روما: سجلت إيطاليا الأحد 174 وفاة جديدة بكوفيد-19 خلال 24 ساعة، في حصيلة هي الأدنى منذ بدء الحجر الذي من المقرر البدء بتخفيفه الاثنين.

واعلن رئيس الحكومة جوزيبي كونتي الحجر ليلة 9-10 آذار/مارس، شارحا لـ60 مليون إيطالي أن هذا الإجراء الذي كان طبّق في شمال البلاد قبل ذلك بيومين، هو السبيل الوحيد لاحتواء الوباء.

وأودى الفيروس بنحو 29 ألف شخص في البلاد، وفق المعطيات الرسمية. لكن الأرقام تظهر تحسّن إدارة الوباء خلال الأسابيع الأخيرة مع تراجع الضغط على النظام الصحيّ.

وشجع ذلك السلطات على تخفيف الحجر على السكان لاستئناف عجلة الاقتصاد المتضرر بشدة.

لكن يبقى الاستئناف حذرا، اذ لا يشمل محلات البيع بالتجزئة والحانات والمطاعم، مع استمرار تشجيع العمل من المنزل ومنع التجمعات العائلية، وإن كان يسمح بزيارة الأقارب المقيمين في المنطقة نفسها، وإبقاء التباعد الاجتماعي خصوصا في وسائل النقل المشترك، واستمرار حظر زيارة الحدائق.

ووفق كونتي، يفترض أن يعود 4,4 ملايين موظف إلى أماكن عملهم، كما سيسمح بالابتعاد من المنزل للتنزه وركوب الدراجة أو ممارسة الرياضة.

مع ذلك، تواصل السلطات الصحية تحذير السكان من خطر حدوث موجة عدوى ثانية قد تذهب بالمكتسبات المحققة.

وقال رئيس خلية الأزمة دومينيكو أركوري لمواطنيه السبت "أناشدكم، كونوا حذرين"، واعتبر أن التخفيف سيوفر "حرية نسبية". وأضاف متوجها للإيطاليين "هذا رهن بكم".

وتشير جميع الأرقام إلى ان الوضع تحت السيطرة، خصوصا مع تسجيل أدنى عدد من المرضى في الإنعاش (1501) منذ 13 آذار/مارس، واقتراب تراجع عدد المصابين إلى ما دون عتبة 100 ألف.

القلق والإرباك سيّدا الموقف

يقضي الإيطاليون الأحد آخر يوم لهم في ظل الإغلاق الشامل، لكن التخفيف الجزئي لتدابير مكافحة كورونا المستجد بعد شهرين من فرضها يتسبب بحالة قلق وإرباك بدلا من الارتياح والسعادة.

وعرقلت القواعد التي غلبت عليها الضبابية محاولات السكان في أنحاء البلاد وضع خطط لأول أيام استعادتهم حريتهم. ووضعت الحكومة قائمة للأنشطة المسموح بها، لكن المناطق تضع في الوقت ذاتها قواعد خاصة بها.

وأعرب عامل النظافة البالغ 53 عاما بيترو غارلانتي بينما كان ينتظر دوره تحت الشمس خارج كشك وسط العاصمة عن أمله بأن توضح وسائل الإعلام القوانين الجديدة وقال "أريد أن اصطحب والدتي إلى الشاطئ، هل يمكنني ذلك؟".

وفي المرحلة الأولى التي تبدأ الاثنين، سيكون بإمكان سكان إيطاليا البالغ عددهم 60 مليونا التنقّل بحرية أكبر ضمن مناطقهم لزيارة أقاربهم والتوجّه إلى الحدائق التي سيعاد فتحها مع أطفالهم وركوب الدراجات الهوائية والركض في أماكن أكثر بعدا عن منازلهم.

لكن لن يكون ممكنا القيام بأي من تلك النشاطات ضمن مجموعات، لذا فإن الحظر لا يزال ساري المفعول في ما يخص الجلسات العائلية الكبيرة على مائدة الغداء مثلا.

