إسماعيل دبارة: قالت المعارضة الإيرانية في الخارج يوم الاثنين إن التظاهرات تتسع في أنحاء الجمهورية الاسلامية، احتجاجا على الرفع في أسعار البنزين، في حين يتجه النظام إلى مزيد من التعتيم وحجب الانترنت، لمنع تدفق صور وفيديوات التظاهرات التي يبدو أنها في طريقها للاتساع أكثر.

وقالة جماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة إن الاحتجاجات التي تجتاح إيران اتسعت لتشمل أكثر من 100 مدينة، في وقت تحدث الحكومة الإيرانية عن أن الوضع بات أكثر "هدوءا"، رغم وجود "بعض أعمال الشغب".

واندلعت احتجاجات في إيران، السبت، في عدة مدن من بينها العاصمة طهران، بعد ساعات من الإعلان عن رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا من البنزين يتم شراؤها كل شهر، و300 بالمئة لكل لتر إضافي كل شهر.

لكن رقعة الاحتجاجات ما لبثت أن امتدت إلى 107 مدن في إيران، بحسب المعارضة، متحدثة عن سقوط 61 قتيلا في المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن.

وتحدثت وكالة "مهر" شبه الرسمية في إيران عن اعتقال أكثر من ألف متظاهر.

تضارب الروايات

وأقرت إيران الإثنين انها لا تزال تواجه "أعمال شغب" رغم ان الوضع أصبح "أكثر هدوءا".

وأغلقت طرق رئيسية وأحرقت مصارف ونُهبت متاجر في الاضطرابات التي تشهدها البلاد.

واعلن مسؤولون مقتل شخصين على الأقل، هما مدني وشرطي، لكن الحصيلة قد تكون ثمانية قتلى وفقا لتقارير غير رسمية تناقلتها مختلف وكالات الانباء.

وبث التلفزيون الرسمي مشاهد لأعمال العنف تظهر شبانا ملثمين في شوارع تناثر فيها الركام، وهم يقومون بإضرام النار في مبان.&

ونادرا ما يقوم التلفزيون الرسمي ببث أي مظاهر للمعارضة في البلاد.

وتحدثت قوات الباسيج شبه العسكرية عن أعمال نهب، بحسب وكالة "اسنا" شبه الرسمية.

وكان قائد الباسيج الجنرال غلام رضا سليماني صرح سابقا ان "المخطط الاميركي فشل".&

وبدأت التظاهرات الجمعة بعد الإعلان عن رفع سعر البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا، و200 بالمئة لكل لتر إضافي يتم شراؤه بعد ذلك كل شهر.

وقالت السلطات في الجمهورية الإسلامية إنها اعتقلت أكثر من 200 شخص وفرضت قيودا على استخدام الانترنت.

وذكر موقع "نيتبلكس" الذي يراقب حركة تويتر "بعد 40 ساعة من حجب ايران الانترنت بشكل شبه تام، لا يزال الاتصال مع العالم الخارجي عند نسبة 5% من المستويات العادية".

وقال علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة ان الوضع أكثر هدوءا" الاثنين.&

الا انه اضاف في مؤتمر صحافي في طهران انه لا يزال هناك "بعض المسائل الصغيرة، ولن يكون لدينا غدا أو بعد غد أي مشكلات بشأن أعمال الشغب".

واضاف "هناك تجمعات في بعض المدن والمحافظات". وعند الطلب منه الكشف عن ارقام الاصابات في الاضطرابات قال "ما استطيع أن أقوله اليوم هو ان التجمعات هي أقل بنسبة نحو 80% عن اليوم السابق".&

تعتيم وقوة مفرطة

ولم يتضح بعد الوضع في الشوارع الاثنين بسبب انقطاع الانترنت الذي أدى الى توقف تدفق فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي لتظاهرات أو أعمال عنف متصلة.

ويرزح الاقتصاد الإيراني تحت أزمة منذ أيار/مايو العام الماضي عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل أحادي من اتفاق نووي موقع عام 2015 وأعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.

من جانبها، دانت الولايات المتحدة الأحد استخدام إيران "القوة القاتلة" ضد المتظاهرين.

