تونس: استقر الزوجان الفرنسيان باستيان وأودري لوران في جزيرة جربة في الجنوب التونسي لقضاء أيام الحجر الصحي بدون أن يعلما تاريخ ومكان الوجهة القادمة على غرار أمثالهم من الرحالة الذين يجوبون العالم فيما دخلت دول عديدة في فترة إغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا.

تقول أودري "وصلنا في منتصف كانون الثاني/يناير بعد ان جُبنا إيطاليا وكانت الجائحة قد بدأت للتو".

يسافر الزوجان برفقة ابنيهما (سبعة وتسعة أعوام) منذ العام 2017 بعد أن باعا كل شيء يملكانه و قرّرا الدخول في مغامرات الترحال من بلد الى آخر.

مع وصولهما الى تونس بدأ فيروس كوفيد-19 بالتفشي في أوروبا وانطلقت رحلتهما في تونس بزيارة ينابيع المياه الساخنة في مدينة "قربص" (شرق) ثم سواحل جزيرة "قرقنة" وصولا الى الصحراء التونسية بالجنوب ووثقا الرحلة بصوّر نشراها على موقعهما "ها نحن هنا".

بالموازاة مع ذلك، شرعت السلطات التونسية بأخذ تدابير وقائية تدريجية للتوقي من انتشار المرض في البلاد بغلق الحدود الجوية والبرية والبحرية وحظر التجمعات وفرض اخضاع العائدين من الخارج الى الحجر الصحي لأسبوعين.

"أدركنا ان حياة الترحال أصبحت معقدة لذلك عدنا الى جرية" الجزيرة السياحية التي غادرها السياح حيث وجدا أصدقاء.

تقول أودري "قررنا العودة قبل ان تفرض الحكومة الحجر الصحي لأننا لا نريد المواصلة وهناك فرضية ان نكون حاملين للفيروس وامكانية نشره في مناطق".

وتتابع "نحن من الأوائل الذين يدافعون عن فوائد السفر، لكن يجب ان ندرك متى نتوقف".

-"لا مجال للتذمر"-
استأجر الزوجان بيتا متواضعا بالقرب من البحر لضمان التزود بالماء قبل ان تشدد الحكومة التونسية اجراءات التنقل للحد من انتشار العدوى في 22 آذار/مارس الفائت.

تقول أودري التي تحرص على نشر مقاطع الفيديو، إن مكان سكنها المقابل لزرقة البحر الأبيض المتوسط "رائع صراحة لا مجال للتذمر". بدوره يرى باستيان أنه "لأول مرة سنقضي وقتا طويلا في نفس المكان وسنواصل العيش في الخارج والنوم معا".

قرّر الآلاف من الفرنسيين مغادرة تونس في رحلات خاصة وينتظر بضعة عشرات آخرين دورهم بصعوبة لأنه لم يعد هناك رحلات مبرمجة ولا سفرات بحرية.

تؤكد أودري "نحن لا نرغب في ترك العربة، كما أننا لا نملك بيتا في فرنسا...السلطات التونسية نشطة جدا وهذا يطمئننا".

أحصت المؤسسات الصحية في البلاد أكثر من 600 إصابة بفيروس كورونا وتوفي 24 شخصا ولكن عدد الفحصوات يبقى محدودا.

-خطوة تضامنية-
يقضي عدد من الرحالة فترة الحجر الصحي في عدد من أنحاء العالم ويتشاركون قصصهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي منهم من استقر في اسبانيا والمغرب وكذلك في اندونيسيا والبيرو وفي جنوب تايلاند وأستراليا.

بينما فضل آخرون الرجوع الى مسقط الرأس على غرار كيم مصممّ الغرافيك وماريان المترجمة واللذان يعيشان في شاحنة مجهزة منذ العام 2017 وخيّرا البقاء في جنوب فرنسا بالقرب من العائلة.

وتقول ماريان ميدينا الناشطة في صفحة "السفر طيلة الوقت" في موقع يوتيوب "نفكر في الذهاب الى المغرب في أيلول/سبتمبر القادم، ولكننا لسنا متأكدين من ذلك".

بادر كيم وماريان في خطوة تضامنية الى إعداد خارطة للدول الأوروبية وضعوا فيها عروض التنقل والأماكن الشاغرة لتمكين الرحل الذين يواجهون مشاكل من الحصول على معلومات في خصوص الأماكن التي يمكن الاستقرار فيها.

وتوضح ماريان "طردت الشرطة أصدقاء لنا استقروا بالقرب من نافورة ماء في فرنسا، يجب أن نقدم المساعدة للذين لا يملكون مكانا آخر يستقرون به سوى شاحناتهم المخصصة للتخييم".

تمكنت ماريان من الحصول على ستين طلبا من عائلات والعديد من الشبان ومئتي عرض لأماكن في فرنسا وبلجيكا واسبانبا واليونان.

ويعتبر باستيان وأودري اللذان يحصلان على المال من بيع الصور ومقاطع الفيديو وتقارير الى وكالات الأسفار أن "نمط عيش الرحل سيكون معقدا بما في ذلك الجانب الاقتصادي" مستقبلا.

من الصعب معرفة متى تنتهي مدة الحجر وكذلك موعد إعادة فتح الحدود.

تتوقع أودري بتفاؤل أن "يتم الإبقاء على مدة الحجر الذاتي لاسبوعين عند دخول كل دولة لفترة ما".