تتجه الحكومة البريطانية لتخصيص مبلغ ملياري جنيه إسترليني لصالح حكومة أيرلندا الشمالية، في مسعى لدعم اتفاق تقاسم السلطة في الإقليم البريطاني.

وكان برلمان إيرلندا الشمالية عاد للانعقاد يوم السبت بعد انقطاع لمدة ثلاث سنوات. وحلّ كلّ من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ونظيره الأيرلندي ليو فارادكار ضيفين على بلفاست، اليوم الاثنين، حيث اجتمعا برئيسة حكومة أيرلندا الشمالية أرلين فوستر، زعيمة "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، ونائبتها ميشيل أونيل، عن حزب "شين فين".

وتأتي زيارة الزعيمين البريطاني والأيرلندي لإظهار الدعم للاتفاق الجديد لتقاسم السلطة، في وقت تعود فيه الحكومة، التي تمثل خمسة أحزاب في أيرلندا الشمالية، إلى تسيير الخدمات العامة ووزارات الإقليم.

وكان جونسون قال، يوم أمس الأحد، إن السياسيين المحليين قد "أظهروا قيادة حكيمة" بقبولهم "صفقة متوازنة وعادلة لصالح الجميع في أيرلندا الشمالية"، في حين أثنى فارادكار أيضاً عليهم لاختيارهم "وضع الشعب الذي يمثلونه أولاً، وتقديم تنازلات للتوصل إلى اتفاق".

دعم مالي ضخم

ووفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الجمعة، تقوم الخزينة البريطانية بتقديم نحو مليارَي جنيه إسترليني إضافية إلى الخدمات العامة في الإقليم. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن الحكومة "ستدعم بقوة" احزاب برلمان ايرلندا الشمالية الذي يحمل اسم (ستورمونت) في حكومة تنفيذية جديدة لتقاسم السلطة.
وقال جونسون: الأمر لا يتعلق بالمال بل بالقيادة، مشيرا إلى أنه شعر أن "يد المستقبل تليق بنا جميعًا إلى الأمام".

جونسون ووزير شؤون ايرلندا الشمالية مع رئيسة حكومة بلفاست ونائبتها

وقال جونسون في مؤتمر صحفي: "إن ما هو عظيم في هذا اليوم هو أن السياسيين في أيرلندا الشمالية قد وضعوا الخلافات جانباً واكدوا عزيمتهم القيادية".

وأضاف: "هذه فرصة للحكومة والتنفيذيين في أيرلندا الشمالية لتسليمها إلى شعب أيرلندا الشمالية." وقال رئيس الوزراء إن هذه فرصة "لتحقيق أولويات الشعب" فيما يتعلق بالصحة والتعليم ومكافحة الجريمة.

ومن جهته، قال رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار إن اتفاقية الجمعة العظيمة "تعمل من جديد"، وأضاف: "التعاون بين الشمال والجنوب الإيرلندي سيستأنف. وسنقوم بتعزيز وتعميق التعاون."

اتفاقية بلفاست

يشار إلى أن اتفاقية بلفاست التي يطلق عليها اسم (اتفاقية الجمعة العظيمة) أو اتفاقية (ستورمونت) كانت هي التطور السياسية الرئيسي في عملية السلام في ايرلندا الشمالية.

وقد وقعت الاتفاقية في بلفاست، في 10 أبريل 1998 بين الحكومة البريطانية والحكومة الايرلندية وأيدها معظم الأحزاب السياسية في ايرلندا الشمالية. وفي 23 مايو 1998 أيده الناخبون في استفتاء بإيرلندا الشمالية.

وفي اليوم نفسه، صوت الناخبون بشكل منفصل لتغيير الدستور بما يتناسب مع الاتفاقية. وكان الحزب الديموقراطي الوحدوي (DUP) هو الحزب الكبير الوحيد الذي عارض الاتفاقية. ودخلت الاتفاقية في حيز التنفيذ في 2 ديسمبر.

جونسون وفاراكارد يتحدثان لقادة ايرلندا الشمالية

وتعتبر اتفاقية الجمعة العظيمة بكل المقاييس حدثا تاريخيا بالنسبة الى الصراع التاريخي بين البروتستانت المؤيدين للبقاء ضمن المملكة المتحدة أي على علاقة وثيقة مع لندن، والكاثوليك المؤيدين للاستقلال.

وأهمية الاتفاقية تكمن في كونها أرست تقاسما للسلطة بين النواب الكاثوليك والبروتستانت داخل المؤسسات التي تتمتع بشبه حكم ذاتي، وأنهت رسميا "التوترات" التي أسفرت عــن مقتل 3500 شخص على مدى ثلاثين عاما من الصراع العسكري والسياسي.