مع هروب الرئيس السابق لشركة نيسان كارلوس غصن إلى لبنان، تواجه العلاقات اللبنانية - اليابانية اختبارًا بالغ الدقة في الأيام القليلة المقبلة. فما هي أبرز التداعيات لهروب غصن على العلاقات اللبنانية - اليابانية؟.

إيلاف من بيروت: قال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا، إن بلاده على اتصال بلبنان ودول أخرى معنية في ما يتعلق بخروج كارلوس غصن، الرئيس السابق لشركة نيسان للسيارات، من اليابان.

وأضاف سوغا خلال مؤتمر صحافي أن اليابان أبلغت لبنان بأن خروج غصن يدعو للأسف، وأنها ستسعى إلى التعاون في سبيل كشف الحقيقة.

وحصلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، على صورة للصندوق الذي اختبأ فيه كارلوس غصن، من أجل الهروب من اليابان إلى تركيا، قبل أن يغادرها صوب وجهته النهائية في لبنان.

تكشف الصورة أن غصن المتهم بقضايا فساد في اليابان، جرى تهريبه في صندوق يستخدم عادة لشحن المعدات الموسيقية مثل مكبرات الصوت خلال المهرجانات الفنية.

وأورد المصدر أن ثقوبًا جرى إحداثها في أسفل الصندوق حتى تتيح لغصن أن يتنفس، خلال نقله إلى مطار في أوساكا، وسط البلد الآسيوي.

وحين وصل غصن إلى تركيا، استقل طائرة خاصة أخرى واتجه إلى لبنان، مما دفع السلطات التركية إلى فتح تحقيق ومسح البصمات الموجودة على الصندوق. ومع هروب غصن تواجه العلاقات اللبنانية - اليابانية اختبارًا بالغ الدقة في الأيام القليلة المقبلة.
فما هي أبرز التداعيات لهروب غصن على العلاقات اللبنانية - اليابانية؟.

يؤكد الخبير في الشؤون الدبلوماسية رياض أبو جودة لـ"إيلاف" أنه "ليس بين لبنان، التي نشأ بها غصن ويحمل جنسيتها، واليابان معاهدة تسليم مطلوبين، وليس من الواضح ما ستتبعه الحكومة اليابانية في مفاوضاتها الدبلوماسية".

يضيف: "إنه يجب على المسؤولين في لبنان تهيّب ما حصل والاستعداد لتداعيات "الضربة القوية" التي تلقاها الأمن الياباني الذي لن يسكت عن فرار رجل الأعمال اللبناني".

ويتابع: "أن لبنان سيتعامل مع أي طلب ياباني وفق الأصول المعمول بها في القانون الدولي، مع حرصه على عدم توتير العلاقات مع اليابان نظرًا إلى دورها المساعد في عدد من الحقول الإنمائية والزراعية، وموقعها المؤثر في البنك الدولي بصفتها دولة مانحة.
ويلفت إلى أن الحكومة اللبنانية الجديدة والتي من المفترض أن تبصر النور قريبًا تستعد لخوض مفاوضات مع البنك الدولي لمساعدة لبنان علي معالجة مشكلة السيولة والتعثر الاقتصادي والمالي.

وسائل الإعلام
ونددت وسائل الإعلام اليابانية، بمن وصفته بـ"الجبان" كارلوس غصن، قائلة إنه فر إلى لبنان لتجنب محاكمته في اليابان.
وذكرت صحيفة "يوميوري شيمبون" أن "الهرب عمل جبان يهزأ من النظام القضائي الياباني"، مضيفة أن غصن "خسر فرصة إثبات براءته والدفاع عن شرفه".

أما صحيفة "طوكيو شيمبون" الليبرالية فكتبت أن تصرفات غصن جعلت من النظام القضائي الياباني مهزلة.

وكتبت الصحيفة أن "المتهم غصن يصر على أنه فر من الاضطهاد السياسي، لكن السفر إلى الخارج من دون إذن مخالف لشروط الإفراج عنه بكفالة ويهزأ من النظام القضائي الياباني". أضافت: "هناك احتمال كبير بعدم إجراء المحاكمة وحجته بأنه يريد إثبات براءته هي الآن موضع شك".

أما صحيفة "سانكي شيميون" المحافظة، فأشارت إلى أن المدعين يعتقدون أن القضاء الياباني خضع لـ"ضغط خارجي" لمنح غصن كفالة.

وفي بيروت، أفاد مسؤول في المكتب اللبناني لمنظمة "الإنتربول" بأن في وسع الحكومة اليابانية الطلب من المنظمة استرداد غصن وعلى السلطات اللبنانية المختصة القيام بذلك.

وقال إن اللجوء إلى هذه المنظمة مرده عدم وجود اتفاقية استرداد للتعاون القضائي بين لبنان واليابان. إلا أن مسؤولاً لبنانيًا بارزًا رسم سيناريو لكيفية التعاطي مع طلب الاسترداد الياباني المحتمل، قائلًا إنه يجب التأكد مما إذا كان ينطبق على مواصفات الاتفاقية الموقعة مع لبنان لمكافحة الفساد، وهي الاتفاقية المتوقع أن تلجأ إليها طوكيو لطلب تسليم غصن تمهيدًا لاستكمال محاكمته.

تابع المسؤول أنه يجب الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى قد تؤثر على القضية مثل شكوى غصن نفسه مما عاناه في السجن في اليابان وشكواه من التعاطي القاسي وغير الإنساني، بحسب وجهة نظره، وهو ما دفعه إلى الهرب من "نظام قضائي ياباني متحيز حيث يتم افتراض الذنب"، وفق بيان أصدره غصن بعدما أصبح في بيروت، مؤكدًا أنه لم يعد "رهينة" وأنه لم يهرب من العدالة بل "حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي".