوفر في الوقت الراهن لحضور الزوار الإيرانيين" إلى العراق كما نقلت عنه وسائل اعلام إيرانية تابعتها "إيلاف" الاحد .. موضحا أن "منظمة الحج الإيرانية طلبت من جميع المكاتب إيقاف إيفاد مواكب الزوار إلى العتبات المقدسة في العراق حتى إشعار آخر".

وفي وقت سابق اليوم قام محتجون عراقيون بقطع الطرق المؤدية الى منفذ الشيب الحدودي مع إيران من جهة محافظة ميسان العراقية الجنوبية بعد ايام من اغلاق السلطات الإيرانية الشهر الماضي منفذ مهران الحدودي مع العراق في محافظة واسط جنوب بغداد على خلفية قطع متظاهرين في قضاء بدرة في المحافظة القريبة من الحدود الإيرانية طريقا مؤدية إلى المعبر الحدودي.

طالبات عراقيات يتظاهرن ضد النظام

وفي اليوم العاشر من التظاهرات الشعبية غير المسبوقة التي تشهدها العاصمة العراقية و9 محافظات جنوبية شيعية فقد اكتسب الاحتجاجات الاحد معنى رمزيا كبيرا في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) مقر اقامة المراجع الشيعية الاربعة الكبار يتقدمهم المرجع الاعلى في البلاد السيد علي السيستاني بتجمع الاف الموظفين والطلبة والمواطنين الاخرين في ساحات التظاهر حيث اعلنوا العصيان المدني العام بالترافق مع بدء مناطق في بغداد ومحافظات اخرى الاضراب والعصيان العام.

وأقدم المحتجون في النجف ايضا على ازالة اسم "ألامام الخميني" الزعيم الإيراني الراحل من احد شوارع المدينة المؤدية الى مطارها الدولي واستبدلوه بأسم "شارع شهداء ثورة تشرين".

يشار إلى أن حوالي 8 ملايين إيراني يزورون العراق سنويا عبر منافذ الشلامجة وزرباطية والشيب ومندلي الحدودية فضلًا عن المطارات العراقية المختلفة فيما لايزور ربع هذا العدد من العراقيين إيران سنويا.

حملة عراقية لمقاطعة البضائع الإيرانية

وبالتزامن مع ذلك شن ناشطون حملة لمقاطعة البضائع الإيرانية ردا على موقف سلطاتها المعادي للاحتجاجات الشعبية العراقية المطالبة بالاصلاح والداعية لمكافحة الفساد والتي انطلقت في الاول من الشهر الماضي.

حملة عراقية لمقاطعة المنتجات الإيرانية

وأبلغ مصدر عراقي "إيلاف" في اتصال من بغداد ان الحملة بدأت تؤتي ثمارها بعد 24 ساعة من انطلاقها حيث بدأت البضائع الإيرانية تتكدس في المخازن العراقية بسبب امتناع التجار عن شرائها ورفض المواطنين اقتنائها من الاسواق.

وتحمل حملة المقاطعة شعار "خليها تخيس" بالدارجة العراقية اي دعها تتلف حيث يقول مواطنون ان إيران كانت سبباً في دمار العراق وإن على الشعب العراقي استعادة وطنه من خلال مقاطعة المنتجات الإيرانية.

وفي حال نجاح الحملة فأنها ستوجه ضربة قوية للاقتصاد الإيراني المتهاوي ولمحا ولات إيران استغلال العراق لاحداث ثقوب في الحصار والعقوبات الدولية المفروضة عليها.

ويقول السفير الإيراني في العراق ايرج مسجدي إن "حجم التبادل التجاري بين جمهوريتي العراق وإيران وصل إلى ثمانية مليارات ونصف مليار دولار سنويا وإن هناك 79 شركة إيرانية مختلفة الاختصاص تعمل في العراق في مجالات الطاقة والبناء والسياحة والبنى التحتية".

وأوضح أن "حجم مشاريع تلك الشركات بلغ عشرة مليارات دولار".. مشيرا إلى أن "ازدياد أعداد السائحين بين البلدين بشكل ملحوظ عن السنوات السابقة".

منشورات في العراق لمقاطعة البضائع الإيرانية

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أشار خلال زيارته الى العراق اواخر العام الماضي الى إن ثمة إمكانية لرفع التبادل التجاري بين إيران والعراق إلى نحو 20 مليار دولار سنويا. وتعتبر غرفة تجارة طهران العراق أكبر سوق للمنتجات الإيرانية حيث يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح إيران بنسبة 90% على الأقل.

وأصبح من المعتاد مشاهدة شوارع بغداد والعديد من المحافظات الجنوبية انتشاراً للباعة المتجولين الإيرانيين في ظاهرة غير مسبوقة، الأمر الذي أرجعه مسؤولون وخبراء اقتصاد إلى استغلال الكثير من الوافدين الزيارات الدينية ولوجودهم في العراق للتجارة وتحقيق عوائد مالية من شأنها تقليص تداعيات العقوبات فعلى امتداد الأرصفة والميادين في بغداد والنجف والبصرة وكربلاء وسامراء يفترش إيرانيون الأرصفة ويجوبون الشوارع ببضاعة متنوعة ما دعا باعة عراقيين إلى إبداء امتعاضهم لمزاحمة الإيرانيين لهم في مصادر رزقهم.

وتشهد بغداد ومحافظات جنوبية منذ الاول من الشهر الماضي تظاهرات شعبية ضد الطبقة الحاكمة وفسادها وهيمننها على المناصب العليا لكنها زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة وجذبت حشودا هائلة من مختلف الأطياف العرقية تواجهها القوات الامنية بالقنابل المسيلة للدموع التي تخترق الجمجمة والرصاص المطاطي على الحشود مباشرة مما أسفر عن إصابة بعضهم في الرأس والصدر ما أدى إلى مصرع أكثر من 260 شخصا واصابة 12 ألفا آخرين.