تايبيه: سلط تفشي وباء كوفيد-19 الضوء على إقصاء تايوان من منظمة الصحة العالمية، مثيرا خلافا دبلوماسيا بين الصين وبعض القوى الغربية.

يدعو عدد متزايد من الدول على رأسها الولايات المتحدة إما إلى ضم تايوان إلى أعضاء منظمة الصحة العالمية، أو السماح بمشاركتها فيها بصفة مراقب.

ومن المرجح أن يشتد هذا الخلاف خلال جمعية الصحة العالمية، هيئة القرار في المنظمة، التي تنعقد الأسبوع المقبل عبر الفيديو في ظل تفشي وباء كوفيد-19 هذه السنة.

- ما هي الاسباب خلف إقصاء تايوان؟

كانت تايوان، المعروفة بجمهورية الصين بحسب التسمية الرسمية، من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الصحة العالمية عند إنشائها عام 1948.

لكنها أقصيت منها عام 1972، بعد عام على إقصائها من الأمم المتحدة وانتقال مقعدها إلى جمهورية الصين الشعبية.

ويحكم نظامان متخاصمان الصين وتايوان منذ 1949 حين فر القوميون التابعون لتشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة بعد هزيمتهم أمام القوات الشيوعية بزعامة ماو تسي تونغ خلال الحرب الأهلية الصينية.

وتعتبر الصين تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتعتزم استعادتها بالقوة إن اقتضى الأمر.

وهي تندد بأي اعتراف دولي بتايوان كدولة ذات سيادة، وشددت في السنوات الأخيرة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية على الجزيرة. وشملت هذه الضغوط إقصاء تايوان من هيئات دولية مثل منظمة الصحة العالمية.

- هل كانت الأمور دائما على هذا النحو؟

لا. سمحت بكين بين 2009 و2016 لتايوان بالمشاركة بصفة مراقب في منظمة الصحة العالمية تحت تسمية "تايبيه الصينية"، في فترة كانت العلاقات بين الطرفين أكثر تقاربا.

لكن التوتر تصاعد مع انتخاب الرئيسة الحالية تساي إنغ-ون عام 2016، وهي تنتمي إلى حزب يعتبر تايوان دولة مستقلة وتعارض مبدأ الانتماء إلى "الصين الواحدة".

ولم تجد تايوان الكثير من الدعم الدبلوماسي لمطالبتها بالانضمام إلى الهيئات الدولية، غير أن الأمور تبدلت مع تفشي فيروس كورونا المستجد.

فوجدت الصين نفسها تحت المجهر وموضع مساءلة بشأن استجابتها لانتشار وباء كوفيد-19، وسط مزاعم بأن عمل حكومتها ساهم في تفشي الفيروس في العالم.

- ما الرهان خلف إقصاء تايوان؟

تقول تايوان ومؤيدوها إنه من غير العدل إقصاء 23 مليون تايواني من منظمة الصحة العالمية، وخصوصا في ظل أزمة صحية كبرى.

وهي تؤكد أن بإمكان قادة العالم والأطباء الاستفادة من خبرة الجزيرة في مكافحة الفيروس.

وقال نائب رئيسة تايوان تشين شيان جن، وهو عالم أوبئة درس في الولايات المتحدة، للصحافيين الخميس "لا ينبغي معاملة أي كان كيتيم في الشبكة الصحية التي يفترض بمنظمة الصحة العالمية رعايتها".

وأضاف أن "منظمة الصحة العالمية تعلق أهمية كبرى على السياسة وتتغاضى عن المهنية والحياد".

كما طرح إقصاء تايوان تساؤلات حول نفوذ بكين على منظمة الصحة.

واتهمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع منظمة الصحة بـ"اختيار السياسة على حساب الصحة العامة" بمراعاتها المفرطة للصين.

- ماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنه يعود للدول الأعضاء وحدها أن تقرر بشأن مشاركة تايوان، بموافقة "الحكومة المعنية"، في إشارة إلى بكين.

وهو ينفي أن تكون المنظمة منحازة للصين في عهده.

ويؤكد مسؤولون في منظمة الصحة أنهم على تواصل بانتظام مع تايوان، وأنه غالبا ما ينضم مسؤولون تايوانيون إلى الاجتماعات التقنية.

غير أن تايوان تتصدى لهذه الحجج مذكرة بأنها دعيت في الماضي لحضور اجتماعات منظمة الصحة العالمية بقرار من المدير العام السابق.

وترى أن من واجب المدير العام الحالي على صعيد الصحة العامة أن يتصدى لإرادة بكين في إقصاء الجزيرة.

وأوضحت المنظمة لاحقا أن بإمكان مديرها العام توجيه دعوة إلى تايوان في حال الإجماع بين الدول الأعضاء، وهو ما لا يتوافر حاليا.

- هل تحصل تايوان على ما تطلبه؟

من غير المرجح أن تلقى مطالب تايوان استجابة.

فالجزيرة لا تحظى سوى باعتراف 15 دولة، معظمها دول صغرى من أميركا اللاتينية والمحيط الهادئ لا وزن اقتصاديا لها.

ولا ترغب الغالبية العظمة من الدول الـ194 الأعضاء في منظمة الصحة العالمية بإثارة غضب بكين. وهذا ما فشل طلبا قدمته تايوان عام 2007 لعضوية المنظمة.

غير أن أي اعتراف بتايوان كدولة ذات سيادة تعتبره الجزيرة صفعة لبكين.

وفي هذا السياق، حققت تايوان نجاحا كبيرا في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد، إذ انضمت أستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا في الأسابيع الأخيرة إلى الولايات المتحدة للمطالبة علنا بمنح تايوان وضع مراقب في منظمة الصحة العالمية.

وهذا ما أثار استياء بكين التي اتهمت الحكومات الغربية باستخدام تايوان ورقة لتحويل الانتباه عن الثغرات في تحركها لمكافحة الوباء العالمي.