إيلاف: وسط اجواء مشحونة بالخطر يعيشها العراق خلال هذه الساعات إثر تهديد الرئيس صالح بالاستقالة، ومع تشديد الأمن وغلق المنطقة الخضراء إثر توسع هوة الخلافات بين قادته السياسيين حول ترشيح رئيس للحكومة الجديدة، فإنهم رغم مرور 15 شهرًا على الانتخابات السابقة يجهلون من هي الكتلة الأكبر التي لها حق الترشيح أو يتخوفون من إعلانها في ظاهرة وصفها علاوي بالمعيبة.

وإثر إصرار تحالف البناء الشيعي الموالي لإيران على ترشيح وزير التعليم العالي قصي السهيل في تحدّ لرفض الشعب ورغبة المرجعية الشيعية العليا بعدم ترشيح من تولى مناصب رسمية سابقة أو أن يكون حزبيًا وتشديدها على مرشح يحظى بثقة الشعب، فقد هدد الرئيس العراقي برهم صالح بالاستقالة قبل ترشيح أي شخصية لا يرتضيها الحراك الشعبي المنتفض منذ الأول من أكتوبر الماضي مطالبًا بالإصلاح الشامل.

وإثر ذلك هدد محتجو ساحة التحرير في وسط بغداد بعبور جسر الجمهورية ونهر دجلة سباحة إلى المنطقة الخضراء المحمية في حال إعلان ترشيح السهيل رسميًا من قبل الرئيس، ما دفع بالقوات الأمنية إلى إغلاق جميع بوابات المنطقة الخضراء ومداخلها ومخارجها وتحشيد قوات بقربها تحسبًا لأي طارئ.

تغريدة للمرشح لرئاسة الحكومة العراقية فائق الشيخ علي

وشهدت العاصمة العراقية منذ ساعات إجراءات أمنية مشددة ونصب نقاط تفتيش مسلحة على الطرق والساحات الرئيسة وخاصة في مناطق في وسطها أو المؤدية إليها، كما أغلق المحتجون طريق محمد القاسم الدائري السريع&بإطارات السيارات المحترقة.&

فيديو لآلاف العراقيين يتوجهون إلى ساحة التحرير في وسط بغداد الليلة الماضية:
https://outlook.live.com/mail/deeplink?version=2019121602.15&popoutv2=1

كما تصاعدت الاحتجاجات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب وخاصة البصرة والناصرية والنجف وكربلاء وواسط والديوانية خلال الساعات الأخيرة، حيث زحف الآلاف من العراقيين الليلة الماضية على ساحة التحرير وسط العاصمة رفضا لأي إعلان عن ترشيح تحالف البناء الشيعي لوزير التعليم العالي قصي السهيل لتشكيل الحكومة الجديدة، كما خرجت تظاهرات في المحافظات خارج البلاد تهدد بالعصيان التام رفضًا.

شهدت مدينة النجف، حيث يقطنها المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني الصوت المؤثر في الأحداث العراقية في تظاهرة حاشدة قرئ فيها بيان حصلت "إيلاف" على نسخة منه، هدد بأنه في حالة التصويت ضد قرار الشعب بخصوص رئيس وزراء مستقل فإنه سيتم منع دخول النواب ممثلي محافظة النجف إلى داخل المحافظة وإعلانهم خصمًا وعدوًا لأهاليها. وشددوا على أنهم سيتبعون خطوات تصعيدية سيعلن عنها لاحقًا .. ودعوا المعتصمين في باقي المحافظات إلى اتخاذ هذه الخطوات نفسها.

كما أعلن متظاهرو البصرة أنهم سيغلقون جميع الطرق الرئيسة في المحافظة منذ السادسة من صباح اليوم الاثنين. وأشاروا إلى أن هذا الإجراء يأتي ردًا على استخفاف الأحزاب الحاكمة بمطالب الثوار وترشيح السهيل وازدياد عمليات الخطف والاغتيال للناشطين المدنيين.

من جهتها، أعلنت رئاسة البرلمان عن عقد جلسة مساء اليوم الاثنين في محاولة لإنهاء الخلافات حول بعض مواد القانون الجديد للانتخابات والتصويت عليه.&

خلافات الترشيحات &
جاءت هذه التطورات إثر رد المحكمة الاتحادية العليا على طلب الرئيس برهم صالح أمس بشأن "الكتلة النيابية الأكبر"، نائية بنفسها عن تحديدها بشكل صريح، ما ترك الأبواب مفتوحة أمام تفسيرات متناقضة أربكت الوضع السياسي العراقي المعقد أصلًا.

