ساندرز، كوربن، وارن، اوباما، بايدن
BBC
(من اليسار) ساندرز، كوربن، وارن، اوباما، بايدن

يمر الحزب الديمقراطي الأمريكي في ما يشبه بأزمة هوية في الوقت الراهن ويتجلى ذلك بكل وضوح في المناظرات بين مرشحيه لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أواخر العام الجاري.

فهناك تباين واضح في مواقف كل من الجناح التقدمي في الحزب والذي يقوده كل من المرشحين بيرني ساندرز وإليزابيث وارن والتيار المعتدل أو التقليدي ممثلا بجو بايدن وأيمي كلوبوشار وبيت وبوتيجيج.

من هو المرشح اليساري بيرني ساندرز الذي يسعى لمنافسة ترامب؟

وفيما يلي مواقف كل من الجناحين من القضايا الأساسية:

الضرائب

تمثل الضرائب أهم وأكثر القضايا أهمية على الصعيد السياسي الداخلي في الولايات المتحدة. وعندما وصل الرئيس الأمريكي الديمقراطي بيل كلينتون إلى البيت الأبيض عام 1992 كان يحمل معه خطة طموحة لإلغاء العديد من الإعفاءات الضريبية التي أقرها سلفه الجمهوري رونالد ريغان. وأبقى كلينتون على الإعفاءات الضريبية للطبقة الوسطى من مرحلة ريغان. أما المرشحون الديمقراطيون في الوقت الحالي فهم أكثر إصراراً في تحقيق العدالة الضريبية.

المرشحة كلوبوتشار التي تصنف في خانة التيار المعتدل في الحزب تدعو إلى زيادة الضرائب على الشركات والمؤسسات الكبيرة لكن ليس بنفس المعدلات التي كانت سائدة قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وتدعو كلوبوتشار إلى فرض ضريبة بنسبة 30 في المئة على الأقل على أصحاب المليارات.

ساندرز
Getty Images
ساندرز يمثل اتجاها سياسيا جديدا لم تعرفه الولايات المتحدة سابقا

أما المرشح الآخر مايكل بلومبيرغ فيدعو ألى فرض ضريبة إضافية بنسبة 5 في المئة على كل يتجاوز دخله السنوي 5 ملايين دولار في إطار خطة لجمع 5 تريليون دولار.

لكن التغييرات الجذرية في المجال الضريبي مرتبطة ببرامج المرشحين في مجالي الصحة والتعليم.

فالمرشحة اليزابيث وارن تقترح ضريبة على جميع الثروات التي تتجاوز 50 مليون دولار سواء كانت عقارات أو أسهماً أو أي شكل من أشكال الثروة بهدف تمويل خططها الطموحة في مجالي التعليم والصحة.

وتمثل الاصلاحات التي أدخلتها رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت ثاتشر في هذا المجال القاعدة الاساسية في هذا المضمار.

وارن
Getty Images
الأكاديمية وارن تمثل التوجه التقدمي في الحزب الديمقراطي

الرعاية الصحية

هذا الموضوع هو أهم ما يشغل الناخبين الديمقراطيين وهو محور حوارات وإطلالات المرشحين الديمقراطيين في هذه الانتخابات.

وأوضح خلاف بين المرشحين في هذا المجال هو ما يطرحه كل من بيت بوتيجيج وبيرني ساندرز. فالأول يطرح نوعين من الضمان الصحي أحدهما تديره الحكومة يتنافس مع الضمان الصحي الذي يوفره القطاع الخاص، أما ساندرز فيطرح تقديم الرعاية الصحية من قبل الدولة حصراً وإلغاء أي دور للقطاع الخاص في هذا المجال.

وكانت وارن قد ساندت في بداية الأمر برنامج ساندرز في هذا المجال، لكنها تميل الآن إلى اعتماد سياسية الانتقال التدريجي إلى ما يدعو إليه ساندرز.

وكان الرئيس السابق باراك أوباما قد نظر في خيار توفير الحكومة الضمان الصحي عندما طرح برنامجه للضمان الصحي على الكونغرس عام 2010 لكن اعتُبر وقتها خياراً مبالغا به من الناحية السياسية.

أما الآن فجميع المرشحين الديمقراطيين يطرحون ذلك، رغم أن لا أحد منهم يطرح حصر الرعاية الصحية بالدولة على غرار النظام الصحي في المملكة المتحدة الذي يدافع عنه حتى رئيس الوزراء البريطاني المحافظ في الوقت الحالي بوريس جونسون.