وقالت ستيفاني غريشام مسؤولة الاعلام في البيت الابيض في بيان "ندين القوة القاتلة والقيود الصارمة المفروضة على الاتصالات، ضد المتظاهرين".&

ودانت وزارة الخارجية الإيرانية وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي غرد السبت أن "الولايات المتحدة معكم" في أعقاب التظاهرات.

وفي بيان صدر في ساعة متأخرة الأحد قالت الوزارة إنها ترد على تصريحات بومبيو التي "أظهر فيها الدعم ... لمجموعة من مثيري الشغب في بعض مدن إيران، وتدين مثل هذا الدعم والتصريحات التي تعتبر تدخلا".

ونقل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية القول إن "الشعب الإيراني يعلم جيدا أن مثل هذه التصريحات المنافقة والمزيفة لا تتضمن أي تعاطف صادق وحقيقي".

وأضاف أن "ممارسات بعض الفوضويين والمخربين المدعومين من أمثاله (بومبيو)، لا تتسق إطلاقا مع سلوك الشعب الايراني الواعي".

مواقف أوروبية

من جانبها دعت المانيا الاثنين إلى الحوار بين الحكومة والمحتجين "الشرعيين" في ايران.&

وقالت اولريك ديمر المتحدثة باسم المستشارة انغيلا ميركل "انه أمر مشروع ويستحق احترامنا ان يعبر الناس بشجاعة عن مظالمهم الاقتصادية والسياسية كما يحدث حالياً في ايران".&

وأضافت "على الحكومة الايرانية الاستجابة للاحتجاجات الحالية بابداء الاستعداد للدخول في حوار".

من جانبها ، أكدت فرنسا مجددا دعمها حق التظاهر السلمي معربة عن أسفها لوفاة "العديد" من المحتجين.

و أعلنت إيران قرارها المفاجئ برفع أسعار الوقود وتقنين توزيعه منتصف ليل الخميس الجمعة، في خطوة تهدف إلى جمع أموال تستخدم لمساعدة مواطنين محتاجين.

والقرار الصادر عن المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي المؤلف من الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية، يأتي في وقت حساس قبيل الانتخابات البرلمانية في شباط/فبراير.

ونال القرار الأحد دعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

تصلّب النظام

وقال خامنئي في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي "لست خبيرا وهناك آراء مختلفة، لكنني قلت إنه إذا ما اتخذ قادة الفروع الثلاثة قرارا، فإنني أؤيده".

وتابع "البعض سيستاء حتما من هذا القرار ... لكن إلحاق الأضرار وإشعال النار (بالممتلكات) ليس أمرا يقوم به الناس (العاديون)، إنهم مشاغبون".

ودافع الرئيس حسن روحاني الأحد عن القرار المثير للجدل والذي ستستخدم عائداته لمساعدة 60 مليون إيراني.

وأعلن روحاني في تصريحات بعد اجتماع حكومي أن أولى الدفعات ل20مليون شخص ستبدأ مساء الإثنين.

لكنه حذر أيضا من أن إيران لن تسمح ب"انفلات الأمن".

وقالت وزارة الاستخبارات نهاية الأسبوع إنها حددت هوية الأشخاص المسؤولين عن الاضطرابات وإن إجراءات ستتخذ بحقهم.

وذكرت وكالة إيسنا شبه الرسمية الأحد أنه تم اعتقال أربعين شخصا في مدينة يزد (وسط).

واعتقل 180 شخصا في الأيام الثلاثة الماضية في محافظة خوزستان (جنوب)، وفق ما أعلنت وكالة إرنا الرسمية للأنباء الإثنين.

من جهتها، نقلت وكالة فارس للأنباء، المقربة من الحرس الثوري إنه لم يتضح بعد متى سيتم رفع القيود على الانترنت، وذلك نقلا عن مصدر حكومي مطلع.

بدورها، نقلت وكالة الانباء الرسمية عن بيان للحرس الثوري أنه إذا لزم الأمر فانه "سيواجه بحزم ... استمرار أي انعدام الأمن والإجراءات التي تعيق سلام الناس والهدوء".

واعتقل الحرس الثوري الايراني 150 من "قادة" الاحتجاجات في محافظة البرز، بحسب ما صرحت وكالة انباء تسنيم، مضيفة انهم اعترفوا بأنهم "تلقوا اموالا" لحرق المباني.&