بدوره تقدم تحالف البناء الموالي لإيران رسميًا مساء أمس بطلب تكليف قصي السهيل لرئاسة الحكومة في خطاب إلى الرئيس برهم صالح موقعًا من قادته: نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون وهادي العامري رئيس تحالف الفتح وفالح الفياض رئيس تحالف العقد الوطني ومحمد الحلبوسي رئيس تحالف القوى العراقية فضلًا عن قتيبة الجبوري وخميس الخنجر، وهم من أعضاء التحالف السنة، إضافة إلى الحلبوسي رئيس البرلمان.

وأعلن الرئيس صالح عقب ذلك أنه وجّه خطابًا إلى رئاسة البرلمان لتحديد من هي الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها ترشيح رئيس الحكومة.. موضحًا أنه تلقى&ثلاثة طلبات تخص الكتلة الأكبر من تحالف البناء بترشيح السهيل وأخرى من تحالف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يعلن أنها الكتلة الأكبر وأخرى من 174 نائبًا يطالبون بترشيح شخصية لم تتسلم مناصب أو من أصحاب مزدوجي الجنسية. &

خطاب الرئيس صالح هذا إلى البرلمان هو الثاني خلال عشرة أيام بعدما كان وجّه في منتصف الشهر الحالي خطابًا مماثلًا يطلب فيه تحديد الكتلة الأكبر لترشيح رئيس وزراء جديد بديل من الرئيس المستقيل عادل عبد المهدي إلى البرلمان، الذي رد عليه في 16 من الشهر الحالي، قائلًا "سبق وأن تم إعلامكم بالكتلة الأكبر عددًا في مجلس النواب.. وعلى أساسها كلفتم مرشحها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة الحالية" متجنبًا ذكر اسم الكتلة الأكبر.
&
علاوي والصدر والعبادي
إزاء هذه التراشقات حول الكتلة الأكبر، فقد شدد رئيس ائتلاف العراقية أياد علاوي على أن الجدل بشأن الكتلة الأكبر معيب ومؤسف.

قال علاوي في تغريدة على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" وتابعتها "إيلاف" إن "الجدل القائم حول الكتلة الأكبر وتفسيرها كما حصل في انتخابات 2010 معيب ومؤسف، وهو ما لم تشهده ديمقراطيات العالم أجمع".

بيان متظاهري محافظة النجف

أضاف أن "المنافسة غير الشريفة والتهافت على المناصب لا يليقان بالشعب العراقي ولا بتضحيات أبنائه أو دماء شهدائه. القرار ينبغي أن ينحاز إلى رؤية الشعب وإرادته".

أما زعيم تحالف النصر رئيس الوزراء السابق حيجر العبادي فكتب على تويتر يقول: ‏من تناسى «الكتلة الأكبر» بالأمس يتصارع عليها اليوم!!&
‏الدولة لا تبنى بتوافقات المصالح، الدولة تبنى بالقانون والمسؤولية..
‏الشرعية اليوم للدستور والشعب،.. وعلى ضوئها يتحدد رئيس الوزراء ومهام المرحلة الموقتة،.. ‏المطلوب تغيير في معادلة الحكم وصولًا إلى إصلاح النظام السياسي.

‏#كفى_تمويها‬
من جانبه، قال محمد العبودي المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن مراهقي السياسة لن يمرروا أي مرشح لرئاسة الوزراء رغمًا عن الشعب. وقال العبودي في بيان "إلى المراهقين في السياسة.. لا تستطيعون تمرير أي مرشح لرئاسة الوزراء رغمًا عن الشعب ولا تجرؤون على تسمية الكتلة الأكبر حسب مصالحكم، حتى إن كل واحد منكم يرميها بحجر صاحبه خوفًا ورعبًا.. خسرتم شعبكم ومستقبلكم إن كان لكم مستقبل.. فأين أنتم من السياسة؟".

متظاهرو ساحة التحرير في بغداد يتهيأون لعبور نهر دجلة إلى المنطقة الخضراء

وكان الصدر دعا السبت الماضي كتلة البناء ووزير التعليم العالي قصي السهيل قائلًا "أحقنوا الدم العراقي واحترموا أوامر المرجعية واحترموا إرادة الشعب، واحفظوا كرامتكم، هو خير لنا ولكم وللعراق أجمع". &

تأتي هذه التطورات فيما تتصاعد منذ الأول من أكتوبر الماضي حركة شعبية غاضبة اندلعت احتجاجًا على الفساد والبطالة وتردي الخدمات وللمطالبة بإسقاط النظام ورفع القبضة الإيرانية عن البلاد. ولجأت السلطات والميليشيات الموالية لإيران إلى العنف المفرط لقمع المحتجين، ما أسفر عن مقتل 473 متظاهرًا وإصابة 22 ألفا آخرين لحد الآن، إضافة إلى خطف واغتيال العشرات من الناشطين، إلا أن سياسة الموت هذه لم ترهب المتظاهرين المصرّين على سلمية احتجاجاتهم.