الهجرة

كان الرئيس أوباما من أنصار اصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة ومنح المقيمين في الولايات المتحدة دون أوراق ثبوتية عفواً وتصحيح وضعهم بغية الحصول على الجنسية الأمريكية في نهاية المطاف.

كما أنه عزز تطبيق قوانين الهجرة وزاد من وتيرة ترحيل القادمين الجديد إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني والذين لهم سجل إجرامي.

ويدافع المرشح الديمقراطي جو بايدن عن سياسة أوباما في هذا المجال وتعهد بإعادة العمل بها في حال وصوله إلى البيت الابيض بعد إلغاء إجراءات ترامب المتشددة ضد المهاجرين.

وكان المرشح الديمقراطي جوليان كاسترو الذي انسحب من السباق قد دعا إلى إلغاء القانون الذي يجعل دخول الولايات المتحدة بشكل غير نظامي جريمة وتدعو المرشحة وارن إلى إعتماد ما دعا إليه كاسترو إضافة إلى إلغاء مراكز احتجاز المهاجرين التي تديرها الشركات الخاصة والوقوف إلى جانب المدن والبلدات التي انضمت إلى حركة "الملاذات الآمنة" التي ترفض التعاون مع السلطات الفيدرالية.

ويمثل السياسي البريطاني نايجل فراج، الأب الروحي لبريكسيت والعدو اللدود لسياسة الهجرة المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، نقيض كل يدعو إليه المرشحون الديمقراطيون في هذا الشأن.

السياسة الخارجية

من بين القضايا التي تطرق إليها الحوار بين ساندرز وبايدن خلال الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي سياسة الولايات المتحدة ودورها في الشرق الأوسط وانتشار القوات الأمريكية في المنطقة.

وكان الخلاف على أشده بين المرشحين، بايدن الذي رئس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لسنوات عديدة وأحد مؤيدي الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وساندرز الناشط من أجل السلام والذي عارض بشدة غزو العراق خلال مناقشة قرار غزو العراق عام 2002 في مجلس الشيوخ.

ورغم أن المرشحة الديمقراطية تولسي غابارد لم تشترك في الحوار لكنها الأعلى صوتاً في تمثيل التيار المعارض لسياسة التدخل الأمريكية في الخارج ضمن الحزب.

ومن هنا فإن غابارد تقف على يسار زعيم حزب العمال البريطاني الحالي جيريمي كوربن.

التجارة

احتضن الحزب الديمقراطي على مر التاريخ تياراً معارضاً للتجارة الحرة لكن الرئيس كلينتون تمكن من تحييد هذا التيار عام 1993 عندما أبرم اتفاقية نافتا للتجارة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك.

لكن الحزب يميل إلى اليسار بشكل أكبر منذ سنوات قليلة في مجال التجارة. فالمرشحة وارن تعارض على سبيل المثال اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ أما ساندرز فقد خطا خطوة أبعد من ذلك ويعارض اتفاقية نافتا الجديدة التي تفاوض عليها الرئيس ترامب.

أما مايكل بلومبيرغ فيمثل فهو من أنصار التجارة الحرة ويعتبر مرشحاً يغرد خارج سرب الحزب في هذا المجال وهو يعارض الحرب التجارية التي يخوضها ترامب ضد الصين ويدعو إلى إعادة التفاوض على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ .

بلومبيرغ
Getty Images
بلومبيرغ جعل ملف التغيير المناخي في مقدمة برنامج الانتخابي

البيئة

كان مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية عام 2000 آل غور خير من يمثل موقف الحزب من مسألة حماية البيئة وممثلاً لتيار أنصار حماية البيئة داخل الحزب.

فقد دعا آل غور خلال حملته الانتخابية إلى توفير الحوافز المادية وإغراءات واستثمارات حكومية في مجال التقنية النظيفة لمواجهة التغيير المناخي وغيره من المخاطر التي تهدد كوكب الأرض.

ما طرحه آل غور وقتها يكاد لا يذكر مع "الاتفاقية الخضراء" التي يلتزم بها جميع المرشحين الحاليين. وقد جعل كل من المرشحين بلومبيرغ وتوم ستاير موضوع التغيير المناخي على رأس برنامجهما الانتخابي.