لكن كل سلطة في أقاليم إيطاليا الـ20 وضعت تفسيراتها الخاصة بشأن الإجراءات. ورفع اثنان منها، فينيتو وكالابريا، إجراءات الإغلاق في وقت مبكر، حيث تم افتتاح الحانات والمطاعم الخارجية هذا الأسبوع.

وتدرس سلطات ليغوريا السماح للسكان بالإبحار في مجموعات صغيرة بينما تعيد فتح شواطئها. والأمر ذاته ينطبق على إقليم مارجي، ولكن لغرض التنزه فحسب وليس للاستماع بالشمس. أما سلطات إقليم إميليا رومانيا فأبقتها قيد الإغلاق حتى في وجه أولئك الذين يعيشون قرب الشاطئ.

وتقول ميشيل ماغنا البالغة من العمر 37 عاما لفرانس برس "كنا نتحرق ليوم الرابع من الشهر. والآن بعد أن وصل، أصبنا بخيبة أمل. سأبقى أشعر بالارتياب من أنني أخرق القوانين إلى أن يقولوا لي أنني بت حرة حقا".

قلق للغاية

وأصاب رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الكثيرين بالحيرة الزائدة بعدما قال لمواطنيه إن بإمكانهم زيارة الآخرين مستخدما كلمة يمكن فهمها على أنها إما تعني الأقارب المقربين أو من يرتبطون بقرابة دم فحسب حتى لو كانت بعيدة.

ثم ما لبث أن حاول التوضيح بالقول إن ذلك يشمل الأشخاص الذين لديهم "علاقات من المودة الثابتة". فتساءل الكثيرون عما إذا كان ذلك يشمل العشاق والأصدقاء والخطاب.

وأجبرت الحكومة السبت على نشر لائحة أسئلة وأجوبة تحدد أشخاصا يمكنهم رؤية أقارب اكثر بعدا بينهم، على سبيل المثال، أطفال أبناء عمومتهم. لكن الأصدقاء، بمعزل عن قوة العلاقة، كانوا خارج الحسابات.

وتقول المعلّمة أليسندرا كوليتي إنه قد يتم استغلال هذا الخلل "ذريعة من قبل عديدين بأنه يشمل الجميع".

وتأمل الحكومة أن يؤدي تخفيف إجراءات الإغلاق الأطول في العالم إلى إعادة دوران عجلة الاقتصاد المعطلة.

وظهرت بوادر مشجّعة أخرى الأحد لجهة السيطرة على الوباء. فسجّلت إيطاليا 174 وفاة جديدة بالفيروس، في أدنى حصيلة منذ فرض الإغلاق في العاشر من آذار/مارس.

لكن كونتي حذر من أنه سيتابع الوضع من كثب لمعرفة ما إذا كان الفيروس سيتفشى مرة أخرى، ويبدو على استعداد لفرض عمليات إغلاق مناطقية إذا لزم الأمر لوقف عودة وباء أودى بما يقرب من 29000 شخص.

وأبدى البائع تيزيانو مازولي خشيته من عواقب ما قد يحصل قائلا "أنا قلق للغاية من استئناف الانشطة. لا أثق بأن الناس سيتصرفون بمسؤولية".

أما دويليو ديليغانتي (38 عاما) فقال إنه قلق بشأن الكيفية التي سيتمكن عبرها الأطفال من التأقلم مجددا كما هي الحال مع ابنه البالغ ثماني سنوات.

وقال "كنا في الخارج الليلة الماضية نركب دراجتينا في ساحة فارغة عندما انحرف فجأة بشكل كبير لتجنب رجل وكلبه، وسقط. وقال إنه يخشى الاقتراب منهما اذ قد يكونان مصابين بالفيروس".

وأضاف "سيستغرق الأمر بعض الوقت إلى أن نصبح مهيئين نفسيا حقا لانتهاء الإغلاق".